بعد أن عثرت عناصر الشرطة بحوزتهم على مبلغ 12 ألف درهم لم يدر بخلد موظفي النقل (أ.ب) و (ع.ط) إلى جانب موظف بمديرية التجهيز (س.ل) أنهم سيقعون في قبضة عناصر الشرطة القضائية التابعة لمفوضية أمن أولاد تايمة، مباشرة بعد انتهائهم من الإشراف على الامتحان التطبيقي لمنح رخصة السياقة، إذ باغتتهم عناصر الشرطة القضائية بتعليمات من النيابة العامة بتارودانت داخل السيارة التي كانوا على متنها، وبحوزتهم مبالغ مالية تقدر بأزيد من 12 ألف درهم، وعلى الفور تم اعتقال المعنيين واقتيادهم إلى مقر الشرطة، حيث تم وضع الثلاثة رهن الاعتقال، ليتم الاستماع إليهم في محاضر قانونية متعلقة بتهمة الارتشاء المنسوبة إليهم. رفع (ع.ر) صاحب مؤسسة تعليم السياقة بمدينة أولاد تايمة، بشكاية إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف باكادير، يتهم من خلالها موظفين تابعين لمندوبية النقل بتارودانت بالابتزار والارتشاء وفرض إتاوات على أرباب سيارات التعليم، مقابل تسهيل عملية نجاح المرشحين في امتحانات الحصول على رخص النقل، وكذا الشطط في استعمال السلطة واستفزاز المرشحين والتلاعب في لوائح الامتحانات من طرف المعنيين بتواطؤ مع مسؤولي المصلحة بتاوردانت، وعزز المشتكي شكايته بمبلغ مالي قدر ب5000 درهم، عمل على استنساخ أرقامه التسلسلية وإرفاقه بالشكاية الموضوعة لدى النيابة العامة بتارودانت التي تكلفت بمتابعة ملف القضية في إطار الانتداب القضائي. اعتقال الموظفين أصدر وكيل الملك تعليماته إلى مصلحة الشرطة القضائية بالمدينة بمتابعة مجريات القضية وإخباره بالمستجدات الطارئة، قبل أن تنتقل عناصر الشرطة المكلفة بالقضية في تمام الساعة الثانية إلى حي النهضة حيث يجتاز المرشحون الامتحان التطبيقي في السياقة، وظلت عناصر الشرطة تترصد بركن منزو بمحيط تجزئة سكنية خالية إلى أن تجاوزت عقارب الساعة الرابعة مساء، ومباشرة بعد امتطاء الموظفين الثلاثة سيارة المصلحة من نوع س.15 في طريقهم إلى العودة إلى مدينة تارودانت، باغتتهم عناصر الشرطة، وبعد تفتيش السيارة عثرت بحوزة (أ.ب) على ظرف به مبالغ مالية تقدر بأزيد من 12 ألف درهم، وعلى التو تم اقتياد المعنيين إلى مقر المفوضية للتحقيق وإجراء بحث معهم. التشبث بالإنكار بمصلحة الشرطة القضائية، أكد كل من (أ.ب) و (ع.ط) أن الأموال التي تم ضبطها لديهم هي متحصلة من عملية بيع الطوابع الخاصة بالوزارة الوصية، حيث أفادا بأن المترشحين الموفقين في المبارة، ملزمون حسب القانون المنظم بأداء مبلغ 150 درهما لكل واحد منهم مباشرة بعد نجاحهم في المبارة، غير أنه وبعد إجراء المحققين لعد سريع للأموال المتحصلة من عملية بيع الطوابع والأموال المتوفرة بحوزتهم تبين أن الفارق يظل كبيرا، مما جعل المحققين يشكون في أنها مبالغ متحصلة من الارتشاء، خاصة بعد التأكد من وجود مبالغ مالية أخرى كان المشتكي قد عمل على استنساخها وإرفاقها بالشكاية المرفوعة لدى النيابة العامة، وبعد الانتهاء من تحرير المحاضر القانونية رفض المعنيون التوقيع على المحاضر القانونية المنجزة في القضية، فيما توصل رئيس الشرطة القضائية بإرسالية موقعة من طرف المندوب الإقليمي تؤكد أن موظف التجهيز (س.ل) ليس طرفا في القضية ولا تربطه بالقضية أي علاقة، وأن وجوده ضمن المجموعة كان من أجل تنفيذ مهمته في مراقبة سلوك الموظفين العاملين في مصلحة النقل المكلفين بالإشراف على سير امتحانات الحصول على رخص السياقة، وبناء على الإرسالية المذكورة وبعد إشعار ممثل وكيل الملك، أفرج عن (س. ل) الذي أكد في محضر أقواله لدى الضابطة القضائية أنه عاين فعلا عملية توصل (أ.ب) بالظرف الذي يحتوي على المبالغ المالية، ليتم الإبقاء على المتهمين الاثنين داخل السجن الإداري في انتظار إحالتهما على المحاكمة. النقابة تدخل على الخط في خضم تسارع الأحداث، تحرك مسؤولون نقابيون بالجهة للدفاع عن زميليهم المعتقلين، فأصدر المكتب الجهوي للجنوب التابع لفرع النقابة الوطنية لقطاعات الأشغال العمومية المنضوية تحت لواء الكونفيدرالية الديموقراطية للشغل بيانا، توصلت «المساء» بنسخة منه، استنكروا من خلاله الطريقة المفبركة التي تم بها اعتقال الموظفين المذكورين من أمام مركز اجتياز مباريات رخص السياقة، وتلفيق تهمة الارتشاء إليهما رغم عدم توفر أركان الجريمة، اعتبارا لعدم علم الموظفين المعتقلين بوجود الظرف الذي يحتوي على المبالغ المستنسخة داخل سيارتهما. وأفادت مصادر نقابية في هذا الإطار، بأنه سبق أن سجلت شكايات عديدة ضد مفجر القضية (عبد الوهاب .ر)، بتهم تخص التهديد والسب والقذف في حق عدد من الموظفين بعدد من مراكز تسجيل السيارات، حيث تم رفع تظلمات كتابية بشأنها إلى المصالح المعنية بوزارة النقل ومديرية السلامة الطرقية، لكن دون أن يتم فتح تحقيق بشأنها، وهو الأمر الذي شجع المعني بالأمر على التمادي في استفزازاته المتكررة وترهيب الموظفين المشرفين على امتحانات رخص السياقة، قصد ضمان مصالح ذاتية محضة لصالح مؤسسته، مؤكدين أن سبب تفجيره للشكاية يعود إلى فشل زبناء مؤسسته في اجتياز مباريات رخص السياقة. استدعاء الشهود أحالت عناصر الشرطة المتهمين الاثنين على أنظار ممثل النيابة العامة، الذي أحالهما بدوره على قاضي التحقيق بنفس الابتدائية، والذي أمر بإيداعهما السجن الفلاحي أولاد الحلوف، في انتظار عقد جلسة الاستماع التمهيدي واستدعاء باقي أطراف القضية، وخلال الاستماع إلى إفادات المرشحين الشهود الذين اجتازوا امتحانات الحصول على رخص السياقة خلال ذلك اليوم، نفى هؤلاء أن يكونوا قد تقدموا بأموال عبر وساطة أرباب سيارات التعليم قصد التوسط لهم في اجتياز المباراة عن طريق الارتشاء، كما تراجع موظف التجهيز (س.ل) عن تصريحه السابق، مؤكدا أنه لم يعاين لحظة توصل (أ.ب) بالظرف المالي، كما نفى ستة من أرباب مؤسسات السياقة بمدينة أولاد تايمة، أن يكون الموقوفان يتعاملان بطرق تشوبها الزبونية والمحسوبية وفرض رشاوى، مؤكدين أن الامتحانات تمر عادة في ظروف عادية، بعيدا عن أي شبهة خلافا لما جاء في شكاية (ع.ر) صاحب سيارة التعليم. حكم وإدانة خلال جلسات التحقيق تم الإفراج عن (ع.ط) بعدما تبين عدم تلبسه بتلقي رشاوى، في حين أحيل ملف (أ.ب) على جلسات المحاكمة، وبعد إدراج الملف في المداولة، أصدرت الهيئة القضائية في الملف الجنحي التلبسي حكما يقضي بإدانة الموظف أ.ب بشهر حبسا نافذا، وبقدر ما خلف الحكم الصادر ارتياحا لدى المتعاطفين مع المتهم وزملائه في المهنة، عبر (عبد الوهاب.ر) عن سخطه من الحكم الصادر، حيث تقدم في هذا الصدد بشكاية إلى وزير العدل يطالب من خلالها بفتح تحقيق في الملف الجنحي التلبسي، معتبرا أن الحكم الصادر يثير العديد من علامات الاستفهام النظر إلى أن القضية تتعلق بجنحة تلبسية وليس بشكاية، وأشار المشتكي إلى الخلفيات التي جعلت المحكمة تتخلى عن الشاهد الوحيد موظف التجهيز الذي عاين عملية تسليم الظرف المالي للموظفين، كما استغرب المشتكي انسحاب المحامي الذي أوكله للترافع لفائدته أثناء انعقاد الجلسة بدون أي مبر منطقي.