وضعت النيابة العامة بالدار البيضاء، أول أمس الخميس، رشيد نيني مدير جريدة "المساء" تحت الحراسة النظرية في حالة اعتقال لمدة 96 ساعة قابلة للتمديد 48 ساعة. وتلقى دفاع رشيد نيني هذا القرار باستغراب كبير، متسائلا: كيف تم تكييف قضية نشر إلى جناية. وقال محامي الجريدة عبد الحق بلكوط إن قرار النيابة العامة مناقض لما جاء في مضمون بلاغ الوكيل العام للملك، مشيرا في هذا السياق إلى أن بلاغ الوكيل العام للملك تحدث في البداية عن إغلاق الحدود في وجه رشيد نيني، وهو ما يعني أن فرضية اعتقاله غير واردة على الإطلاق، "لكن، يقول بلكوط، فوجئنا بأن النيابة العامة تخرج بقرار غير قانوني يقضي بوضع مدير "المساء" تحت الحراسة النظرية، فيما امتنع الوكيل العام عن تبرير هذا التناقض بدعوى سرية البحث". والمثير أكثر في بلاغ الوكيل العام، حسب بلكوط، أنه تضمن قضايا أخرى لا علاقة لها بموضوع التحقيق عندما تحدث عن وجود دعاوى قضائية مرفوعة ضد "المساء"، "رغم أن هذا الأمر، يقول بلكوط، هو أمر عادي وليست هناك مؤسسة إعلامية ليست لها نزاعات قضائية"، مضيفا أن "المساء" بدورها " ربحت العديد من الدعاوى القضائية". وجاء وضع رشيد نيني تحت الحراسة النظرية بعد أن استدعي أول أمس الخميس من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في حدود الساعة الثالثة زوالا وظل على تواصل مع الجريدة قبل أن ينقطع الاتصال بعد الساعة الثامنة مساء. وبدورها، اعتبرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أن الإجراءات التي تم اتخاذها في حق مدير "المساء"، لا تستند على أساس قانوني، مشيرة إلى أن " كل المؤاخذات ارتكزت على قضايا النشر، مما يعني أن الأمر يتعلق بممارسة الرأي والصحافة، وهو ما لا يعطي الحق للنيابة العامة بإصدار أمر الاعتقال أو إغلاق الحدود في وجهه". وطالبت النقابة بإطلاق سراح رشيد نيني واحترام القانون الذي تم خرقه من طرف النيابة العامة، منددة بما أسمته "ممارسات قمعية" اعتبرتها تراجعا وعودة إلى الوراء، في الوقت الذي ينتظر فيه المجتمع إصلاحا لقانون الصحافة والالتزام بالقوانين من قبل كل الأطراف، بما فيها الأمنية والقضائية. ومن جهته، قال محمد اليازغي، وزير الدولة، إنه شخصيا ضد اعتقال رشيد نيني، معتبرا في اتصال مع "المساء" أن المغرب ليس محتاجا لاعتقال الصحافيين. وأضاف اليازغي أنه ضد اعتقال أي صحافي مهما يكن الشيء الذي كتبه. محمد بنسعيد آيت يدر، الرئيس الشرفي لحزب الاشتراكي الموحد، بدوره قال إنه فوجئ باعتقال رشيد نيني، خاصة أن هذا الاعتقال جاء في مرحلة دقيقة يعيشها المغرب، قبل أن يضيف قائلا: "لذلك لا يسعني إلا أن أعلن تضامني مع الصحافي رشيد نيني وأستنكر هذا الاعتقال الذي يعني من ضمن ما يعنيه أن المغرب لم يقطع مع أساليب الماضي في ما يتعلق بالتضييق على حرية التعبير، وهذا أمر يجب أن يوضع له حد". أما عبد الهادي خيرات، القيادي في الاتحاد الاشتراكي، فقد أعلن تضامنه باسم جميع العاملين بصحف الحزب مع مدير "المساء"، وقال إنه ضد اعتقال رشيد نيني. وأعرب امحمد الخليفة، القيادي في حزب الاستقلال، عن تضامنه مع مدير "المساء" في حادث اعتقاله، وقال إنه مستعد لمؤازرته في هذه المحنة. وقال الخليفة إن اعتقال نيني لم يفاجئه، نظرا لجرأته، قبل أن يضيف "كنت أقول دائما إن جرأة نيني ستفرق دمه بين القبائل، وإن الجرأة التي يعالج بها عموده اليومي المقروء ستثير عليه يوما ما زوابع قد لا يكون له قبلا بها". وتابع الخليفة قائلا: "إن اعتقال صحافي لامع في مستوى رشيد نيني بعصاميته وقلمه السيال ومشروعه الإعلامي الناجح، ليستنطق في حالة تلبس، بغض النظر عما إذا كان هناك شيء في جرائم الصحافة اسمه حالة التلبس، هو شيء مرفوض"، خاصة في هذا الوقت الذي أصبح فيه التنديد بالفساد والمفسدين دارجا على كل لسان. وقال الخليفة إن "اعتقال الأستاذ رشيد نيني أتى بعد تصريح لوزير العدل في التلفزيون يؤكد أنه لا يعتقل أو يحكم على أي صحافي سواء بعقوبة حبسية نافذة أو موقوفة التنفيذ". واستنكر عبد الحميد أمين، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حادث اعتقال رشيد نيني، معتبرا أن اعتقاله تحكمي ومخالف للقوانين. "لقد كان من الممكن أن يتابع الصحافي رشيد نيني، يقول عبد الحميد أمين، في حالة سراح خصوصا أن له كل الضمانات للمثول أمام القضاء"، قبل أن يضيف "أنا أعتبر هذا الاعتقال يدخل في إطار تصفية الحسابات، ولا يسعني أمامه إلا الاستنكار والإدانة"، وطالب عبد الحميد أمين بإطلاق سراحه فورا ومساءلته في حالة سراح. واستنكر عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، اعتقال رشيد نيني، مدير نشر يومية "المساء"، واعتبر أن هذا الأمر يشكل مساسا بحرية الرأي والتعبير وبحرية الصحافة، وقال إنه يعبر عن تضامنه المطلق مع رشيد نيني ومع هيئة تحرير جريدة "المساء".