يعيش العمل النقابي المركزي في هذه الأيام لحظات احتضاره بعد أن تبث حسب "الفحص السريري" الذي أشرف عليه "خبراء" الشغيلة التعليمية ، أنه يعاني من مرض مزمن لا يرجى شفاؤه !. فقد ابتلي بكائنات التَذتْ الجلوس على "الكرسي" حتى التصقت به ، فما عادت تقوى على النضال وسط الصفوف ، كما لم تعد تطيق المغادرة بعد طول لبوث انكشفت خلاله عورتها ، وبانت حقيقة نفاقها . لقد ولى زمن النضال الشريف ، النبيل.. وحل زمن المتاجرة بذمم الشرفاء من ذوي النيات الحسنة ، والقلوب الطاهرة السليمة ، الملبية لنداء النزال: من الاحتجاج المسؤول إلى التصعيد الزاحف ... زمن أضحى فيه أسلوب " السمسرة " و"اتشلهيب"، سلعة رائجة ، وسوقا قائمة ، يعتلي منابرها " سماسرة " يستلهمون الهمم الغافلة ، ويضحكون على الأذقان السادرة في أثون الغفلة والإمعية...! بعض " النقابيين " في زماننا يا قوم ! منافقون من العيار الثقيل ؛ يدعون لشيء ويأتون خلافه ، ويظهرون ظاهرا ودودا وديعا ، ويضمرون باطنا خرابا ، إلا من حب الكرسي والمنصب .. تراهم بين ظهرانَي الشغيلة أُسُدا تزمجر بالوعد والوعيد ، وبين يدي أولي نعمتهم نعامات ، تقتات من الفتات ، وترضى بالذل والهوان.. أرجلٌ تدب معك على الأرض في ساحات المواجهة والنزال ، وقلوب معلقة بالكراسي والمناصب والامتيازات المُحرَّمة . لقد عرفنا منهم الكثير ، وعاصرنا منهم - طيلة أزيد من ثمانية عشر عاما من الممارسة الميدانية - نماذج ، وأصنافا ؛ فما ألفناهم إلا حريصين على تسلق درج المناصب والكراسي ، .مجتهدين في تخطي الرقاب ، وركوب الظهور ، والقفز على الجدران القصيرة ؛ فصاروا إلى حيث هم الآن ، بعدما كانوا بيننا ؛ ولا حسد !! . فمنهم من ضل يناضل في صفوف الشغيلة التعليمية لسنوات ، ولما طلبه "الكبار" للالتحاق بالرباط ، استحوذ على أموال الانخراطات ، وفرَّ . وهو اليوم يتربع على كرسي المكتب السياسي لأحد الأحزاب الكبيرة ، ويظهر بين الحين والآخر على شاشة التلفزيون يقدم دروسا في الديموقراطية والنزاهة والمصداقية ، ويتهم خصومه السياسيين بالسرقة و"اتشلهيب" وو.. !! ومنهم من ضل يتردد على سادته ، يقبِّل الأقدام والأكتاف ، حتى إذا ما مُكِّن من مبتغاه ؛ إدارةً مريحة في الوسط الحضري ، والتحاقَ زوجته به ؛ خرج ليرفع صوته ضد الزبونية والمحسوبية التي تعرفها الإدارة !! ومنهم من جمع شتات بعض الغاضبين على " العرض النقابي " الذي تقدمه بعض الإطارات النقابية الموجودة في إقليمه، وأخذ يخوض بهم "طواحينه الهوائية" ضد النيابة وموظفيها ، وعندما قرر تسجيل "فرقعاته" النقابية أمام أسوار البناء العتيد للأكاديمية الجهوية ، تم احتواؤه ، بعد أن اقتلعت مخالبه و أنيابه ؛ لينتهي به المطاف مكلفا بسيطا ، بملف فارغ من أية شواهد ، في مكتب ضيق داخل الأكاديمية !! ومنهم من نزل من الجبل معلما بسيطا ؛ فأرغى وأزبد ، وصرخ وزمجر ؛ فكوفئ تفرغا مكَّنه من تعميق علاقاته ب"الكبار" . و حينما قرر هؤلاء الكبار "كركبته" ؛ هدد وتوعد ، وأضرب واعتصم ؛ فظهر واشتهر ؛ فكان جزاؤه منصبا مريحا في المكتب الوطني لنقابته "النزيهة جدا" !! ومنهم من ابتدأ نزيف انسحابه من القسم منذ أصبح نقابيا معروفا ، ومستشارا جماعيا مشهورا ؛ ينطق فلا يشق له غبار. فاستغل منصبه للتردد على أصحاب "الوقت والحال" الذين مكَّنوه من "الانتصاب الصنمي" وسط السلطات التعليمية العليا ، التي غضت الطرف عن "زبلاته" المسترسلة ، وشاركته جريمة "التفييض" في عز الخصاص الذي تشتكي منه المؤسسة الوطنية في الإقليم . وهاهو اليوم رقم بدون صفة ، يتربع على عرش الأشباح ، ويأكل مما يأكل منه الرجال الأقحاح !! ومنهم..ومنهم... فاضراب هؤلاء هم الذين جلسوا إلى الحكومة خلال جولات أبريل الأخير للحوار الاجتماعي ليقرروا في مصائر و مطالب الشغيلة العاملة المناضلة ، وينوبوا عنها في إبرام "وثيقة الاستسلام"، مقابل "مساعدات" قدرت بعدة ملايين من الدراهم ، و"مصادقات" سترهن حاضر ومستقبل الشغيلة التعليمية ، و"توافقات" حول أشياء أخرى ستكشف عنها المذكرات الوزارية التنظيمية التي ستنزل- بتوافق مع النقابات الأكثر تمثيلية !! - على رؤوس الشغيلة التعليمية شهبا تلظى. (وليست المذكرة 73 إلا إحدى طلائعها الجاحدة..) .. لقد انقلب القوم غير القوم ، والخطاب غير الخطاب، بعد أن عرفت الامتيازات طريقها إلى أصحابنا كمبلغ ل" صمت الشجعان" ، تخنس بعده الألسن، وترق القلوب المكلومة بلظى الاحتجاج ، لتموت غيظا بعد أن بانت فصول المسرحية التي أجاد "مناضلو الارائك ، والفرش الناعمة ، والغرف المكيَّفة" ؛ حبْك فصولها ، وتوزيع أدوارها ،في دهاء وخبث، بين الكتاب "الوطنيين" للدكاكين "الأكثر ثمثيلية" الذين رفعوا أيديهم من الأيدي الطاهرة التي بايعتهم على النضال والصمود في المنشط والمكره .. ومحاورهم الحكومي الذي ظل يُنعت في بيانات القوم ، وخلال وقفاته الناقمة المنتقمة ؛ بلوبي الفساد ، والطغمة المتعفنة ، وصاحب الضيعة المستفرد بالقرار ... وما إلى ذلك من تلك الأسطوانة المشروخة التي لم تعد تنطلي على أحد . لقد انتهت هذه الدكاكين إلى "سُعاة" تستجدي اليد الحنون للحكومة فُتاتا تستقوي به أمام الأنصار الذين بدأوا ينفضون من حولها زرافات وَوِحْدانا ، حتى ماكاد "يثق" فيها إلا ذوي المصالح من "السماسرية" والوصوليين ، وآكلي الثوم بأفواه المستضعفين ، من الكراكيز التي تنط بين أيدينا ، والتي يعود إليها الوزر- كل الوزر- في ما آلت إليه الأوضاع التعليمية بهذه الديار العالمة . فأضحت ، بفعل الخمول والكسل والركون إلى فتات ما تجود به الحكومة في حواراتها المشروطة تحت قاعدة ماسمي زورا بالسلم الاجتماعي ؛ إطارات مهترئة ، مترهلة ، خاوية على عروشها ، لا يكاد يجاوز رصيدها النضالي بيانات وبلاغات يتيمة يصوغها أصحاب "الكروش المنتفخة" بفعل التفرغ الفارغ ، في السراديب المظلمة بعيدا عن القواعد المتنقبة التي ما عادت تثق فيمن صفقت له بالأمس القريب ، وأعْلَتْهُ الكرسي الوثير، لينقلب عليها ، ويتنكر لوعوده والتزاماته التي كان يصدع بها في خطبه العنترية!!... وهكذا تنتهي المسرحية ، ليطلع علينا رؤوس الفساد النقابي ببلاغهم المشؤوم حول هذا الفتات كإنجاز غير مسبوق في تاريخ العمل النقابي بهذا البلد ، وليسدل الستار - أخيرا- عن مسرحية كوميدرامية رديئة الإخراج ، وضعت العمل النقابي برمته في الميزان ... *********** فتحية إكبار وإجلال لكل المناضلين الشرفاء في هذا البلد الحبيب .. ! وتحية صادقة لكل الذين ثاروا ضد مكاتبهم الوطنية ، واستنكروا مهزلة الاتفاق المشؤوم ، وواصلوا النضال المستميت ضد جيوب الفساد الرابض في دهاليز إطاراتهم النقابية.. وتحية لكل المناضلين الشرفاء الذين كانوا ضحية هذا الاتفاق / المهزلة ؛ فطُردوا من إطاراتهم التي بنوها على أعينهم ، وشيدوا صرحها العنيد بأيديهم ؛ فكانوا ضحية "عنادهم" المستميت ، فانتهوا إلى ساحة الشرافة والصدق ؛ نجوما تتلألأ.. وتحية عز وإباء لكل النزهاء الصادقين الذين يعانون في صمت داخل إطاراتهم النقابية الحزبية ، بعد أن رفضوا أن يكونوا مجرد أصوات تقيم أَوَدَ "حزب نقابتهم" العتيد ، وأدرعا تحمي ظهر أحزاب شاخت عن زمانها ، فما عادت تقوى على النهوض بلهَ النضال والصمود .. ! وتحية ود واحترام للأخفياء الأنقياء الذين إذا حضروا لم يُعْرَفوا ، وإذا غابوا لم يُفتقدوا ، قلوبهم موائل الكرامة والحرية والبسالة .. ! و تحية لكل الذين قالوا بملء قلوبهم قبل ألسنتهم : لا للظلم.. لا للفساد ..لا لمدبري الأزمة من مفسدي ومفسدات قطاع " العلم والتربية".. ! وتحية إجلال وتقدير لكل النقابيين الذين واصلوا العطاء والجد والتفاني داخل مقرات عملهم ، ورفضوا كل الامتيازات المحرمة ، واستعاضوا عنها بما يربحونه في نفوسهم وذويهم من ثمرات التفاني والإخلاص ؛ صحة في البدن ، وصلاحا في الأهل ، وهناء في البال ، وتقديرا عند الناس... !! تحية لكم ، يا من أشاهدكم وأنتم تخرجون من رحم المستقبل القريب..تحملون فؤوس الحق والصمود ، تهدمون بها عروش الفساد المنتصب في ربوع إطاراتكم "العتيدة" ، وتبنون على أنقاضها صروح الحق و القوة والصدق... !! تحية لكم ، تحية .. فأنتم المعوَّل عليكم –لا على سواكم- في توزيع رغيف "النضال الصادق " على أنفس جوعى بانتزاع الحق ، جامحة لهدم أصنام الباطل .. !! فعليكم مني السلام .. وكل نضال وأنتم على موعد !! ---------------------------------- * فاعل نقابي