لم تعد مشكلة زراعة القنب الهندي بشمال المغرب تطرح تحديات اقتصادية أو أمنية أو بيئية فقط، بل انتقلت إلى المشهد السياسي لتغذي السجال السياسي بين الأحزاب التي تستعدّ لأول انتخابات محلية بعد إقرار دستور 2011، وكان واضحا من البلاغ الأخير للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية -الذي يقود الائتلاف الحكومي الحالي- وجود مخاوف من "تسرّب أموال تجارة المخدرات إلى عالم السياسة وتوظيفها لشراء أصوات الناخبين". * انزعاج العدالة وقال القيادي بالحزب عبد الله بووانو -للجزيرة نت- إن حزبه منزعج من تصرفات قياديين في حزب الأصالة والمعاصرة "الذين يقومون بزيارة هذه المناطق كلما اقتربت الانتخابات لإيهام كبار المتاجرين وصغار مزارعي القنب الهندي بأن بإمكانهم حمايتهم، فيبتزّونهم بطريقة غير مباشرة عن طريق توفير مبالغ مالية هامة لتمويل حملاتهم الانتخابية". وفي جلسة للغرفة الأولى للبرلمان، والمخصصة لمساءلة رئيس الحكومة عن السياسات العامة، قال رئيس الكتلة النيابية لحزب الاستقلال (المعارض) نور الدين مضيان إن ملف القنب الهندي بشمال المملكة أصبح بوابة للفساد والرشوة والابتزاز، وطالب بقطع الطريق أمام الجهات التي تستغل هذا الملف لأغراض انتخابية محضة. وأضاف مضيان "لقد تقدمنا بقانون يرمي إلى تقنين وتصنيع وتسويق القنب الهندي، الذي يمكن أن نستخرج منه الأدوية والعطور والمواد الصيدلية واستعماله في صناعات مختلفة". لكنّ رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران قال لأعضاء مجلس النواب إنه "لا حديث رسميا عن تقنين استعمال نبتة القنب الهندي وليس عندنا يقين بأنه من الممكن أن نستخرج منها العطور والأدوية، بل إن بعض الإحصائيات تفيد أن النوع الذي يصلح لهذه الأغراض لا يمثل سوى 2%". * تقنين أم بدائل؟ وأوضح بنكيران أن المغرب يبحث خيارات بديلة للدفع بتنمية الأقاليم المعنية بزراعة القنب الهندي، ونفى أن يحُلّ تقنين زراعة القنب الهندي إشكاليات التنمية بهذه المناطق، وقال "إن بعض السياسيين يدّعون أنهم سيوفّرون الحماية للمزارعين والمتاجرين بهذه النبتة، وهذا بيعٌ للوهم، وسعي لتحقيق مكاسب ضيقة وزائلة لا تنسجم مع المواقف الثابتة للمغرب، والتزاماته الدولية". أما رئيس "جمعية أمازيغ صنهاجة الريف" شريف أدرداك فقال إن أغلب المنتخبين بشمال المغرب اعتمدوا على عائدات المخدرات في حملاتهم الانتخابية "فالمعادلة تقوم على كون الفلاح يزرع القنب الهندي فقط، ولأنه لا يتوفر على مصدر دخل آخر فإنه ينتظر طوال العام ذلك الوسيط الذي يعمل لحساب أحد تجار المخدرات ليشتري محصوله، ومن ثمّ يتحكم كبار التجار في المزارعين". واتهم أدرداك الأحزاب التي تدافع عن تقنين زراعة القنب الهندي باستغلال هذا الملف لحسابات سياسية، وبيع الوهم للمزارعين البسطاء الذين تحوّلوا إلى خزان كبير للأصوات الانتخابية. ووفق آخر تقرير لمكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة فإن المغرب وهولندا وإسبانيا من المصادر الأساسية للقنب الهندي المروّج بالعالم. وتراجعت زراعته بالمغرب من 52 ألف هكتار سنة 2012 إلى 47 ألفا سنة 2013. كما صادر المغرب سنة 2013 حوالي 107 أطنان من هذه المادة بينما حجز سنة 2012 حوالي 137 طنا.