ذا ما فتحنا ملف قصف الريفيين وقتلهم وحرقهم وطحنهم خلال أحداث الريف النسخة الاولى الجريمة المغربية المنظمة والأولى بعد الاستقلال سنة 1958/59, فاننا بذلك انما سوف نفتح ملف جراح الريف الوريف التي من الصعوبة بمكان أن تنسى وتنمحي من الذاكرة الشعبية لأهل الريف بالحسيمة,لأن الة القتل والقمع والتمزيق والاغتيالات والتصفيات واشعال الحرائق في الحبوب وكل الأرزاق كي يموت حتى عبد الرزاق ولايفلت من الموت أحد, مازالت تسعى وتتحرك كالحية التي تحاول كل مرة النهوض نهضتها الأخرى لتذكر الريفيين بنهوضها الاجرامي الأول.ان الجرح لعميق لاولم ينضب بعد, اذ على صفحات وساحات الريف كانت تصفى حسابات الزوارالقتلة,كل مجرم كان يريد قضاء وتره,ويخرج عقده,أويبين لأسياده مدى ثقته بهم ووفائه لهم وهو يمزق كالنمر الجائع لحوم أبناء الريف الذين طلع نجمهم وسطع وتألقت سمعتهم في فن القتال والحروب,حتى أصبحوا أنموذجا يحتذى به في تربية الرجال. الكل كان يدلي بدلوه البشع لتحقيق هدف المسخ المتمثل في الابادة الجماعية لأهالي الريف الذي لايقهر لتقليم أظافرهم أكثر,والحد من علو كعبهم ,وتقدير بسالتهم,وتيمن الثوار في العالم بقدوتهم النادرة وذكائهم المتوقد اذا ما العدو أوقد الوغى. فقد تكالب المعتدون علي أبناء الريف لتقاطع المصالح من أجل اللقاء ثم التوحيد والاجماع على كلمة واحدة تتمثل في هدم الريف الى ركام لايمكن جبره.لكن كل فرقة من الفرق والشعب الجهنمية الحاقدة الماكرة الخائنة كان لها هدفها ومصلحتها الضيقة الخاص بها من وراء عملها الخسيس ذاك. فالمخزن كان يهاب الريفيين الذين انتشر صيتهم ليعم أرجاء الكون,لذا فقد كان حلمه وهاجسه اضعافهم والنيل من سمعتهم كي ينام على جنبه الأيمن كأن منطقه الوجودي:اما هو واما هم أي ريافة,انه المخزن وما أدراك ما المخزن,اسم الواد اذا فاض وحمل حمولته الجارفة,والليل الأكول اذا اشتد ظلامه الحالك وجوعه الهالك,والاعصار الذي يمزق كل من اعترض طريقه... أما القوة الثانية التي كانت تنافس المخزن في الحكم والتحكم,وهي التي كانت بحق مستبدة جامحة لاتريد لها منافسا شريفا,ومستعدة أن تصفي كل قوة يحترمها الشعب,هذه القوة المتمثلة في حزب الاستقلال الذي كان يضم ميليشيات متوحشة كأنها تدربت في شعاب جهنم النارية,وتضم كذلك معظم فلاسفة وقياد جيش التحرير,وكان منهم من تشبع بعقيدة الحزب الديكتاتورية وأصبحوا شعبة في جيش التحرير كما سبق,لكنهم في حقيقة الأمر جيش التجريم والتصفية وقد اتخذوا طريقا واحدا للحفاظ على قوتهم ومصالحهم وابعاد كل من سولته نفسه معارضتهم,وكان الريف مسرحا لعملياتهم القذرة.من طنجة الى تازة مرورا بتطوان والشاون ووزان وتاونات والناظور والحسيمة....اذ قاموا بتصفية معظم الرجال المناضلين الأبرياء الذين لايرضون بالذل,ولايرضخون لأوامر التنظيم القذر,خصوصا المناضلين الذين زاغوا وأعلنوا الانتماء لحزب الشورى والاستقلال,فقد كانت التصفية هي اللغة الوحيدة التي يتقنونها لابعادهم عن الخريطة السياسية المغربية حينئذ ,و لقد نهجت ميليشيات التصفية,الأسلوب السيميولوجي الذي لايستطيع غيرهم فك شفراته السريةوكان أسلوبهم في التصفية مافيوزي قذر ودقيق التحكيم مثلما صنعوا مع الشهيد حدو أقشيش في معقل تماسينت الصامدة,وذلك كله من أجل التحكم في قيادة المغرب وتسييره وسرقة أرزاق عباد الله. لقد كانوا يختارون أهدافهم بكل دقة,ولا مكان للأخطاء في مهامهم وهم يختارون اذاما استهدفوا ضحية ما.هؤلاء كلهم يذكرهم التاريخ المغربي الشعبي بالسوء والرعب والتكالب على الأبرياء.لقد كانوا كالأشباح ,لاصفة ولالون ولاوجه ولادين لهم ولا ملة, ولارحمة في افئدتهم وكأنهم فصيلة من المخلوقات التي خلقت كي تذوب في مصلحته التي تقتضي القتل ثم القتل ولاشيئ غير القتل.وكلمة الرحمة غادرت قلوبهم بلارجعة,و انتفت من قواميسهم,لأنها لاتتعايش جنبالجنب مع وحشيتهم وهمجيتهم,وكان المخزن المركز الذي يشملهم و يجمع فيما بينهم, وهوالذي يتمثل في قوة التحكم المتحدة :من مسؤولين في هرم الحكم أي أولي الأمر,وأحزاب أخطبوطية فسيفسائية المطامع,وخونة يسيل لعابهم على المصالح المادية والمعنوية,وهم على أتم الاستعداد للتضحية بالأخ والغالي من أجل الحضوة الممتعة,كانت لعبة هذه الفرق الهمجية قذرة وكانت تجرى في ملعب الريف,الذي كتب عليه أن يشهد أعتى الجرائم الانسانية. ان الريفيين اذا ما ضاقوا ذرعا بجرائم عناصرالميليشيات المجرمين الأشباح الذين يتقوون بالمخزن,وهو لهم بذلك لشريك,الريفيون كانوا يفرون الى الملك,عله يرأف بهم و يبعد عنهم الأذى الذي هو له منيع ان أراد,لذافانهم وهم يعانون من أذى الميليشيات الاستقلالية ابان 58 كانوا يهتفون:عاش الملك ,مسقوط حزب الا ستقلال.وهم يتعللون بلعلى وعسى أن ينقذهم ذلك الملك,وينبهونه بأنهم ضحية مؤامرة هذه المخلوقات والميليشيات الاستقلالية الشبيحةالتي كانت تشبه أفراخ الجن في نقمتها وشيطنتها,لكن مع الأسف لم يابه لهم الملك ,ولاباستغاثاتهم المتكررة. نعم,لقدشهد الريف أعتى الجرائم البشرية ضد الانسان الريفي والانسانية,من ابادة سكانه بغاز الخرذل كما فعل المستعمر الاسباني,الى القتل والتمثيل والحرق كما فعل أولئك الذين سلف ذكرهم السيئ. ان الأحداث المأساوية الدامية السالفة الذكر,لم تتوقف مع وعند توقف عقارب ساعة زمن الحروب والمعارك بالمنطقة,ولم تنس ساكنة الريف هولها وهمجيتها مدى الدهر,وخير دليل على ذلك هوعدم تنازلهم عليها أبدا وعدم مغفرتهم لهذا المخزن الذي ظل ينتقم وينتشي في يم الانتقام بلاتوقف ,فكأنما ديدنه وهوايته:ظلم الريفيين وسحقهم,حتى أن بعض الذين قاتلوا وحاربوا في 59 قيل لهم حسب بعض الروايات بأن الريفيين يريدون الانضمام الى اسيانيا والارتداد عن الاسلام دين المغرب الرسمي,وبما أن المعتدين المقاتلين من الأميين العوام الذين لايستطيعون الرحمة مع المرتدين,ظنا بأن التسامح معهم يعد مشاركا لهم في الجرم الديني الذي يعتبر مروقا لايعادله مروق,فقد مزقوهم للتقرب والتزلف من الله أكثرفأكثر. والنسخة الثانية من الاصطدام بالمخزن,حصل ابان انتفاضة واحتجاجات 1984,هذه الانتفاضة التي كان أولى ثم أولى للمخزن أن يجتهد ويسخر علماء الاجتماع لاعلماء الهراوات لمعالجة ظاهرة الانتفاضة الاحتجاجية التي تقتضي دراسة عميقة وتحليل ظاهراتي فينومينولوجي لاعتبار جميع المقاييس بحثا عن الأسباب ووصولا الى النتائج والحلول التي تعالج الظاهرة الاجتماعية المرضية التي تعتبر نتاجا لتفاقم الحرمان الى حد غير مقبول وتكدس الكبت الاجتماعي والتشدد الاقتصادي وحرمان فئات اجتماعية واسعة من حقها في العيش الكريم بعيدا عن الضغط والتجويع والاحتقاروالتهميش والحرمان من الاستفادة من الثروات الوطنية التي هي ارث للجميع وليس لطائفة ميسورة محظوظة ولدت بملعقة من ذهب في أفواهها,لكن أولي الأمر انزعجوا خوفا على مخزون الوطن الذي يترنح بين حجورهم وجحورهم البنكية خارج الوطن.فكان القمع مصيرهم,وهو الحل الوحيد القريب السريع ,وتفجير جماجم المتظاهرين بالرصاص كي تتطاير دماؤهم على جدران المنازل لتخويف كل من سولتهم نفسهم,كان القمع والعنف وحده هو خطاب المخزن ورده على المحتجين الجائعين ,وهو أسلوب ترعيب وتركيع الريفيين,بالاضافة الى تكديسهم في غياهب السجون .انها النسخة الثانية من طبعات المخزن ومواليه في قمع أحفاد محمد بن عبد الكريم الخطابي ليكونوا عبرة للأجيال التي سوف تولد مستقبلا,ليضمن هو ومن يسبح في فلكه الاستمرارية أكثروأطول خلال الزمن القادم,أي تأمين زمن استعدادا لزمن اخر.لهذا وذاك فان الريفيين ليس من الهون عليهم نسيان الاعتداءات المتكررة وجراحهم لم تنضب بعد بين صبح ومساء.رغم الدهروتداول الزمن, فان الندوب التي تركتها اثارتلك الجراح بقيت قوية وساطعة الى الان.ولما طحنوا محسنا في الحسيمة ذكرهم المخزن مرة أخرى بأعماله الاجرامية,واذا كان بعض المتوهمين يظن بأن المخزن قد مات وفات وانتهت أفلامه المجنونة وحكاياته المرعبة,فان طحن محسن فكري بهذه الهمجية ,ممزوجا مع الأزبال التي خرجت غاضبة من على الشاحنة حزنا على الفعل الشنيع.اذا كان المخزن قد مضى فقد بعث مخزيا في ميلاده الثالث ونسخته المفضوحة الممسوخة زمن الشفافية والكلاسنوست,واننا لنجد في مظاهر هذه النسخة تطورا ملحوظا فكأنما موضة ميليشيات حزب الاستقلال المتحكمة فجر تحرر المغرب من الاستعمار,قد أفل نجمها ليتقمص المخزن مهمتها وجها لوجه امام الملك الذي يبدو أنه قد ترك مسافة بينه وبين التحكم والتسلط وهو يعانق أفراد الشعب من المواطنين البؤساء بكل حرارة وافتخار,ولقد تكرر أمر استحضار الريفيين وجه الملك في استنكار جرائم الميليشيات بمحاولة التزلف من الملك لانقاذ ما يمكن انقاذه,فان المحتجين المنتفضين في الحسيمة عقب طحن الفقيد تلميذي الحبيب المرحوم محسن,التجأوا الى نفس الحيلة السابقة وهم الذين قد احتكوا بالملك اكثر من ابناء أي اقليم اخر حتى صرنا نسمع عند البعض بأن أبناء الأقاليم الأخري يحسدوننا على الصراحة بلابروتوكول, والمحبة المتبادلة بين مواطني الحسيمة والملك,ويتمظهر ما ندعيه في كون أبناء الحسيمة وهم في خضم النكبة وأوجها يستحضرون الملك ويرفعون صوره عالية اعترافا بجميله لهم. لكن والحق يقال,اذا كنا منذ أيام فقط نتبجح بأن المغرب قد قطع أشواطا مهمة في مجال حقوق الانسان,حيث تتشدق أبواق الكذب تلوح به مطبلة مزمرة,فانه اليوم بهذا الفعل الذي قام به أولئك, قد سببوا في تمزيق سرواله حرجا,ليغضب العالم كله ويتفرج الداني والقاصي على عورة بلدنا الأمين الذي نحب له كل خير وسلم واحترام لانسانه كيفما كان,بأي لون ولهجة وجهة من الجهات ,وعليكم السلام في بلدنا الحبيب الذي يحاول أن يعشق حقوق الانسان,عبثا مادام سدنة وأصنام السلطة المخزنية يحجبون عقولهم عن علم الانسان وحقوق الانسان.وعندما يغيب الانسان ويموت الرجال كما ذكرنا ينهق كل من هب ودب من دواب نكرة ,وفي زمن الشماتة نجهل حتى هذا المخزن من يكون ,اذ يبدو حالة حسب المعتزلة,لكنها حالة غريبة من أغرب أحوال بلدي ,يسبح ضد التيار, كسول لايطبق ما يرد في خطابات الملك من احترام المواطن في العمل والادارة والشارع بعيدا عن الاذلال والاستغلال والاحتقار...