جريا مع ما صرح به أصناف من بني جلدتنا بأحكامهم وآراءهم عن سنة أربعة عشر وألفين باعتبارها في نظرهم سنة تألق وازدهار للمغرب معللين آراءهم بما استوفى العام كله من مظاهر الرقي والأمن والإستقرار، ومن البديهي أن المغرب وطن واحد يجمع شعبا واحدا، فإذا كان هؤلاء يعيشون في مدينة فاضلة أو ما شابه ذلك، فإننا إذن في غفلة جاهلين0 في الحقيقة لكلٍّ رأيه الخاص، والآراء تحتَرم ما دامت تخص أصحابها، أما أن تتحدث باسم شعب كامل دون مراعاة أوضاع ومشاعر كل فرد، فهذه جريمة في حق الإنسانية، إن الإشكال المطروح هو ماهية المعايير التي استند إليها هؤلاء؟ مهما يكن تفاؤلنا تجاه الحياة، فإننا لا ننكر أين نحن من ذلك الرقي، ولا تبقى أية مصداقية عندما تأتي هيئات أجنبية لتقييم إنجازاتنا، وتزيد من مجاملة ما عظم قبحه، إن ما لاحظناه وعشناه وقاسيناه طيلة السنة؛ كل ذلك كان كافيا للخروج بأدق التفاصيل0 يقول المثل الشعبي الأصيل:"لِّي بْعِينُو مَايْتْلْفْ"؛ بتعبير آخر، لا تنكر الأعين وقائع وذكريات بئيسة صادفتها في كل أيام العام المنصرم، بل بكت ودمت دما، فأي رقي يقصدون والتهميش عم كل ربوع المملكة، والبنية التحتية زادت هشاشة، والمستوى التعليمي صار متدنيا أكثر من سابقه، أما الحديث عن الخدمات الصحية أصبح يشكل موضوعا شائكا، حتى أن ينقل الأموات في شاحنات الأزبال فلا تبقى كرامة ولا إنسانية، هذا من جانب إجتماعي0 أما من جانب أمني، حتى أجزم القول أنه ما فات يوما إلا ووقعت جريمة قتل بشعة ومحاولات إغتصاب هنا وهناك، كما ظهرت في هذه السنة ظاهرة "التشرميل" التي أدخلت الرعب في قلوب المغاربة صغارا وكبارا، ناهك عن ظهور العفاريت والتماسيح قاب قوسين التي أغرقت أحمد الزايدي واغتالت عبد الله باها رحمهما الله بالمناسبة، وذلك في مشهد لا يصدّق0 هكذا جرى نفس السيناريو مع المشهد السياسي، والكل لا زال يشاهد أجمل حلقات برلمان الفكاهة؛ المعلمة التي يفترض أن تكون أرقى الأماكن السياسية ببلادنا تتحول في الأخير إلى خشبة لعرض مسرحيات مزيجة بين الدراما والكوميديا، فضلا عن التلاعبات السياسية داخل الحكومة والأحزاب السياسية إلى أن اقتربت السنة من مسك الختام حتى صرنا عبرة لتاريخ والعالم، لكن في التخلف والنهب والعار، والعالم قد تابع كارثة أكبر "كرَّاطة" في التاريخ التي عادت لصاحبها أوزين، وهكذا تحَطَّم الأرقام القياسية ببلادنا0 ختاما أكون أرجو أن أكون قد إستوفيت ما خلص من مظاهر البؤس والعزلة والتخلف طيلة العام المنصرم، وكانت سنة 2014م بالطبع سنة بئيسة بما تحمله الصفة من معاني، وهذا يظهر جليا في تدني مستوى العيش وغياب المسؤولية لدى المعنيين الوصيين وكذلك تهميش العنصر البشري وإقصاءه، وهل يستوي الغني والفقير؟ أخاطبكم يا من تحدثوا باسم الملايين فأروني هذا الرقي والأمن والإستقرار، وكل ذلك قد عبرتم عنه بفضول وسرور، وا آسفاه! وا آسفاه! على قلوب ميتة مجحفة خالية من الإحساس0