لم يدر بخلد الشاب رشيد لزعر أن تكون نتيجة عدم قرته تلبية رغبة زوجته في الخروج للنزهة يوم ثالث العيد، بحكم ارتباطاته العملية والمهنية، أن يتعرض لاعتداء من طرف رجل أمن بواسطة سلاح ناري وضرب بمؤخرة السلاح في مناطق مختلفة من جسده، مع ربطه بالأصفاد الحديدية، وتهديد بالتصفية الجسدية إن هو تطاول مرة ورفض الإذعان لرغبات زوجته. و يسرد رشيد في تصريحات خص بها “أخبار اليوم” تفاصيل ما وقع له صبيحة يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي. وبدا تائها لا يعرف من أين يبدأ قصته... وهو يتساءل بينه وبين نفسه، إن كان من سيسمع قصته سيصدقها. فهي أقرب ما تكون إلى الخيال. وهو نفسه ما زال غير مصدق أن يكون ما وقع له حقيقة، وليس مجرد أضغاث أحلام. إلا أنه في كل مرة يطل على الأوراق المتناثرة أمامه، والتي تتضمن شهادات ثلاث جيران، والشهادة الطبية، وصور الجريمة، يعود إلى صوابه ويتجرع الحقيقة بمرارة. ويتذكر رشيد أنه بعد قيامه متأخرا من النوم في صبيحة ذلك اليوم، وتناوله لفطوره، واستعداده لإنجاز بعض الترتيبات الخاصة، عبرت له زوجته عن رغبتها في الخروج للنزهة بمناسبة العيد صحبة عائلتها، وأنها تريد أن يرافقها زوجها. إلا أن رشيد أجابها أنه لن يستطيع تلبية رغبتها ذلك اليوم، بحكم ارتباطاته المهنية، فهو صاحب شركة بالميناء، والعمل ما لبت أن انطلق بعد توقف اضطراري بسبب الراحة البيولوجية، وطلب منها تأجيل الموضوع إلى وقت لاحق. وينشب جدال حول الموضوع يتبعه خصام ثم بكاء من طرف الزوجة. وفي تلك اللحظات بالذات، يرن هاتف الزوجة. وكانت على الطرف الثاني من الخط والدتها تستعلم عن موعد قدومهم للخروج بشكل جماعي للنزهة المبرمجة سلفا. وترد الزوجة على والدتها بكلمات، ممزوجة بمقاطع بكاء ونحيب، تؤكد رفض زوجها رشيد لمسألة النزهة. لتقفل أمها الخط، بعد أن أخبرتها بقدومها رفقة باقي أفراد العائلة لإقناع رشيد. وما هي إلا دقائق معدودة حتى حضر موكب العائلة الذي يتكون من والدي زوجة رشيد وأختها وزوج هذه الأخيرة، المسمى مولاي إدريس- م، الذي يعمل كرجل أمن بالمنطقة الإقليمية للأمن بإنزكان أيت ملول. وبينما كان الجميع يحاول إقناع رشيد بالعدول عن قراره وإرجاء أمر العمل إلى اليوم الموالي، وأمام إصرار رشيد على الرفض، انتفض زوج ربيبة هذا الأخير، والذي كان مخمورا، وبدأ في إلقاء العديد من ألفاظ السباب والكلمات النابية في وجه رشيد. وهو ما لم يتقبله رشيد، ليرد على رجل الأمن بأن يحترم حضور أفراد العائلة، خاصة تواجد النساء منهن، وبأن الأمر لا يعنيه، وأن ما يصدر عنه يدخل في نطاق عدم التربية. وكان ذلك بمثابة النقطة التي أشعلت نيران الغضب في صدر رجل الأمن، واعتبره انتقاصا من رجولته، فقرر تلقين درس للضحية رشيد، أكيد لن ينساه مدى الحياة. فضربه بلكمة في وجهه سقط إثرها رشيد أرضا، ولما حاول هذا الأخير النهوض للرد على الضربة، استل رجل الأمن مسدسه من جرابه، ووجهه إلى الضحية مهددا إياه بالتصفية. وأمام هذا الوضع بدأ عويل وصراخ بعض أفراد العائلة، ومنهم من فر من المكان خوفا على حياته. وعمد رجل الأمن إلى تكبيل يد رشيد بأصفاده الحديدية، وتعليقه على باب بهو المنزل. لتبدأ سلسلة الضرب والجرح بواسطة مؤخرة المسدس في أنحاء مختلفة من جسده، مما أحدث جروحا غائرة في مختلف أنحاء جسد رشيد، خاصة على مستوى الرأس والجبهة والعنق والظهر. وعند سماع بعض الجيران لصراخ قادم من منزل الضحية رشيد هبوا للنجدة وتقديم المساعدة، فوجدوا باب المنزل مشرعا، فدخلوا ليصطدموا بمنظر رجل الأمن وهو يحمل السلاح الناري في يده، وهو ما زال يهوي بمؤخرة المسدس على جسد رشيد المتدلي أنه يهم بسلخه مثل ما يُفعل بكبش العيد. وعندما لاحظ رجل الأمن تواجد الجيران، حول وجهة مسدسه صوبهم وأمرهم بالابتعاد والخروج من المنزل وإلا سيفرغ رصاصات مسدسه في أجسادهم، ليتراجع هؤلاء إلى الخلف، ويرافقهم رجل الأمن تحت التهديد إلى غاية خارج المنزل، رغبة منه في إحكام إغلاق باب المنزل. وتستغل الزوجة، التي ندمت كثيرا على إخبارها لوالدتها برفض زوجها الخروج، أمام هول ما رأته من عقاب، الفرصة لتلتقط صورا لزوجها وهو مكبل بالأصفاد بهاتفها النقال، وتطفئ الهاتف قبل وصول زوج أختها وترمي به تحت الكنبة. وعاد هذا الأخير لينهي عمله الذي بدأه، إلا أنه انتبه إلى أنه من الممكن أن يقدم الجيران على إعلام الشرطة، ليعمد بعد ذلك إلى فك وثاق رشيد، مع تهديده بالتصفية إن هو أبلغ عن الحادث. ليتم نقل رشيد إلى المستشفى، حيث خضع لتقطيب جروحه بالعشرات من الغرز في جبهته وفوق رأسه وعلى عنقه. وحصل على شهادة طبية تثبت مدة العجز في 28 يوما قابلة للتجديد. تجدر الإشارة إلى أن الضحية رشيد لزعر تقدم بشكاية في الموضوع إلى وكيل الملك لدى استئنافية أكادير، حصلت أخبار اليوم على نسخة منها، وذكر من خلالها أن العشرات من ساكنة أيت ملول وجمعيات المجتمع المدني عبروا له عن استعدادهم تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر المنطقة الإقليمية للأمن بإنزكان، احتجاجا على هذا الحادث. وقد حاولت “أخبار اليوم” الاتصال مرارا برجل الأمن “مولاي إدريس –م عبر الهاتف، لأخذ روايته في الموضوع، إلا أن هاتف غير مشغل، وفي كل مرة يحيلنا على العلبة الصوتية.