4-السباحة على شاطئ المعرفة بعيداعن العمق مخاطرة: إن التبحر في عمق بحر التأمل الفكري و التساؤل المعرفي بعيدا عن عدمية التجديف الهرطقي المستهدف للحقيقة الغائبة وبعيدا عن عبثية التعنت الوثني الذي يتشكل رمزيا في شتى الأشكال حسب سياق الزمان والمكان, أفضل بكثير من الاكتفاء بالسباحة على شاطئ الضحالة الفكرية حيث تتكسرأمواج عدم الإجابة لدحرجة قوقعات الأسئلةمع رغوة زبدالحيرة .ويبقى التركيز على الأسئلة الكونية المصيرية الكبرى خطوة إيجابية ستمنحنا شعلة الحكمة كي نمشي بها في ظلام الحيرة لتوصلنا إلى محطة الحقيقة.يسخر الفيلسوف بيكون من السطحية في التعامل مع القضايا الكونية . وتبقى الصفحة البشرية العقلية الفارغة التي تتوغل في متاهات فكرية أكبر من مستواها معرضة دماغها للغسيل أو للدوران في حلقة مفرغة.فيفيض سطل المعلومات على جوانب الذهن السطحي الذي يطفو على سطح الشاطئ المعرفي, لأن القدرة الإستيعابية لا تتلاءم مع المقام المتطلب للشروط الموضوعية لفهم الموضوع الكوني بموسوعية أكثر اتساعا.إن جهازالإدراك ووعاء المعطيات غالبا ما يصابان بالعطب إذا أصبحا شبعانين فلا يستطيعان التحرك قيد انملة لاستقبال رصيد آخرمن التمثلات التصحيحية لإغناء بنك تواصلهما مع الأسئلة المصيرية الحرجة لحياتهما ومماتهما.وباب الانطلاق من جديد للمراجعة الذاتية ينغلق على ذاته ليصرخ بوق العناد في وجه كل من يقدم نصائحا للضال المصاب بفيروس فوبيا الدين الذي كسرت إيقاعه أمواج الفهم السطحي لينخرط في دوامةالارتبا ك وغيبوبة الجهل المركب بحيث أنه يعلن الإصرارعلى أنه يدري بكامل وعيه ويعلم علم اليقين لأنه نسيج وحده ولا يحتاج إلى خالق يخلقه.ولكنه يجهل بأنه لايدري. يبقى عاشق التجديف الهرطقي المحارب للحقيقة الغائبة/ المغيبة نموذجا لمنظومة بشرية مشتتة الانتماء.ناقصة الهوية يتيمة الأصل مثيرة للشفقة والرثاء.وإذا كان العاقل يراهن وينتظرمن هكذا نماذج تشرذمت وحدة أذهانها.فإنه سيقفز مثلهم كالبهلوان في ساحة التخلف المكرس من طرف الذين تجاوزهم التاريخ وهربت منهم معايير الواقع . وسيأتيه الخبر اليقين انطلاقا من احتكاكه مع تفاهة تفكيرهم أن فاقد البوصلة المنطقية لن يخبرك بالوجهة المعقولة أبدا بل سيزيد الطين بلة و سيورطك في منتدى السوفسطائية المتحجرة حيث يتكرر سيناريو الترديد الببغائي لمفاهيم لا علاقة لها بالتاريخ ولا بالحقيقة. فكما أن مطفئ الشموع يمنحك فرصة لعن الظلام عوض التعامل بموضوعية مع الواقع ومحاولة إشعال شمعة.كذلك حاصد الليل لن يمنحك سوى السراب والعمى وإبعاد إمكانية إيجاد قنديل الحقيقة لتهتدي ببصيص من نوره ولتمشي بواسطته على درب الأمل لالتقاط مشاهد المعنى الهادف. إن عاشق التحجر الالحادي سيقطع عنك خطوط الفهم بمغالطاته التي تدور في حلقة مفرغة وأحرى به ان يستقبلك كضيف كريم في رحاب الحقيقة ليرشد ك إلى طريق الحق وإن لم ترشده أنت يا صاحب العقل الناضج فمن سينقذه من ورطته؟ إذالم تبادرإلى تقمص الدور التنقيحي لكل ما من شأنه أن يشوه وجه المنطق لدى كل من يصر على انه محتكر للنهج المنطقي.وهو في العمق شخص بخيل في روحه,ضحل في تفكيره,فقير في فكره,سطحي في تصوره وضيقة آفاق وجدانه,بل كيف للأعمى أن يرشدك إلى الطريق الحقيقي وأنت في كامل قواك البصرية؟إن ذلك الشخص الذي يقدس العقل فيرى فيه المرشد الأعلى للطاقم التقني المشرف على إدارة منطقة الإدراك والمقياس المطلق لقياس مسافة المساحة التي تحتلها إمبراطورية الحقيقة مخطئ جدا لأن التاريخ والعلم نفسهما ساقا لنا أمثلة عديدة عن الخداع البصري للمادة والذي تمارسه على العقول المستلبة فينخدع الانسان بقدرات العقل الذي يخدعه في كل مرة حسب مقتضيات السياق الذي تتشكل إثره ميكانيزمات الوهم والتوهم المزود لصاحبه بطاقة اليقين المزيف بأنه على صواب وهو غير كذلك للأسف.فالحواس مثلا يستطيع السحرة الماهرون في خداعها ولهم في ذلك تقنيات تعتمد على الإيحاءوالاستيهام والتشويش الذهني والعزف على الوتر الحساس لنقط ضعف المهلوسين.إن هناك عواملا عدة تتضافر فيما بينها فتشوش على شاشة الإدراك النقي القادر على استحضار صورة الحقيقة الغائبة أو المغيبة قسرا بشكل كامل وكلي. إذن فالجاهل لا يمكن له تلمس مفاتيح الغيب كون عقله قاصرا أولا وكون عقله مبرمجا على رفض هذا الغيب الذي يهدده لأنه حسب تعبيره مستقبل مجهول والماضي مرحلة ميتة أصلا ولا يستطيع بذل ولاءه وإخلاصه إلا للحاضر كلحظة معاشة لا يمكن التضحية بمتعتها وتجاهلها بسبب الهوس بعالم إفتراضي لا وجود له- حسب تعبيره- الا في أوهام الخرافيين وذهنيات البدائيين.أما هو فيبقى في نظره مخلوق رقمي متطور وبيدق عقلي صعب في معادلة الإقناع والإقتناع.لأنه بكل بساطة يعشق احتكار الأضواء عبر الثرثرة التي لا تنقضي مع تجاهله أدبيات الهندسة الحوارية حيث يطرح فن الإنصات والاستماع نفسه بإلحاح.أما المتعنت في الاستهزاء بعالم الغيب والمؤمنين به فإنه لا يعدو كونه مغسول دماغ متشرذم الشخصية عقله مبرمج على رفض الحقيقة الغيبية حسدا من عند نفسه ورغبة منه في ختم مصيره بعد مغادرة الحياة بخاتم الشقاء الأبدي ليس إلا.فيفضل التبحر في علم القشور المادي والانسياق وراء موضة التمركس المنتهية الصلاحيةوالانكباب على ازدراد بقايا الداروينية لنصب البشاعة إلاها.وفضل أن يكون حفيدا للقرود عوض البشر,وحصر وجوده في دائرة ضيقة كونه مجرد وعاء هضمي وظيفته استقبال الغذاء ثم الارتماء في أحضان النفايات في آخر المطاف 5-العقل باعتماده الحواس خدعة للإدراك البشري : إن التصور المعرفي للعالم لا يأتي بالضرورة عبر قنوات الحواس فقط. لهذا فإن إدراك هذا العالم ليس ماديا قحا حتى لو افترضنا أنه منصب في موضوعاته على مظاهر مادية فقط. إن التعرف على أشياء العالم عند اصحاب الرؤية المادية لايتم إلاعبر قناة الحواس الملموسة من عين بصيرة وأذن مستمعة وانف يشم مختلف الروائح ويد تلمس ولسان يتذوق شتى النكهات إلخ. لكن علم البصريات الحديث أكد غير ذلك .إذ أن العالم لا يدرك بواسطة العين المجردة أو بالحواس العارية فقط ولكن العين كخطوة أولى تبقى مجرد آلة و عدسة تصوير تلتقط صورة الشيء لتدخله في الدماغ بشكل معكوس كما هوالشأن لدىالكاميرالفوطوغرافية. وقبل خروج الصورة وتحررها من قمقم الدماغ لابد لها من أن تمر بمراحل غربلة ضرورية مرورا بمصفاة ذهنية ونفسية لتصبح الصورة المدركة مرفوقة ببصمة صاحبها و جميع حقوق الطبع محفوظة لدى هيئات الفرادة البشرية في الهوية والاختلاف وتميز الشخصية الانسانية بعضها عن بعض في فهم الأمور وإدراك العالم .تصبح الصورة الباطنية جاهزة ومقبولة للتصديرنحو الخارج قصد ترويجها في سوق الإدراك بعدما صادقت عليها إدارة الإدراك العقلي والنفسي.أي أن الصورة التي يقول عنها الجاحدون لوجود الله أنها مادية محسوسة لم تعد كذلك لأنها في الأخير ليست سوى أطياف ضوئية نقية لوثتها أشباح الإنطباع الباطني بنكهتها الخاصة.ونتاج تشاركي بين ماهو عقلي معرفي منطقي وبين ماهوحدسي وجداني روحي أي أنها على العموم صورة: (حصة الأسد فيها تعود إلى ماهو معنوي غيبي) قبل كل شئء.بصمة انطباعية باطنية نسقطها على أشياء العالم لأنها انبعثت من داخل ذواتنا وبرؤيتنا الخاصة.وبالتالي تبقى الصورة التي قيل عنها أنها مادية مجرد موقف خاص بشخص ما وله علاقة بعالمه الباطني المجرد الغائب عن الرؤية البصرية.بحيث أن نفس الصورة يراها آخرون كثيرون لكن كل واحد له رأي خاص بها ويحكم عليها كل واحد من وجهته الخاصة ويدركها انطلاقا من مكتسباته المعرفية وتمثلاته الثقافية ومنطلقاته النفسية وقناعاته الذاتية, وكل ذلك حسب الذوق والتربية التي تلقاها داخل مجتمعه و أسرته و تفاعلت مع عالمه الخفي.إذن فالحقيقة الغيبية هي الأصل على العموم ما دام أن ما نراه ليس سوى انعكاس لأذهاننا من إدراك عقلي وانطباع نفسي ومجهود عصبي يحرك اليقين بالإعتقاد في صمت أن ما تراه العين هو كذا وكذا.ومقابل ذلك قد تتحرك الشفتان بدعم من اللسان ليصيحا بأعلى صوت:إنني أرى كذا وكذا 6- نظام الكون وانسجامه يثبتان مصداقية الدين ويدحضان التخريف الصدفوي للإلحاد: هناك من سقط في فخ الغرور المعرفي وخداع العقل فاتهم المؤمنين بالدين أصحاب العقيدة الإيمانية بأ نهم خرافيون بدائيون في تفكيرهم لكن هؤلاء المغرورين أنفسهم هم الخرافيون في الواقع بسبب شدة كبريائهم الأسطوري في التنازل عن تعنتهم الديماغوجي ولعدم اعترافهم بنقصهم ولافتخارهم الصبياني بقوة العلم الخارقة المزعومة والتي يوظفونها بشكل سوفسطي تلاعبي غرضهم من ذلك هو السخرية والإستهزاء المجاني.وثقتهم المثيرة للضحك متحدين في ذلك الدليل الواضح ونماذج بشرية فاقت مستواهم المعرفي في اكتشاف الحقيقة واعتناق الدين الصحيح في آخر المطاف.فيأتون وبشكل كاريكاتوري ليؤكدوا على أنهم أصحاب اليقين القطعي السائرين على درب الصواب المطلق في الوقت الذي يتبجحون فيه هم أنفسهم بنسبية الحقيقة ومحدوديتها. فتراهم يقذفون في أصحاب التفكير الإيديولوجي وهم أنفسهم أصبحوا عبيدا مختارين لأجندة خفية تروج لإيديولوجية سرية أو لبقايا فكر ميت أكل عيه الدهر وتقيأ.يتمنون من خلالها تفجير مكبوتاتهم وتحدي الطابوهات التي تقمع طموحاتهم الجشعة بمعية تحقيق أهداف بعيدة المدى,ومغنمهم من وراء ذلك هو تحقيق مجموعة من المصالح الشخصية الآنية مع تعويض الحرج الوجودي الذي أصابهم أوالصدمة النفسية التي تعرضوا لها وهم بصدد التصارع لأجل التخلص من أزمة ما ولربما أنهم كانوا مؤمنين في الأول بحيث أنهم كانوا يدعون الله في تلك اللحظة الحرجة فكفروا به لأن الله لم يسعفهم ويساعدهم في الوقت المناسب. لكن بما أن عقل الانسان قاصر والله في علمه مطلق,فإن العقل الانساني بسبب قصوره عاجز عن إدراك ذات الله مثلما يدرك الأشياء المحسوسة التي تدور في فلكه.علما أن الآثار الحاضرة في كل مكان تبلغه الأبصار تدل بوضوح على وجود الذات الغائبة.فمثلا,إن قراءتنا لكتاب عالم ميت مرت قرون على موته لا يلغي ملكيته وحقوق تأليفه للعمل الذي نحن بصدد قراءته. وغيابه عن بصرنا مجرد وهم نتوهمه على عدم وجوده وبالتالي فهذا الغياب الحاصل ليس أصلا دليلا على عدم وجوده الذي يحاول المتوهم فبركته.وكتابه هذا يدل على أن الكاتب كان موجودا في زمكان معين شئنا أم أبينا,على الرغم من أننا لا نستطيع النظر الى وجهه العزيز,وأنه التحق بموكب الغيب منذ قرون حيث الموتى يتمرغون في تراب القبور والدود قد حصل له الشرف في الانتعاش من لحمه وشحمه وعظمه.و مجرد أفكاره المنعشة للذهن داخل كتابه الذي انهمكنا في قراءته كافية لتخبرنا أنه حي يرزق في عالم آخر لا نستطيع إدراكه بكل بساطة لأن عقلنا أداة قاصرة عاجزة على اختراق حجب المستقبل وعالم الغيب.إن التواصل مع الكاتب المفقود عبرأفكاره في كتابه المذكور يلقي في ذواتنا يقينا أنه يتخاطر معنا ذهنيا أو أنه يتحدث إلينا همسا.و كما أنه من الصعب أن نحكم على أن هذا الكتاب بتناسق معانيه وانسجام أفكاره وتماسك لغته لم يكتبه إنسان مفكر كوننا لا نراه وأصبح في عداد الموتى بمعنى أنه منخرط في قاموس الغياب الذي لانشعر بمصطلحاته ولا نفهم المعنى الذي بداخله وبالتالي يتجرأ مأفون فاقد لبوصلة المنطق ليخبرنا بأنه رأى قروداكانت تلعب بالآلة الكاتبة صدفة بأصابعها وحركاتها البهلوانية اللاعقلية فأبدعت لنا هذا العمل التأليفي الرائع صدفة وفي هذا استهزاء بذكاء الذين ينصتون إليه واستفزاز لهم.كذلك من الصعب بمكان أن نقول بكل وقاحة أن السفينة الضالة في المحيط-حسب تعبير أبي حنيفة - قادرة على الاهتداء الى شاطئ الرسو بسلام تلقائيا وبدون ربان.ومقابل كل هذا نرى أنه من السذاجة بمكان أن نصرح بأن هذا الكون بضخامته المستمرة في التمدد جاء إلى الوجود هكذا صدفة وعبثامن دون صانع ولغير غاية.و بأن العمليات الطبيعية المتكررة في الحدوث والتي تتحرك في اتجاه دورة الحياة كالغذاء والنمو و التناسل إلخ...إنما تتحرك في اتجاه ضمان سلامة البشر واستمراريته وهذه الدورة الحيوية ليس كما يقول العدميون مجرد قوانين صوريةمن نوع خاص منبثقة عن مادة صماء لكن ذ كاءها عالي المستوى و أكثر من ذكاء البشر كما أن هذه المادة خارقة- حسب يقين التفكير المادي- لأنها تملك عقلا و دماغا واعيا تدرك بواستطهما أهدافها .وهذا لعمري استفزاز لذكاء الناس ومنتهى السذاجة والغباء.والمأزق الذي سقط فيه هؤلاء الماديون الاعتباطيون الذين يرفضون تسمية الأشياء بمسمياتها دون لف ولا دوران إنما يذكرني بالمأزق الرياضي والمعادلة المريخية لدى المسيحيين في ثالوث معتقدهم اللاهوتي:1=3 /3=1.مما أربك العقلاء المسيح فألحدوا حتى نقطة اللارجوع.وتوجهوا وجهة عزل دينهم عن معترك الحياة العامة في المجتمع أي أن هذه النخبةالتي أحرجها التفكير الديني المسيحي المزيف صاغت نداء العلمانية قصد التخلص من هكذا تخريف يعمد الى تزييف حقائق العلم.وإن تكرر عملية سقوط المطر في مواعيده المناسبة من خلال دورته المائية المعتادة لتلبية حاجيات الكائنات الحية من الماء كمادة حيوية تضمن استمرارية الحياة على وجه الأرض لو كانت من اختصاص البشر أو الجن لتأففوا ولاستقالوا من مهمتهم الكونية هذه بسبب عنصرالروتين الممل الكامن فيها والدقة التي تتوخاها إلى حد أنه لو ارتكب خلل صغير سيزج بالبشرية والعالم الحي في عياهب الاندثار.وليكن في علم من يتهم الارادة الالهية بصفة الشر بسبب الكوارث,أن هذه الأخيرة سببها طغيان جشع الانسان ومبالغته في تبديد ثروات الأرض الخامة وعدم ترشيد موارده الطبيعية.فالإحتباس الحراري مثلا والذي يسبب غليان الأرض بمادة اللافا فتكثر البراكين و الزلازل والامتدادات الفيضانية العملاقة ماهي إلا تحصيل حاصل لإستهتار الإنسان بمسؤوليته,بحيث لوث بيئته فدمر توازنها وفقدت الأرض إيقاعها المنسجم مع باقي عناصر الكون وأصبح كوكبنا مجنونا يتقيأ الكوارث لأن الإنسان سكران بالجشع وحب الاستزادة من الثروة 7-هل يستطيع غربال الوهم إخفاء شمس الحق؟ ما زلنا معكم مباشرة على بساط النقاش ومغازلة الحبر لينقاد إلى ما نصبو إليه من أفكارإبداعية قادرة على مواكبة ذبذبات موجة دحض عبث التجديف الهرطقي لأنه لا يلغي حقيقة وجود الله وكون هذا الجحود لا يساوي عند الله جناح بعوضة.لأن النملة مهما قرصت أصبع قدم العملاق فإن فعلها لا يأبه به أحد.وهل البرغوث في حاجة الى قنبلة لحذف وجوده؟ حتى لو سلطت الأضواء الساطعة على هذا البرغوث فمن ذا الذي سيلاحظ وجوده؟ ولنفرض جدلا أنك سلمت للبرغوث مكبرات للصوت فمن الذي سيسمعه؟هناك من الجاحدين لوجود الله من يستغل الدين لصالحه حينما يصل إلى مراكز الحكم في الوقت الذي يِؤكد فيه أن نكرانه لوجود عالم الغيب مسألة لا غبار عليها من منطلق ميكيافيلي يستبيح كل العقائد الإيمانية لأجل تكريس ما يريد تكريسه من خسة في الأهداف و استغلال البسطاء.فيكيل بمكيالين لتحقيق غايته الدنيئة بكل الوسائل المتاحة في إطار مشرعن مغلوط وذلك عبر جعل المتدينين حميرا يركب عليهم.كما أنه يستثمرإيمانهم كمطية سهلة للتحفيز المعنوي.وهذه الحافزية تنبثق عن تلك الطاقة الروحية التي ينفثها الدين الحقيقي المتمتع بالمصداقية في قلوب المؤمنين بتعاليمه.وحينما يأتي الميكيافيلي الملحد بقناعاته المغرورة وبرصيده العلمي الوهمي منتصراعلى صهوة السلطة لا يسع له سوى توظيف هذا الإيمان كعملة نادرة لقيادة الجماهير المخدوعة نحو تحقيق غاية تبدو عامة في ظاهرها لكنها لا تتجاوزنطاق جنونه الجشع و إرادته اللامعقولة.ومابين التأرجح بين اليقين المادي المغلف بغلاف الغرور العلموي واستغلاله المعنوي لكل ما هو غيبي/ديني : يتبلور تناقض ساخر يجسد غربالا وهميا يرغب في إخفاء شمس حقيقة الغيب الدالة على وجود الله.أما أبواق المتاجرين بالعقلانية المزعومة فيعتبرون الدين مجرد مخد رلا يساهم إلا في توريط العامة في الانخراط في سبات وهمي عميق يزودهم بلقاح الأمل للحفاظ على أدنى شروط التوازن النفسي.ومع كل هذه التصريحات المفبركة بإتقان سوفسطائي, ترى هذه الأبواق تتسارع في ارتكاب الفضائح حينما تغيرجلد مبادئها بشكل يرثى له فتوظف جرعة الإيمان الروحية كرأسمال للبسطاء من المواطنين لإيقاظ الشجاعة في الجماهير حينما ترى في ذلك وسيلة فعالة لتكريس مصالحها الشخصية و أنانيتها الجشعة المفرطة.ومن حين لآخر ترفع عقيرتها بضرورة فصل الدين عن الدولة لأن مصالحها الباجماتية وطموحاتها المجنونة لا تتناسب مع الفرامل الأخلاقية والضوابط الشرعية النابعة من الدين والقادرة على قمع الحرية الرعناء باستهتاراتها لدى المجانين بالسلطة وفي مفارقات هكذا سلوكات متناقضة تتجلى لنا جودة دناءة هذه النماذج الحربائية ورداءة معدنها,وسبب نكرانها لوجود الله حتى لا تحاسب على ما تفعل من جرائم .والتناقض كما هو معروف هو العنصر الخطير الذي يجهز على جوهرالنقاء النزيه وعنصرالحياد الموضوعي في الانسان ويزعزع مستوى التوازن في الذات التواقة الى الانسجام مع نفسها.كما أن التناقض يؤدي أيضا الى انقسام خلية الوحدة الباطنية وانشطارما بداخل الشخصية من معنى وجودي وتماسك بنيوي. مما يعني تكسر مرآة الهوية الى شظايا متشرذمة وفقدان بوصلة الانتماء.كما أن هذا التناقض يبعثر وحدة العقل فيرقد الأخيرعلى عرش الجنون كشعارأسمى. ويبقى مسك الختام لسؤال المجدفين المهرطقين المعرفي الكوني المصيري أن جوابه حسب ما يصرحون به يبقى مجرد قالب فارغ من أي معنى لأنه مقلوب على رأسه كونه انبثق عن وعي مغلوط وغرور تمردي مراهقاتي عماده مخالفة السائد ليس إلا والتجديف الهرطقي في الغيب لإطفاء شمعته التي لا تقبل الإنطفاء بأمر خالقها. وعندما ينهرق المعنى من قالب جوابهم النيء الفارغ والمقلوب على رأسه, تصاب عملية إلغاء وجود الله من قائمة الوجود بالإجهاض والبطلان.فيتحرك جرثوم التطفل الإلحادي نحو إلغاء ذاته تلقائيا بعدما أصيب بغيبوبة السقوط في الهذيان الثرثار.فينسحب رغم أنفه من خريطة الوجود المرئي ليصبح لا مرئيا وسيحاول جهد المستطاع التعلق بقشة التجلي والظهور عبر الطفو على السطح ليبقى على قيد البقاءوالتقاط ما تبقى له من فتات الأضواء لينخرط في مسلسل الاستمرارية كونه كائنا لاشرعيا خرج إلى الوجود بعملية قيصرية استعجلت أوان الولادة الناضجة.وعلى الرغم من تصارعه مع ذاته التي لم يتواصل معها بعد ليفهم متطلباتها ومقتضيات انسجامها مع الواقع الذي لا يترفع عن الحقيقة الغيبية, وعلى الرغم من معاناته الخطيرةوتعرضه للتهميش الرمزي من طرف المجتمع المتدين في أغلبيته, فإن المجتمع انطلاقا من عنجهيته سيعامله على أساس اللامبالاة كنكرة وكعنصر شاذ لا يؤخذ بعين الاعتبار لأنه لا محل له من الإعراب ولا يخضع للقاعدة التصنيفية العامة في الانتماء إلى مجموعة البشر الأسوياء في تقمص الهوية الحضاريةوالاعتراف بالحقيقة الكونية رغم غيابها عن الإدراك الحواسي الخادع حكيم السكاكي أحد مؤسسي المجموعة الغنائية الريفية الملتزمة إيمطاون [email protected]