تعيش فرنسا على إيقاع جدل قوي حول تقنين استعمال مخدر القنب الهندي بعدما فجر وزير التعليم هذا الملف ودعا الى التقنين ويترتب عليه مدافعون ومناهضون، وتؤكد جريدة 'لوموند' في افتتاحيتها أنه لا يجب تفادي هذا النقاش وتدعو الى ضرورة إلغاء معاقبة مستهلكي هذه المادة المخدرة. وصرح وزير التعليم الفرنسي فيسو بويون هذه الأيام أنه 'يجب طرح مسألة تقنين القنب الهندي بكل شجاعة'، داعيا من خلال هذا التصريح الى التفكير الجماعي في تقنين المخدرات حتى لا تصبح جريمة يعاقب على استهلاكها، كما أن عملية التقنين ستعمل على تراجع الجريمة المرتبطة بها خاصة وأن القنب الهندي يعتبر من مصادر الإجرام المنظم ما بين شمال إفريقيا والاتحاد الأوروبي. ونظرا لأن المقترح أو الدعوة صدرت من وزير التعليم الذي من المفترض انه يجب أن يبتعد عن مثل هذه الملفات الشائكة، فهو قد تسبب في زوبعة وجدل سياسي قد لن يهدأ لأسابيع. وتمس الزوبعة أساسا الحكومة الفرنسية، حيث اعتبر وزير الداخلية مانويل فالس المقترح بمثابة لعب بالنار في حين أيدت وزيرة السكن سسيل ديفلو هذا المقترح واعتبرته جديا وجديرا بالنقاش السياسي في البرلمان ووسط المجتمع. ويشن اليمين المحافظ المتزعم للمعارضة حملة قوية ضد الحكومة بسبب موقفها غير الصارم من المخدرات، ويعتبر اليمين أن مثل هذه المقترحات هي عملية تشجيع واضح على الجريمة، علما أن فرنسا تعتبر من الدول الأكثر صرامة في مواجهة مخدرات القنب الهندي. ويلتزم الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند الصمت في انتظار معرفة الشكل الذي ستؤول إليه الأمور. وتساءلت جريدة 'لوموند' في افتتاحيتها الصادرة اليوم الأربعاء هل ستخرج فرنسا من المواجهة الشبيهة بالحرب الأهلية التي تعيشها البلاد بسبب ملفات مثل الهوية الوطنية والعمل 35 ساعة والآن تقنين المخدرات، وهي ملفات يتم معالجتها إيديولوجيا بين تصورات اليمين واليسار وبين ما هو أمني وحرية الفرد. وتعتبر الجريدة أن فرنسا تتوفر على ترسانة قانونية الأكثر صرامة في مواجهة استهلاك القنب الهندي لكن الأرقام متناقضة إذ تتوفر على أعلى نسبة من السكان مقارنة مع أوروبا في استهلاك المخدرات. وتدعو الجريدة الى نوع من المسؤولية في النقاش. وترى الجريدة أنه يجب إلغاء العقوبات الخاصة بالإستهلاك، وهي بهذا تنضم الى الأطروحة القائلة بأن إلغاء منع استهلاك القنب الهندي سيساعد في تراجع الجريمة. ويشهد المجتع الفرنسي انقساما بشأن هذا الملف بين مؤيد ومعارض، خاصة وأن استطلاعات الرأي تبرز أن قرابة 14 مليون فرنسي استهلك القنب الهندي على الأقل مرة واحدة. ويرتبط القنب الهندي بشكل كبير بالفرنسيين من أصل مغاربي أو المهاجرين المغاربيين وخاصة المغاربة منهم، بحكم أن مصدر القنب الهندي هو المغرب. ونظرا لهذا الوضع، فنسبة كبيرة من عصابات التهريب وكذلك مروجي هذه المخدرات في المدن الفرنسية من أصل مغاربي. وتؤكد الإحصائيات الفرنسية الخاصة بالسجون أن ما يفوق 25' من المعتقلين من أصل مغاربي يكون عادة بسبب تجارة القنب الهندي.