وهو يتناول غذاءه يوم الجمعة الأخير بمقاهي سيدي بيبي باشتوكة أيت باها، راع انتباهه بعض الأشخاص الذين أحاطوا بالشاحنة التي أوقفها غير بعيد عنه، وعوض أن يتوجه نحوهم رأسا، قرر أن يغادر المكان في ظروف غامضة، اختفى عن الأنظار بعدما شعر بالخطر يحدق به، وتبين عند فحص محتويات الشاحنة بعدما ظلت مركونة بمكانها أنها تحمل أسفل شحنة قنينات الغاز خمسة أطنان، و 516 كلغ من صفائح الشيرا. أطنان جديدة من الشيرا يحجزها الدرك الملكي بأيت اعميرة، والصدفة هي التي قادته إلى الشرك، وإن كان طاجين من الدجاج البلدي هو السبب، فقد شعر السائق بمغص الجوع يقطع أمعاءه، وقادت الرياح إلى أنفه روائح الطواجين بسيدي بيبي فتوقف، وركن شاحنته جانبا ثم ترجل نحو مقهى. وهو يلتهم طبقه بعد رحلة مضنية ظلت الشاحنة تحت رقابة عيونه، في نفس الوقت استرعى انتباه بعض الفضولين، أن الشاحنة تحمل قنينات غريبة عن المنطقة، ولا عهد لهم بها، واحدة تحمل علامة تجارية بفاس والأخرى تحمل علامة شركة تروج منتوجها بالشمال إلى جانب علامة محلية. وليتضح هذا اللغز هاتفوا على عجل أحد أفراد جمعية أرباب وموزعي الغاز، وبنفس السرعة حل وتطلع إلى أعلى شاحنة «الميتسوبيشي»، ليقرر المكوث غير بعيد عنها إلى أن يظهر سائقها ليستفسره إن كان يحمل ترخيصا بترويج المنتوج المحلي، وعن سر حمل منتوج آخر يروج بمدن أخرى. اعتقد السائق أن ما تحمله الشاحنة في بطنها انكشف فقرر الفرار إلى وجهة تبقى لحد الآن مجهولة، فقد طال انتظار ظهوره حتى تجاوز الحال عصر يوم الجمعة، فتم استدعاء عناصر الدرك الملكي، وأعطى وكيل الملك أمرا بالتفتيش، فكانت المفاجأة التي لم تنتظرها جمعية قطاع الغاز، ففي أسفل هذا الخليط من قارورات الغاز، رصت صفوف من العلب المليئة بصفائح الشيرة المحكمة الصيانة بثلاثة لفائف لكل صفيحة ما يقود إلى التخمين أن الصفقة كانت ستهجر إلى الخارج بحرا انطلاقا من الأقاليم الجنوبية.