" المستجد " , معناه حدوث شيء جديد ينم عن التغيير والتجديد . أي بتعبير تقليدي : الإنتقال من وضعية سيئة الى وضعية حسنة , أو الإنتقال من من الحسن الى الأحسن . ولكن وللأسف المستجد الذي زعزع ثقة مربيات التعليم الأولي اللواتي يشتغلن داخل المدارس العمومية في إقليمالحسيمة كان كصفعة مدوية على وجوههن اللتي أعياها الترقب والانتظار . إنتظار أن تتحسن وضعيتهن المادية والمعنوية . هؤلاء المربيات و فيهن القديمات اللواتي حملن على عاتقهن أوزار هذا القطاع في الوقت الذي لم تجد له وزارة التربية الوطنية حلا قانونيا وأخلاقيا بما يحققه على أرض الواقع بدلا من التشدق به وثائقيا في المحافل الدولية . هؤلاء عملن في ظروف مزرية . في ظروف بعيدة عن شروط الكرامة الإنسانية . وكن دائما يعاملن على أنهن كائنات من الدرجة الثانية . بالرغم من أنهن اللواتي يضعن أساس الأطفال الذين سوف يكبرون ويصيرون أطرا وكوادر ومهنيين وأطباء ومهندسين ... الخ مستقبلا . وقد وضعن فعلا أساس رجال ونساء كثيرين . دون انتظار مقابل كبير . وعوض تكريمهن والإعتراف بجميلهن أصبحن مهددات في حقهن الدستوري في الشغل بفعل ذلك " المستجد " . يعتبر الخطاب الملكي أسمى وثيقة قانونية . وينهل منه الكثيرون أرضية قانونية ليبدعوا مشاريعا ذات طابع تجريبي قد تكون ناجحة أوفاشلة , وفي كلتا الحالتين تدر من المال الكثير على أصحابها الرسميين أو المدنيين والذين يسترزقون في كنفهم . وكذلك كان خطاب الملك الأخير. تكلم فيه عن تأهيل التعليم الأولي وإدماجه في حضن التعليم العمومي. وقد كانت إرادة الملك واضحة . ولكن السلطة التنفيذية ركزت على الإطار وتجاهلت عمق ومعنى كلامه الذي تكلم عن التعميم وعن المجانية وعن التجويد , هذا الثلاثي الذي لا يمكن أن يتحقق بدون إشراك الموارد البشرية ألا وهي المربيات . بينما آخر من وصلته حرارة هذه النار هن المربيات أنفسهن . وذلك في بداية هذا الموسم الدراسي , أوصل الخبر المشؤوم إليهن مدراء المدارس التي يشتغلن داخلها في أقسام التعليم الأولي بموجب شراكات تعقد بين الأطراف المعنية . " إن وجودكن أصبح غير قانوني ! .." هذه هي العبارة التي نثرت في وجوههن مثلما ينثر سم قاتل في الأرجاء , بكل بساطة . عجبا , ومتى كانت وضعية المربيات قانونية ؟ ! . الشراكات التي تعقد لا تحميهن أبدا , لا تحمي سوى الطرف الآخر , ألا وهو المدراء والمديرية . وعندما استفسرن عن السبب في هذا المستجد المشؤوم , لم يكن الجواب كافيا ولا شافيا . قيل أن التعليم الأولي سوف يتم تمرير تسييره وتدبيره لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ ولجمعيات المجتمع المدني , وقد تم فعلا إعلان تقيم طلب العروض . السؤال هنا : كلنا يعلم أن الجمعيات تضم نسبة كبيرة من أشخاص أميين , لم يكن من حظهم دخول المدارس , فكيف يعقل أن تترك الوزارة المعنية الأمور على عواهنها . أوليس التعليم من أخطر القطاعات وأصعبها تدبيرا ؟ أوليست فترة الطفولة ما قبل المدرسة هي عماد حياة الإنسان كلها , فيها تبنى شخصيته إما بالسلب أو بالإيجاب ؟ , كيف يمكن لمربية أن تحقق الجودة في ظروف إستغلالية تفقد الراحة النفسية ؟ ... لقد قتلوا حلم المربيات في الإدماج الأكاديمي الجهوي وخيبوا آمالهن في تسوية وضعياتهن مثلما كن يوعدن من طرف الأوصياء عن القطاع , ولهذه الأسباب ولأسباب أخرى بادرت مربيات التعليم الأولي بإقليمالحسيمة الى اللجوء الى نقابة: " الإتحاد المغربي للشغل UMT " لطلب الإستشارة والمساعدة على تأسيس مكتب نقابي للمربيات ذواتي التجربة والأقدمية اللواتي يشتغلن داخل المدارس العمومية. مكتب منتخب ينضوي تحت لوائها , للدفاع عن قضيتهن المشروعة وعن حقهن الدستوري في الشغل وفق شروط لا تهدد سلمهن الإجتماعي , ولا تخل بكرامتهن . وقد جاء المكتب كالتالي : _ الكاتبة العامة : الأستاذة فاطمة الزياني . _ نائبتها : نوال أفقير . _ أمينة تامال : الأستاذة رشيدة بولعيون . _ نائبتها : الأستاذة حكمة بليزيد . المقررة : الأستاذة سارة زمو . نائبتها : الأستاذة سناء بوفراش . المستشارات المكلفات بمهام ... : الأستاذة مهدية الحموتي . الأستاذة إيمان أولاد لمقدم . الأستاذة لطيفة أزوواغ . لقد آن الأوان أن تأخذ الدولة والحكومة قطاع التعيم الأولي بجدية إذا كانت فعلا تريد أن تصنع شعبا ذا شخصية قوية ونفسية سليمة شعبا منتجا قارئا مبادرا وديموقراطيا في المستقبل .