قضت محكمة فرنسية بإدانة الرئيس السابق لفرنسا، ساركوزي 3 سنوات سجناً، بينها عامان مع وقف التنفيذ. وأصبح ساركوزي ثاني رئيس فرنسي يدان في ظل الجمهورية الخامسة بعد جاك شيراك. وتبدأ المحكمة تلاوة حكمها عند الساعة 12,30 بتوقيت غرينيتش لمعرفة إن كان الرئيس الفرنسي السابق مذنب في تهم الفساد واستغلال النفوذ التي ينفيها جملة وتفصيلا. وكانت النيابة العامة طالبت في الثامن من دجنبر الماضي، بسجن الرئيس السابق ساركوزي والبالغ من العمر 66 عاما، أربع سنوات، من بينها سنتان مع النفاذ، معتبرة أن صورة الرئاسة الفرنسية “تضررت” جراء هذه القضية التي كانت لها “آثار مدمرة”. وانسحب ساركوزي من السياسة سنة 2016 إلا أنه لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة في أوساط اليمين قبل سنة على الإنتخابات الرئاسية المقبلة. وطالب ساركوزي أمام المحكمة ب”تبرئته من وصمة العار هذه”. وتعود قضية “التنصت” إلى العام 2014. حين كان يومها استخدام “واتساب” والرسائل المشفرة الأخرى غير منتشر كثيراً على ما أكد الرئيس الفرنسي السابق. ففي إطار التحقيق حول شبهات التمويل الليبي لحملته الإنتخابية العام 2007 الذي وجهت إليه أربع تهم في إطارها، إكتشف القضاة يومها أن ساركوزي يستخدم خطا هاتفيا سريا تحت اسم “بول بيسموس” للتواصل مع محاميه تييري إيرتزوغ. وقد أظهر تفريغ حوالى عشرة من اتصالاتهما بحسب الإدعاء وجود “نية على الفساد” بين نيكولا ساركوزي ومحاميه والقاضي السابق جيرار ايزبير. وتعتبر النيابة العامة أن القاضي نقل عبر إيرتزوغ معلومات مشمولة بالسرية وحاول التأثير على طعن تقدم به نيكولا ساركوزي أمام محكمة التمييز في إطار قضية أخرى. في المقابل قبل ساركوزي بدعم ترشح القاضي لمنصب رفيع المستوى في موناكو. ويقول إيرتزوغ في أحد الإتصالات التي تليت على المحكمة “لقد بذل جهدا” ليرد عليه ساركوزي في مكالمة أخرى “أنا اساهم في إرتقائه”. وقد طلب الإدعاء انزال العقوبة نفسها بالمتهمين الثلاثة أي السجن أربع سنوات بينها سنتان مع وقف التنفيذ مرفقة بمنع ممارسة المهنة لمدة خمس سنوات بالنسبة لإيرتزوغ. وقال محامو الدفاع إن هذه الإتصالات “كانت مجرد ثرثرة بين أصدقاء” منددين ب”تخيلات” و”فرضيات” و”محاكمة على النوايا” من قبل الإدعاء. وشدد محامو الدفاع على الغياب التام للأدلة وطالبوا بتبرئة المتهمين. ورفض هؤلاء رداً على اتصالات وكالة فرانس برس الإدلاء بتصريحات قبل تلاوة الحكم. وأمام المحكمة قالوا إن ساركوزي لم يحصل في نهاية المطاف على حكم مؤيد له في محكمة التمييز كما أن ازيبير لم ينجح في الحصول على منصب في موناكو. وبموجب القانون من غير الضرروي أن يحصل الطرف على المقابل الموعود او أن يكون النفوذ فعلياً لكي توصف الأفعال بأنها تندرج في إطار الفساد أو استغلال النفوذ. وطوال المحاكمة التي جرت في أجواء محتدمة، طالب الدفاع بالغاء المحاكمة التي تستند برأيه إلى عمليات تنصت “غير قانونية” لأنها تنتهك سرية التبادل بين محام وموكله. وقوض محامو المتهمين أيضا تحقيقاً تمهيدياً موازياً تجريه النيابة العامة. ويهدف التحقيق إلى كشف هوية عميل مزدوج أبلغ العام 2014 تييري إيرتزوغ بأن خط “بيسموث” يتعرض للتنصت، ما أدى إلى التدقيق المعمق بفواتير الهاتف. وحفظ التحقيق من دون نتيجة. ويطال تحقيق إداري منذ سبتمبر ثلاثة قضاة من النيابة العامة المالية من بينهم رئيستها السابقة إليان أوليت، على أن تصدر نتائجه قريبا. في ظل هذه الأجواء المتوترة، أتى رئيس النيابة العامة المالية الحالي جان-فرنسوا بونير شخصياً جلسة المرافعات للدفاع عن الهيئة التي كانت قد شكلت للتو عند إندلاع قضية “التنصت” مؤكدا “لا أحد هنا يسعى إلى الإنتقام من رئيس سابق للجمهورية”.