طي صفحة الماضي: قصص وأحداث مثيرة تعيشها مدينتي.. في صباح من صباحات الأسابيع القليلة الماضية تلونت فيه مدينتي بالحزن . كان الموعد حدادا ليس الذي كان عن حرية التعبير بل كان حدادا حقيقيا..أعادت فيه مدينتي دفن رفات أبنائها الستة عشر, ضحايا رصاص الثمانينات.. أناس عاشوا بيننا, منهم من صادفناهم فقط في الشوارع ومنهم من تقاسمنا معهم كراسي الدراسة..ومنهم..و منهم كانوا كالكثير من أبناء مدينتي ينتظرون العيد والفرح ولكنهم غادروا شهداء إلى جنة الخلد.. ولا زال الضمير في نفوس المؤتمنين على حياة الناس وسلامتهم نائما , يشاهدون هذه الأحداث شأنهم شأن أي متفرج ثم تطوى الصفحة إلى أخطاء جديدة وضحايا جدد. مدينة تغرق في شبر ماء! إذا كان الشائع عن مدينتي أنها تغرق في شبر ماء..فللسائل الحق كل الحق أن يسأل : كيف بها ولم تكن كمية الأمطار التي هطلت عليها تتجاوز ثلث شبر (كما ورد في تقارير الأرصاد) أن تغرق ؟ أنا لا اعني فقط الأحياء الأكثر أو أقل تضررا.. وإنما هناك أيضا الكثير من الفضائح التي ملأت الصحف والمجلات عندما هطلت تلك الأمطار وانكشف المستور ..وما شارع طنجة وعاريض باقل من حي المطار أو ما يسمى بالحي الشعبي بتجزئة الناظور "الجديد" . عري كامل أحدثت الأمطار دمارا للأنفس والممتلكات، انهارت بنايات، تصدعت قناطر, هوت بشوارع وأغرقت سيارات.. وبالمختصر المفيد .. الأمطار أحدثت عريا كاملا لكل الأوضاع التي كان سكان مدينتي ينادون بالتنبه لها وسط إهمال ولامبالاة أدى إلى فقدان ممتلكات وتخريب لبنية تحتية "جديدة" كان الجميع يظن أنها تأسست بصورة صحيحة فإذا بها سراب وسراب وسراب. لنستحضر قول سيد الرسل والأنبياء: "إذا عمل أحدكم عملا فليتقنه ". والظاهر أن المسئولون في مدينتي لا يتقنون عملهم (هذا إن عملوا شيئا) كما الكلام في الانتخابات, والتعامل مع الشعارات , كل شيء ! وقفت على حالة أبناء مدينتي وهم يصارعون الأمطار والسيول وكم شعرت كما الأمر عند أهل مدينتي بالغضب على كل جهة أهملت دورها لتترك الناس يقابلون تلك الحالات بأجسادهم وممتلكاتهم وبكل ما يملكون.. حالة نساء فقدن كل شيء وحين أقول كل شيء اعني جيدا ما أقول :كل شيء,الفراش واللباس. و الأكل, وأوراق الهوية وكراسات الأطفال...وكل شيء..حتى الكلام. تشابه وتباين في الحالات بين الكثير من أهل المدينة.. مطر مطر مطر... والمطر رحمة من رب السماء له الحمد وله الشكر، ولا دخل له في ما ألحق بالمدينة والعباد من أضرار.. لذلك لا بد من إخضاع, جميع الجهات المسئولة عن هذه الأضرار وبدون أي استثناء للمساءلة القانونية.. ولا لوم على الطبيعة... كما يجب أن تتحمل هذه الجهات تعويض كل المتضررين وأن تقوم بدورها لتعويض الناس عما فقدوه. وتتحمل في نفس الوقت مسؤولية أية كارثة قادمة على الأحياء القاطنة داخل المدينة وخارجها ببنية تحتية شبيهة وليست بديلة . فلا يتلمس هموم الشعب من لا يضع مصلحته على رأس أولوياته والتقرب إلى همومه وتحقيق مطالبه وتمتيعه بأبسط الحقوق الإنسانية في العيش الحر الكريم على أرض الآباء والأجداد، سقط القناع عن القناع وفي مثل حال مدينتي ..إعادة النظر في هشاشة بناها التحتية التي انبهرنا – حين إنشائها- بضخامتها كمشاريع و بالأعمال التي افتتحت بالمنطقة، من طريق ساحلي، وسكة حديدية ونفق وسط المدينة وترميم طرق وتعبيد وتزويق أخرى وهلم جرا وترقيعا وتزويقا ... مرجان ماكدونالد فينيسيا... تغيير و"تمدن" عم المدينة، وبالمقابل خريف وشتاء وسيول أمطار غير معهودة تفاجئ الكل ، مدينة تغرق ..تستغيث وتستغيث ولكن هل من مغيث ؟ هكذا سقط القناع عن القناع، وسكتت مدينتي عن الكلام المباح سؤال ليعاد طرح السؤال القديم الجديد والغير المباح: هل لا زالت مدينتي الجميلة تصنف ضمن المغرب الغير النافع..المنسي حتى النخاع ؟ وهل فتح باب " فينيسيا آيس " أهم من "فتح" طرقات المدينة وشوارعها ؟ ربما ! ما دام البرد قاسم مشترك بين الاثنين ... برد آيس فينيسيا وبرد ليالي الناظور ! وبين البرد والبرد مدينة تغرق في المطر والوحل . هكذا سقط القناع عن القناع .. عن المدينة ... ولم يعد من حق عصافير المدينة الغناء على سرير النائمين... وللحديث عن مدينتي ... بقية .