لا يختلف واقع أمواتها عن أحيائها.. فحتى بعد مفارقة الروح لأجسادهم لا يجد أهل بنسركاو السكينة في القبور، بعد أن افتقدوها خلال حياتهم، ويلاحقهم التهميش والعشوائية وسوء التدبير حتى في مثواهم الأخير.. هذه حالة مقبرة الشهداء ببنسركاو حيث بدأت تضيق بالوافدين ممن التحقوا حديثا بربهم. يقولون أن الحي أبقى من الميت، لكي يفكر في هذا الأخير، لأنه بالتأكيد سيموت في يوم من الأيام، وأفضل تكريم للميت هو التعجيل بدفنه و الاحسان إليه، لكن حين تضيق المقبرة على أن تستوعب أمواتها ، بعدما لم يفكر أحياؤها من الذين تعاقبوا على تدبير شأنها المحلي في مصيرهم المحتوم ، لدرجة جعلت سكان المدينة يختنقون في حياتهم وبعد مماتهم ، بسبب التهميش و سوء التسيير الذي صار لازمة أو سياسة معتمدة من طرف جميع القائمين على المدينة سابقا و حاليا . وإلى حدود يومنا هذا يتواصل الدفن بهذه المقبرة بطريقة أقل ما يمكن القول عنها بأنها عشوائية وتعتدي في كثير من الحالات على حرمة الموتى بسبب انعدام ممرات لتسهيل الحركة ، الفوضى في دفن الموتى و تحري القبلة ( قبر متجه صوب القبلة و بمقابله اخر صوب جكاراندا) ، الزبونية في اختيار القبور ، عدم احترام توقيت الدفن الجاري به العمل ، انعدام الإنارة ، نمو الأعشاب العشوائية وغير ذلك مما يحول دون آداء وظيفتها. قالوا ناس زمان : يا اللي مزوق من برا آش خبارك من الداخل ! و للأمانة قام المجلس البلدي الوصية عن تدبير هذا المرفق العام طبقا لما ينص عليه الفصل 50 من الميثاق الجماعي خلال السنين الاخيرة بإنشاء سياج اسمنت عالي لحجب الرؤيا عن ضيوف المنطقة المارين بالطريق الرئيسية رقم 10 الرابطة بين اكادير و انزكان، خوفا عليهم من الهم و الغم ، ونسيان الموت و كوابيسه ولو إلى بعض حين . واقع مقبرة الشهداء ببنسركاو تنبه الجهات المختصة قصد الإسراع بإيجاد حلول لأزمة الدفن في القريب العاجل، و دق ناقوس الخطر حول الصعوبة التي قد يجدها سكان المدينة من أجل دفن موتاهم ، بفعل النمو الديموغرافي السريع و لعدم اقتصار الوافدين على اهل بنسركاو ، باعتبار أن مساحتها المتبقية أشرفت على الانتهاء أمام استمرار ضعف الوعاء العقاري. ربما ليست بنسركاو الوحيدة التي تشتكي من أزمة الدفن ، فحسب تقرير أنجزته الجمعية المغربية للتكافل الاجتماعي والحفاظ على حرمة المقابر . وقد سبق لهذه الجمعية التنبيه و اشعار المسؤولين للوضعية الكارثية والمزرية التي تتخبط فيها مقابر المسلمين بالمغرب نتيجة انعدام النظافة والحراسة والصيانة، ناهيك عن الزحف الكبير للإسمنت والتوسع العمراني المطرد الذي قلص من مساحاتها ، حيث تشير الإحصائيات الرسمية كون المغرب في حاجة إلى 80 هكتار سنويا من المقابر، وأن أغلبية المدن ستعرف أزمة كبيرة في أفق 2020، الأمر الذي دفع بالجمعية المذكورة إلى دق ناقوس الخطر لهذه الازمة التي سائرون اليها ما لم نقم بالواجب .