طالب نائب رئيس الكونغرس العالمي الأمازيغي بضرورة مراجعة ديباجة الدستور المغربي، لأنها "ديباجة عنصرية بكل المقاييس". وأضاف أن قرار تهميش الأمازيغية في المغرب هو قرار سياسي، وبالتالي فحل القضية يتوقف على قرار سياسي يبدأ بمراجعة البند الأول من الدستور. عنصرية هذا ما صرح به السيد خالد زيراري، نائب رئيس الكونغرس العالمي الأمازيغي، للقسم العربي بإذاعة هولندا العالمية، تعليقا على مرور الذكرى الثامنة على تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. وهو يعبر عن أفكار بدأت تعبر عن نفسها جهارا داخل الحركة الأمازيغية في السنوات الأخيرة. فكثيرا من الناشطين الأمازيغيين يدعون إلى التحول من المطالب الثقافية الصرفة، إلى العمل السياسي الواضح بهدف الضغط على صناع القرار. يقول السيد زراري: "القضية الأمازيغية قضية سياسية، ويجب الحسم فيها سياسيا، ذلك أن الأمازيغية همشت بقرار سياسي. ولكي يعاد الاعتبار لها، ينبغي أن يكون هناك قرار سياسي". ويذهب السيد زيراري أبعد من ذلك، حينما يقول بوضوح إن إعادة الاعتبار للأمازيغية، تبدأ بمراجعة ديباجة الدستور المغربي، والتي يعتبرها ديباجة عنصرية: "أتحمل مسئوليتي كمسئول داخل الحركة الأمازيغية وأقول إن ديباجة الدستور المغربي ديباجة عنصرية بكل المقاييس وبالبت والمطلق". والواقع أن الدستور المغربي لا يتعرض للنقد من قبل الحركة الأمازيغية فحسب، بل كذلك من كافة الهيئات المدنية ومن طرف بعض الأحزاب السياسية. لكن مطالبة تغيير الدستور تتخطى بطبيعة الحال وضعية الأمازيغية فيه، إلى المطالبة بإصلاحات شاملة وجوهرية تعزز البناء الديمقراطي في المغرب. تابو الأمازيغية منذ استقلال المغرب، لم تحظ الأمازيغية بأي اهتمام يذكر من طرف الأحزاب السياسية المنبثقة من رحم الحركة الوطنية. فرواد الحركة الوطنية الذين تفاوضوا مع فرنسا من أجل الاستقلال، أهملوا شأن الأمازيغية، ثقافة ولغة وحضارة. بل كانت الأحزاب ذات التوجه القومي العربي تجاهر بضرورة القضاء على الأمازيغية ومحوها. وحينما شرعت بعض الجمعيات المدنية في نهاية الستينات في الاهتمام بالثقافة الأمازيغية، كان ذلك تحت مظلة "الفلكلور" و"الفنون الشعبية". تختلف الصورة الآن كثيرا. ويعتقد الدكتور حمو بن ناصر أزداي، عضو المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أن التابوهات عن الأمازيغية قد تكسرت، أولا بفعل خطاب الملك محمد السادس في بلدة أجدير الأطلسية في ال 17 أكتوبر 2001، وتأسيس المعهد الملكي. ولكنه يعترف في الوقت نفسه أن المعهد يعاني مما يسميه إكراهات. مع النقد البناء منذ تأسيس المعهد وسهام النقد تنهال على هذه المؤسسة الفتية. ولكن المدافعين عنها يعتقدون أن وجود المعهد بحد ذاته اعتراف رسمي بالثقافة الأمازيغية. أزداي: "نحن مع النقد البناء، ونعترف بأن هناك إكراهات، وهناك أيضا لوبيات لا تريد على الخصوص تدريس الأمازيغية. المعهد على علم بكل هذا". أما السيد زيراري فيشدد على أن مجيء هذا المعهد إلى الوجود "أربك الحركة الأمازيغية"، وأنه "حق أريد به باطل". ويبني زيراري حكمه كون المعهد "حاول منذ تأسيس احتواء الحركة الأمازيغية؛ وهو ما تم بالفعل". ومع ذلك لا ينفي ما حققه المعهد من "تراكم على المستوى العلمي من أبحاث مهمة يمكن أن نسجلها له بشكل إيجابي. لكن على المستوى السياسي، فهي تبقى مؤسسة استشارية ليس لها الحق في اتخاذ أي قرار". تأسس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بظهير شريف، أي قرار ملكي، أصدره الملك محمد السادس في العام 2001. المعهد مؤسسة استشارية تهتم بالبحث والدراسة في مجالات الثقافة والحضارة واللغة الأمازيغية، وتعزيز مكانتها في الفضاء الثقافي والإعلامي محليا وجهويا ووطنيا. غير أن الحركة الأمازيغية تشتكي مما تصفه من تعمد إقصاء الأمازيغية من مجال الإعلام بصفة خاصة. فعلى الرغم من التأكيد على أن القناة التلفزيونية الأمازيغية، على سبيل المثال، على وشك الانطلاق، فإن أغلبية الأمازيغ ترى أن التهميش والإقصاء ليسا فقط بسبب تعطيل القناة الأمازيغية، بل يمارسهما حتى الإعلام الوطني الذي يمول من جيوب المغاربة ومن بينهم الأمازيغ بطبيعة الحال.