فارق الأمين العام السابق للأمم المتحدة، خافيير بيريز دي كويلار الحياة عن عمر ناهز 100 سنة، الأربعاء 4 مارس، وهو واحد من أهم الشخصيات التي كان لها تأثير على مسار ملف الصحراء، وربما هو الأبرز على الإطلاق لإنجاحه اتفاق وقف إطلاق النار والذي لا يزال ساريا إلى يومنا هذا. دي كويلار الذي كان رئيس للحكومة البيروفية في وقت سابق وأمينا عاما للأمم المتحدة، اشتهر بدهائه الدبلوماسي وحنكته في التوفيق بين الأطراف المتنازعة، حيث يُحسب له أن كان مهندسا لاتفاق سلام أنهى الحرب الشهيرة التي اندلعت بين إيران والعراق وكان ذلك سنة 1988 بعد 8 سنوات من المعارك. وعلاقة الرجل بالمغرب ليست عادية، ففي سنة 1991 كان وراء إنجاح اتفاق وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية وهي محطة تاريخية طبعت ملف الصحراء الذي أخذ مسارا أمميا منذ ذلك الحين. قاد في ولايته الثانية مرحلة مهمة نحو إحلال السلام في صحراء المغرب ووقف المعارك المسلحة، فقد تم التفكير بجدية في التوصل تسوية وأرسلت الأممالمتحدة سنة 1985 بعثة للقاء طرفي النزاع، وفي 1988 قبلت البعثة مقترحات توصلت بها واعتمدها مجلس الأمن سنة 1990. وفي 1991 قرر مجلس الأمن تشكيل بعثة أممية وهي المعروفة ب "بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء " واختصارا تدعى "مينورسو" وفي شتنبر من السنة ذاتها وافق المغرب والبوليساريو على وقف شامل لإطلاق النار. ولا تزال ترعى هذه البعثة الأممية التي مقرها في مدينة العيون، اتفاقية وقف إطلاق النار وتمارس مهامها في المراقبة في المنطقة العازلة التي أنشأتها المملكة والتي تنحصر بين الشريط الحدودي مع الجزائر والجدار الأمني الذي أنشأته القوات الملكية المسلحة. رجل السلام سيصدر مذكراته سنة 2006 بعد عقد من الزمن على ترك منصبه الأممي، وفيها اعترف بعدم اقتناعه بفكرة الاستقلال وعبر عن قناعته الشخصية انطلاقا من تجربته الطويلة وخبرته بملف الصحراء، أن الاستقلال والانفصال عن المغرب مستحيل. ورغم أن دي كويلار كان مهندسا لخطة الاستفتاء، فقد وصل إلى قناعة مفادها أن "الاستقلال مستحيل" علما أن الاستفتاء كان يطرح خيارين اثنين إما الانفصال أو الاستمرار تحت السيادة المغربية، إذ يمكن القول أن واضع الخطة لم يكن يؤمن بخيارها الانفصالي. ورأى خافيي ردي كويلار وفق ما ورد في مذكراته التي جمعها في كتاب عنونه ب"الطريق إلى السلام"، أن لقضية الصحراء المغربية حل وحيد فقط وهو الحكم الذاتي وبقاء الصحراء تحت سيادة المملكة، أي أن الأمين العام الأسبق يؤمن بالطرح المغربي لإنهاء النزاع.