حلق الفنان القبايلي إيدير بجمهور مدينة طنجة، في ختام الدورة السادسة من مهرجان ثويزا للثقافة الأمازيغية أمس الأحد، في سماء الأغنية المرهفة الإحساس التي تتجاوز حاجز الكلمات وتقاسيم الأصناف الموسيقية لتخاطب وجدان المستمعين. أمام بضعة آلاف من المتفرجين، اعتلى إيدير المنصة الرئيسية للمهرجان بساحة الأمم بمدينة طنجة في السهرة الرئيسية لحفل اختتام المهرجان ليردد مجموعة من أشهر أغانيه باللهجة القبايلية، والتي تجاوز بعض منها حدود المنطقة المغاربية لتلامس الشهرة العالمية. كان إيدير، ومجموعته المكونة من خمسة عازفين، على قدر انتظار الجمهور، كان بمثابة قامة حلقت عاليا في سماء الأغنية الأمازيغية، بصوته الرخيم وألحانه المرهفة، أضفى على الأمسية الختامية للمهرجان مسحة من الحنين تركت الجمهور على شوق وانتظار للدورة المقبلة. وتجاوب الجمهور امتد على طول أداء الفنان الجزائري، ليبلغ مداه مع أغنية “أفافا إينوفا”، التي فتحت باب الشهرة العالمية للفنان إيدير، ردد جمهور طنجة الأغنية التي يحفظ كلماتها عن ظهر قلب، وانساقت الأصوات على وقع النثر الدافئ لقيثارة إيدير وصوته القادم من أعماق أساطير منطقة القبايل، قبل أن يغير الإيقاع إلى وتيرة أسرع وأقوى حين أدى إحدى الأغاني الغناوية المشهورة. وعلى هديه، أتحفت المجموعة الإسبانية “يالما”، المكونة من خمس مغنيات ومجموعة من العازفين، جمهور مدينة طنجة بمجموعة من الأغاني من التراث الموسيقي لمنطقة غاليسيا في أقصى شمال غرب إسبانيا، لكن بطريقة توزيع جديدة. بحركات متقنة منتظمة، دائرية ومستقيمة، على خشبة العروض، زاوجت المغنيات بين الصوت والحركة لشذ انتباه الجمهور المأخوذ بالإيقاعات التقليدية للأغاني المقدمة، لكن بتأثير جلي لبعض الاتجاهات الموسيقية العصرية من قبيل الفلامينكو واللاتينو. كما شاركت في هذا الحفل مجموعة صاغرو من جبال الأطلس، والتي قدمت مجموعة من الأغاني التراثية وأخرى من صنف الفيزيون والرييغا، بمشاركة مجموعة من العازفين والمغنين الشباب. وتميز اليوم الأخير من المهرجان بتنظيم ندوة حول “الإعلام السمعي البصري الأمازيغي، الواقع والآفاق”، وتنظيم المباراة النهائية في دوري كرة القدم المصغرة، فضلا عن مجموعة من العروض الفنية في المنصتين الثانويتين ببني مكادة واجزناية. وكانت الدورة السادسة من المهرجان انطلقت يوم الخميس الماضية بافتتاح معرض للفنان التشكيلي والسياسي المحجوبي أحرضان، ضم مجموعة من اللوحات التشكيلية المصنفة ضمن الاتجاه الفطري للرسم، لكنها تعكس مهارة ودقة من خلال استغلال عناصر الضوء والظل والأشكال والألوان. وتميز اليوم الأول بتنظيم ندوة افتتاحية بين المفكرين اللبناني علي حرب والمغربي أحمد عصيد لمناقشة موضوع “الهويات والانتماءات”, والتي تم خلالها الحديث عن العلاقة بين الهوية والأرض كانتماء وإقامة. كما تضمن برنامج المهرجان مشاركة فرقة القدس للفنون الشعبية (فلسطين)، ومن المغرب وبلاد المهجر كل من أماينو ومحند القمراوي وثيفراز وطارق أفريح وخالد إزري وسلام أريفي, وفرقتي الحصادة وريو ليكسوس, بالإضافة إلى مشاركة متميزة للمغنية الباتول المروانية من الأقاليم الجنوبية للمملكة. وأقيم معرض للكتب حول الهجرة بمشاركة مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ومعرض للمنتوجات التقليدية الأمازيغية المتوسطية، فضلا عن عرض فيلم “الطنجاوي” حول الكاتب الراحل محمد شكري.