لازالت القاعة السينمائية بالعاصمة السوسية “سينما سلام” منتصبة حارسة لم يزعزعها لا زلزال أكادير ولا عواصف الشتاء ولا حتى رياح الخريف. بقيت صامدة شامخة ليأتي بعد ذلك قرار الإغلاق بدون أية أسباب منطقية تذكر لتصير بعد ذلك موقعا مهملا ترمى الأزبال بجنباته. لتليها آخر المتنفسات الثقافية بالمدينة سينيما ريالطو التي فوجئ ساكنة المدينة بقرار إغلاقها اليوم، اي في الثالث من شهر فبراير من 2012 لتصير العاصمة السوسية أمام كارثة ثقافية حقيقية، تهدد المشهد الثقافي والفني بالمدينة في زمن الثورات من أجل التغيير وتحقيق الأفضل. تختلف السيناريوهات التي قدمتها المصادر للبحث عن سبب إغلاق القاعة، بين من يقول أن البنية التحتية ضعيفة، وتهدد حياة الزوار وبين آخرين يتحدثون عن مشروع سياحي مهم يستعد صاحب البنية لتأسيسه، ومن أجل ذلك اختار إقفال القاعة واستغلال المساحة لتنفيذ مشروعه على أرض ريالطو، ومن يذكر أنه بناء على قلة زوار السينما وضعف المداخيل قرر الإغلاق كحل نهائي للأزمة المالية التي تعاني منها القاعة و مستخدموها. لن تتضرر الساكنة فقط من قرار إغلاق سينما ريالطو كافراد بل سيتضرر المجتمع المدني والسياسي والجمعوي كذلك لكونه سيفقد قاعة من أهم القاعات التي تشهد أنشطة ثقافية ومهرجانات وملتقيات جهوية ووطنية ودولية تحتضنها العاصمة السوسية منذ سنين. ليخلق خصاصا حقيقيا في المدينة إضافة إلى الخصاص القائم أصلا، ويستنجد المنظمون بقاعات الفنادق المعروفة باثمانها المرتفعة، أو ليتناوبوا على استعمال ا لقاعة الوحيدة ببلدية أكادير، قاعة الأفراح. بناء على هذا القرار الجائر في حق الثقافة، وفي حق المثقفين، وفي حق الإنسان الأكاديري والمغربي والكوني. سيحكم على المدينة السوسية بالعودة إلى عصور حجرية جافة من كل ما هو إبداعي جمالي فني، يخلق السعادة على وجوه الأطفال الزائرين كل صباح يوم أحد لمشاهدة آخر الأفلام الكرتونية، وليوقع كذلك بؤسا على وجوه كل المراهقين الذين يتشوقون لحلول مساء السبت اثر أكلهم للفشا,ر وهم يشاهدون أحلى الأفلام الرومانسية. بناء على هذا القرار الجائر في حق من حقوقنا الثقافية سيحكم على مدينتنا بظلام معتم يعيدنا إلى وراء الوراء وسأختم بجملة قيلت بعد هذه الكارثة من طرف أحدهم “رحم الله الثقافة والفن في هذا البلد العجيب” قولوا آمين.