لي رغبة كبيرة لأزف لكم بسر شريطة أن تقدموا لي وعدا بعدم الإفشاء به ما لم تنتهوا من قراءة المقال، فلا تلومونني على مضمون السر ولا تطلقوا عنان الأحكام المسبقة، احتفظوا بآرائكم حتى آخر حرف في المقال، إني أريد أن أسر لكم أن علاقتي بالفن السابع جد محتشمة وأفتقد للآليات الضرورية لتقديم نقد شامل يحيط بكل الجوانب، ثقافتي السنيمائية لا تتجاوز حدود الإعجاب بالمواضيع المتناولة سينمائيا دون أن تكون لي الجرأة للخوض في الجانب التقني... ولا حتى التنبؤ بمصير بطل وبطلة الفيلم، تواضع ثقافتي السينمائية ليس تقاعس مقصود ولا انتقاص من أهمية السينما، بل أدري تماما أن الفن بصفة عامة أقصد الفن الإيجابي يحمل رسالة جميلة، دائما ما تلمس جوهر الإنسانية. لكن كيف لي أن أخوض في نقاش أجهل خباياه؟!، لست مخير لو كان الأمر في يدي لما تجرأت وحشرت أنفي في هذا النقاش، الأمر فُرض عليَّ بقوة الواقع، ففي الوقت الذي انساق فيه الكل لتوجيه سهام نقده للسنيما الموسمية الرمضانية السخيفة التي تعج بها القنوات العمومية، اخترت شخصيا توجيه سهام نقدي إلى مسلسل أدمن المغاربة على متابعة حلقاته التي لم تنتهي بعد، مسلسل ممل لكن أجبرنا على متابعته منذ الاستقلال الشكلي إلى اليوم، إنه "مسلسل الانتقال الديمقراطي". الفيلم من إعداد القصر و من إخراج دوائره، والممثلون هم الأحزاب السياسية أما الكومبارس فهو المجتمع المدني ومن تمويل و إنتاج مغرب أونا (أوراق بناما)، أما التصوير و المونتاج فهو من إعداد القنوات العمومية، أما الجمهور فهو المواطن المغربي، ولأن المسلسل لا ينتهي وعمره لحد الآن أكثر من خمسين عاما، ولأن طبيعة البشر فانية وبالتالي يستحيل على المشاركين في المسلسل إتمامه فيتم تعويض الأفراد مع الإبقاء عل نفس الشركات التي غالبا لها طابع عائلي حفاظا على مصالح الأبناء بعد رحيل الآباء وهكذا دواليك. فمن الطبيعي، وليس من مصلتهم إنهاء المسلسل فأي نهاية لهذا الأخير تعني نهايتهم، معد الفيلم متشبث بحق المِلْكِية والحفاظ على السلطة بذريعة حامي حمى الوطن والدين والإستقرار...أما الممثلون ، الأحزاب) مصرون على مواصلة التمثيل لأنه يدر عليهم الملايين، أما الكومبارس (المجتمع المدني) يراقب المسلسل في تناغم تام مع أحداثه دون أن يكون له دور تأثيري في تغير مجرى أحداث المسلسل. أكيد، ووعيا من معد المسلسل بأهمية إدخال تعديلات على مستوى سيناريو المسلسل حتى لا يتسلل الملل للجمهور/ المواطن المغربي، فقد تم تطعيم الخطاب بلغة جديدة تتلائم والمرحلة الجديدة دون المساس بالجوهر ، من قبيل : ( الحكامة الجيدة ، العهد الجديد ،دستور2011، الخطاب التاريخي 9 مارس، إنزال الدستور، الجهوية الموسعة، الجهوية المتقدمة، حكومة صاحب الجلالة و معارضة صاحب الجلالة، الإجماع الوطني...) في انتظار تجديد هذه اللغة بتجديد الممثلين وهكذا دواليك إلى ما لا نهاية، ما لم يعلن الجمهور تمرده على المسلسل و مقاطعته للتعجيل بإعلان عن نهايته، ليتمكن بعد ذلك الجمهور المغربي من آلة التحكم من بُعد/ السلطة كخطوة أولية تمكنه من التحكم في مجريات المسلسل عبر اختياره لممثليه.. والآن لكم أن تفشوا عن سري وتحكموا بالعدل على ثقافتي السنيمائية وتحليلي لهذا المسلسل!