يشكل الرأي العام ثالث القوى السياسية الذي يمتاز ببالغ أثَرها على السلطة، بل يمتاز بقدرة بالغة على إقناع القائمين على دواليب الحكم، مما يجعل القوى السياسية الأخرى؛ الأحزاب والجماعات تلجأ إلى خدماته وتدعم مطالبها باستمالته. وليس هذا على الصعيد الداخلي للدول فحسب حيث أسقط حكومات ودفع حكاما كثيرين إلى تغيير سياساتهم،وإنما كذالك على الصعيد الدولي حيث تحتاط من مواقفه المؤسسات و القوى الكبرى. إن الثابت في صناعة ما يسمى ب"الرأي العام" هو سعي جهات كثيرة إلى تغذية الناس برؤى ومواقف وآراء، سعيا نحو استمالتهم،إذ يكاد أن يظهر كموضوع تتصارع حوله هيئات كثيرة منها الإعلام والصحافة والأحزاب... فنجد أن الرأي العام لا يرتكز على المعرفة الحقيقية بالأفراد،بل خاضع لتأثير الدعاوي التي تسمم أفكار الشعب وهذا الأخير لا يتحلى بالوعي السياسي الذي يؤدي إلى حسن التعبير عن آرائه ورغباته وأمانيه. وللصحافة دورمهم في هذا الشأن،فهي التي تتولى تسييس الجمهور، ولها القدرة على خلق تيارات معينة وتوجيه الجمهور، وجهات تتعارض أحيانا مع مصلحة الجماعة، وقد تجعل من حادث تافه قضية خطيرة يهتز لها كيان الدولة، كما يمكن لها أن تطوى قضايا حيوية خطيرة فينساها الشعب،وقد تقوم الصحافة أيضا بإبراز أسماء أشخاص لا وزن لهم وتقدمهم إلى الرأي العام على أنهم أمل الأمة ولا تجد الصحف أي صعوبة في دفن الماضي الملوث لأي من هؤلاء حتى يظهر للجمهور بثوب ناصع البياض. أما إذا استهدفت الصحافة أحد الشرفاء فإنها لا تتورع عن رميه بكل نقيصة وتصل إلى حد إنتقاد حياته الخاصة ونشر الفضائح التي تمس وتلوث أفراد أسرته. ويلجأون إلى الإفتراء على أمل أن يعلق في أذهان الناس شيء مما يفترون على الضحية. لذالك يمكن القول أن الصحافة ونحن لا نعمم هنا عصابة منظمة "تفبرك" الرأي العام.