تعتبر الممارسة السياسية الحزبية من أرقى الممارسات السياسية في البلدان الديمقراطية، فيها يكون ممثلي الشعب يخدمون مصالح العباد والبلاد بمسؤولية وتفاني كبيرين، من خلال تنفيذ مشاريعهم وبرامجهم السياسية التي يقدمونها للمواطن قبل صناديق الإقتراع وفيها تتصارع الأحزاب السياسية لتقديم أفضل ما عندها من الأفكار والرأى، والتي يختار منها المواطن الشعب أفضلها أنجعها لبلادهم. هي بالفعل أرقى ممارسة سياسية لأن فيها يكون المواطن أعلى صوت في الديمقراطية فهو الذي يقرر ما يريد وما يجب أن يكون، إحتكاما لسموا صوت الفرد المواطن في القانون المؤطر لدولة الحق والقانون، وسموا كل القيم والمبادئ الإنسانية ذات صلة بالمواطنة من حيث الحقوق والحريات على أي وصاية أو تحكم خارج ركائز الدولة الديمقراطية الحداثية ودون أي ميز أو تمييز. هي أرقى ممارسة لأن المواطن الفرد، والشعب يستطيع أن يحاسب الحاكم بعد أن منح له صوته كشيك للثقة وتوكيله بالمسؤولية للتفاني في خدمة الوطن وليس مجرد رقما تصاعديا وتنازليا في معادلة الصناديق أي صوت لا قيمة له بعد صنادق الإقتراع وذلك إحتكاما لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة الفعلية التي يقرها "العقد الإجتماعي" المتوافق عليه شعبيا في دستور المواطنة. ممارسة سياسية تكون ركائزها خدمة الصالح العام دون تمييز وتمايز بين الأفراد والجماعات بسبب إنتماءاتهم السياسية أو عقائدهم أو ميولاتهم الشخصية... عاملين بمبدأ المواطنة. ممارسة سياسية تكون فيها السلط واضحة ومقسمة وكل واحدة مستقلة على حدي، عاملين بمدأ الفصل الحقيقي للسلط، وبالأخص السلطة القضائية التي يجب أن تكون في إستقلالية تامة عن باقي السلطات التشريعية والتنفيذية، حتى تقوم بدورها الرئيسي الذي يتمثل في تطبيق القانون على الجميع دون إستثناء وحماية حقوق وحريات المواطنين إحتكاما لمبدأ العدل والمساواة أمام القانون. ممارسة سياسية تسعى وتعمل من أجل التداول السلمي حول السلطة والحكم، وأي ممارسة سياسية حزبية لا توصل إلى السلطة والحكم لا يمكن ان نعتبرها من أرقى الممارسة السياسية، لأنها أنذاك تفتقد لأدوارها الحقيقية والأهداف التي تشتغل من أجلهما. بل تبقى مجرد ديكورا ل "ديمقراطية الواجهة" التي تتخذها مجموعة من دول التحكم والتسلط والإستبداد لتزيين سياساتها ونظم حكمها. وهذا النوع من الديمقراطيات تبقى ناقصة غير مكتملة ركائز الدولة الديمقراطية الحداثية. ممارسة سياسية تسعي وتعمل من أجل ضمان الحق العادل للمواطنين في الإستفادة من ثروات بلادهم المادية وغير المادية دون أي شكل تمايزي بين الأفراد والجماعات والمناطق، عاملين بمبدأ توفير العيش الكريم للمواطنين، أضف إلي ذلك الحق في الصحة والتعليم والشغل وغيرها من حقوق المواطنة. ممارسة سياسية لا تشرعن الإستبداد والتحكم وتحارب الفساد والمفسدين أقصد الفساد المالي والمؤسساتي والسياسي عاملين بمبدأ ثقافة الكفاءة بدل ثقافة الريع. ممارسة سياسية تريد بناء وطن ودولة ومؤسسات المواطنة بدل وطن ودولة ومؤسسات الأشخاص. ممارسة سياسية شعارها الديمقراطية وهدفها مزيد من الديمقراطية والحقوق والحريات. فأين نحن من هذا في دولة المخزن ودستور المخزن واللعبة السياسية عند المخزن؟