“تفُوتْ غَا الرّاسْ وتجِي فايْنْ مّا بغَاتْ”! هكذا كان المغاربة يواسون بعضهم البعض قبل اكتشاف كورونا العادية منها والمتحوّرة. اليوم ومع ظهور الڤيروس بيننا بشكل رسمي، وما رافقه من تدابير موفّقة للحد من انتشاره، تفاقم الوضع المادي، وتعَدى سقف سلامة الرأس معنويّا! عندما مسّ العَوَز جيوب الناس، فمَرض الجيبُ، واشتكى، ومعهُ تداعَى سائر الجسد بالضّعف والضّيق! قبل كورونا كان موزع الخبز السيد ابراهيم يزور المخبزة ثلاث مرات في اليوم، ليجلب منها في الساعة الخامسة صباحا 600 قطعة خبز وفي الساعة الثانية عشر زوالا 700 قطعة خبز وفي الساعة الثانية بعد الزوال 500 قطعة خبز، فكان يقضي يومه في توزيعها بسيارته الR4 على نقط البيع المختلفة والمنتشرة بالمدينة، وبالموازاة مع هذا النشاط التجاري كان السيد ابراهيم منخرطا ضمن فرقة أحواش لإحياء الأفراح والأعراس، يجني كلما سنحت له الفرصة بذلك من ورائها بعضا من الدراهم القليلة، وينال بها قسطا من التنفيس عن معاناته، كما هو شأن باقي زملائه في الحرفة. اليوم وبعد ما خَلّفَتهُ أزمة كورونا من انهيار مسّ بشكل فظيع اقتصاد المغرب، لم يَعُد السيد ابراهيم يوزع بصعوبة كبيرة إلّا 400 قطعة خبز صباحا و400 أخرى بعد الزوال، مع ما يرافقها من مجازفة فيما يتعلق بالخبز البارد، الذي قد يتعذر تصريفُه في نقط البيع، وذلك لضيق الوقت لدَى البائع ولضيق ذات اليد لدى المستهلك، المَحكومان كلاهما بالتدابير الإحترازية وفَرض الإغلاق الليلي لمواجهة تفشي فيروس كورونا، ناهيك عن مَنع الأعراس والأفراح الذي جمّدَ انشطة فرقة الأحواش، كمورد رزق موازي يُعين على إعالة الأسر القابعين أغلب افرادها في تمازيرت، وأيضا كمتنفّس تُفرَغُ من خلاله كثير من الشحنات السلبية بما فيها ضغوطات الحياة وضَنك العيش!! الله يكون في عَون الجميع.. ملاحظة: لا علاقة للصورة بسيارة السيد ابراهيم التي يشترك في ملكيّتها مع رفيق الدرب والحرفة! وهذه معضلة أخرى! كَوْنَ الإثنين معا يعيشان على نفس المورد، ويُعيلان منه أسرتَيْن، لكلّ واحدة منهما على حِدىً، خصوصياتٌ وهمومٌ مختلفة!!