الحمد لله وحده والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وبعد: مسئولية الجوارح: قال تعالى:(ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا) يعرض المسلم كل يوم سمعه وبصره وجوارحه لأصناف وألوان من الشهوات والملذات والفتن ما ظهر منها وما خفي ،قال صلى الله عليه وسلم:تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نُكت فيه نُكتة سوداء وأي قلب أنكرها نُكت فيه نُكتة بيضاء حتى تصير القلوب على قلبين : على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف مَعروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه أخرجَه مُسلم. لذلك فجوارحه رسل إلى قلبه توحي إليه برسائل سلبية وايجابية ،اقرؤوا إن شئتم أثر هذه العلاقة في قول النبي صلى الله عليه وسلم :(النظرة سهم من سهام إبليس من تركها لأجلي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه) ، وقوله تعالى الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) وقال فإذا قرئ القرءان فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون). وهكذا يكون للنظر والسمع واللسان ثأثير مباشر على القلب كما ان للقلب علاقة بصلاح الجوارح هذه ، فإذا صلح صلح سائر العمل ،وإذا فسد فسد سائر العمل .قال صلى الله عليه وسلم: (ألا وان في الجسد مضغة أذا صلحت صلح العمل كله، وإذا فسدت فسد العمل كله، ألا وهي القلب.) إن هذه الحواس أدوات طيعة بإرادة الإنسان، وبها يشتغل في اكتساب الحسنات أو السيئات أو هما معا ،وعلى حصائدها يقع الحساب والجزاء ،إما إلى الجنة وأما إلى النار ، قال تعالى:(ويوم نحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يكسبون). كما أنها أمانة ومسؤولية كما في الاية ،(كل أولئك كان عنه مسئولا). صيام السمع بحفظه من المحرمات: إن من آداب الصيام أن تصوم الأذن عن سماع المحرمات لانها في رمضان اشد وأوقع ،لذا قال سيدنا جابر رضي الله عنه :إ(ذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن المحارم) .ومحرمات السماع هي الاستماع لكلمات الكفر وعبارات العصيان والألحان، وسماع الباطل في المجالس والمجامع وفي وسائل الإعلام. وقد جعل الله تعالى حفظ السمع من اخص صفات المومنين، ففي الصفات العشر التي وصفوا بها في سورة المومنين يأتي الإعراض عن اللغو في الرتبة الثانية بعد الخشوع في الصلاة حيث قال تعالى : (قد افلح المومنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون) المومنون الآيات 1-3. وفي قوله تعالى : (وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) القصص الآية 55 . فسماع الشر واللغو يمنع القلب من القيام بواجب العبودية والخشوع لله تبارك وتعالى ، ويضيع رصيده من سماع الخير ، فبسماع الشر واللغو لن يعود في القلب محل للخير وللخشوع لذكر الله عز وجل . أن الله عز وجل دعانا لنشرف أسماعنا بذكره ونطهرها بحسن الاستماع والإنصات لكتابه،قال تعالى (وإذا قرئ القرءان فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) الأعراف 204. ورمضان مجال لتحلية أسماعنا بالطاعات وتخليتها عن المخالفات. فالله نسأل أن يحفظ أسماعنا ويبارك لنا فيها ويمتعنا بها أبدا ما حيينا.. آمين والحمد لله رب العلمين.