على خلاف سنوات ماضية، مر حدث اليوم الوطني للمرأة هذه السنة باهتا، بالرغم من أن المؤشرات الرقمية لتطبيق مدونة الأسرة والتي شكلت أحد أعمدة النهوض بالمرأة تكشف عن استمرار تفاقم اختلالات السنوات الأولى، والتي جعلت من التطبيق مخالفا لروح المدونة ومناقضا لتوجهها نحو بناء أسرة مغربية متماسكة وقوية ومضطلعة بدورها في تقدم المغرب، وذلك في مقابل وهم سائد اعتبر أن المشكل حل مع صدور المدونة. أولى هذه الاختلالات تتمثل في تفاقم الطلاق الذي سجل شق الاطلاق القضائي منه ارتفاعا ب 13 في المائة مقارنة مع سنة ,2003 كما بلغ عدد حالات الطلاق بمختلف أنواعه أزيد من 55 ألف حالة طلاق في سنة ,2009 والذي يؤشر على غياب منظومة وطنية لصيانة تماسك الأسرة وحمايتها من التفكك وضمان حقوق المرأة، وما تقتضيه من توفير شروط التأهيل على الزواج والتشجيع عليه وإسناده الأسر الحديثة التكوين في السنوات الأولى، والتي ترافع عددها بانتقال عدد رسوم الزواج من أزيد من 230 ألف رسم في سنة 2003 إلى أزيد من 314 ألف في سنة ,2009 وهي وضعية أدت بالمغرب إلى تراجع مهول في معدل الخصوبة وما يعنيه من شيخوخة متنامية للمجتمع المغربي. في المقابل، فإن مجتمعنا يعرف نمو مؤسسات وهيئات أصبحت مهووسة بالتحريض على التفكك الأسري وبعضها يحمل مسميات مراكز الاستماع أو الإرشاد الأسرية، والتي تعتبر أن الهيئات المعنية مطالبة بإطلاق مبادرة للتحقيق في أدائها ووضع وقواعد ضابطة لاشتغالها. لقد سبق للملك أن عبر عن هذا القلق في رسالته، التي وجهها للمؤتمر العالمي للسكان؛ والذي انعقد بمراكش عن كون ما سجل من تقدم في مجال السياسة الديموغرافية كان له ”وجه عكسي ... تمثل في انخفاض معدل الخصوبة والإنجاب، الذي يفضي إلى تزايد شيخوخة الساكنة، بآثاره السلبية، الاقتصادية والاجتماعية، بما فيها ظهور فئة من المسنين المهمشين، تعاني من الهشاشة والعجز”، لكن يبدو أن انطلاق تفكير منهجي إزاء هذه الإشكالية وعلاقتها بتطبيق مدونة الأسرة ما يزال غائبا رغم ملحاحيته. أما المؤشر الثاني للاختلالات الحادة في تطبيق مدونة الأسرة فيهم الاستقالة الفعلية لعموم المؤسسات العمومية، من احتضان الأسر المفككة، وخاصة منها الحديثة الطلاق، ولاسيما في ظل عدم إحداث صندوق التكافل العائلي، رغم النص عليه في المدونة قبل حوالي ست سنوات، وذلك في ظل حوالي والنتيجة المنطقية لذلك، الارتفاع المسجل في الظواهر المرتبطة بأطفال الشوارع وجرائم الأحداث وإهمال الأطفال، والواقع أن الجهود المبذولة لمواجهة هذه الظواهر تبقي قاصرة عن المعاجلة الجذرية، مادامت السياسات المتبعة لا تعالج الأسباب المنتجة لها. من القراءات العلمية الصريحة للأداء المغربي في مجال النهوض بالأسرة؛ الدراسة التي سبق أن تقدمت بها الباحثة المغربية رجاء مكاوي في ندوة الفكر القانوني والديبلوماسي لجلالة الملك محمد السادس، والتي صدرت مؤخرا ضمن منشورات جمعية رباط الفتح، حيث عبرت وبأسى بالغ عن الحاجة ل” تصحيح الشكل الذي يطرح به موضوع الأسرة وتدارس قضايا الأسرة بحكمة وشمولية... وإعادة النظر في شكل التعاطي السياسي الإيديولوجي مع قانون الأسرة أو ما عبرنا عنه بتسييس وتأنيث قانون الأسرة الذي أدخل النقاش في متاهات لا نهاية لها”، ونعتقد أن بدون ذلك سيبقى المغرب رهين الوهم بكون مشكل الأسرة المغربية قد حل بمجرد صدور المدونة، في حين أن واقعها يزداد تدهورا وتفككا.