راسل رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، اليوم الثلاثاء، وزير الدولة والوزراء وكتاب الدولة والمندوبين السامين والمندوب العام بالحكومة، وذلك في موضوع إلزامية استعمال اللغة العربية أو اللغة الأمازيغية في جميع المراسلات بين الإدارات ومع المواطنين.. واستند العثماني في مذكرته، إلى الفصل الخامس من الدستور، الذي ينص على أن “العربية تظل اللغة الرسمية للدولة، وأن الدولة تعمل على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها، وأن الأمازيغية تعد أيضا لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء”. كما ذكّر العثماني في هذا الإطار، بما نص عليه صراحة كل من منشور الوزير الاول رقم 98/53 بتاريخ 11 دجنبر 1998، ومنشور الوزير الأول رقم 2008/4 بتاريخ 22 ابريل 2008، بخصوص ‘ازامية اللغة العربية في جميع المراسلات بين الإدارات ومع المواطنين، إلا إذا تعلق الأمر بمخاطبة جهات خارجية أو استعمال وثائق تقنية تصعب ترجمتها إلى اللغة العربية.. واشار رئيس الحكومة إلى ما ترتب عن تجاهل بعض مرافق الدولة لهذه النصوص وعدم استجابتها بهذا الإلزام، حيث صدرت أحكام قضائية تبطل وثائق وقرارات إدارية محررة بلغة اجنبية، مما يكلف الدولة خسائل مالية، ناهيك عما قد يترتب عن ذلك من خلل في التواصل بين الإدارة والمرتفقين، حسب منشور سعد الدين العثماني الصادر اليوم تحت رقم 2018/16.. كما ذكر العثماني بقرار القضاء المغربي الذي اعتبر إصدار مرفق عمومي لقرارات ووثائق محررة بلغة أجنبية مشوبا بعيب المخالفة الجسيمة للقانون، وانتهاكا لإرادة المواطنين المجسدة بنص الدستور، فضلا عن كون اللغة الاجنبية، يضيف رئيس الحكومة، غير منصوص على استعمالها الرسمي بأي نص قانوني. وأكد العثماني من خلا هذا المنشور، على أن الإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية بجميع مرافقها ملزمة باستعمال اللغة العربية او الامازيغية أو هما معا، في جميع تصرفاتها وأعمالها، وقراراتها وعقودها ومراسلاتها وسائر الوثائق، سواء كانت داخلية أو موجهة للعموم.. كما أهاب العثماني بأعضاء حكومته وبشكل استعجالي إلى العمل على أن يلتزم جميع المسؤولين والأطر والموظفين والمستخدمين التابعين للقطاعات الحكومية أو للهيئات والمؤسسات والمقاولات العمومية الخاضعة لولاية هذه الوزارات، باستعمال اللغة العربية او الامازيغية في إصدار القرارات أو تحرير الوثائق الرسمية والمذكرات الإدارية وكافة المراسلات، مشيرا إلى ضرورة مراعاة أن القانون التنظيمي الذي سيحدد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية يوجد قيد الدراسة بالبرلمان.. هذا المنشور أثار ردود فعل متباينة في صفوف مناضلي الحركة الامازيغية، حيث اعتبره البعض خطوة إيجابية تتماشى مع ما نص عليه الفصل الخامس من الدستور، إلا أن البعض الآخر رأى انه وبال على الامازيغية ولا يخدمها.. وجاء في تعليقات بعض النشطاء أن هذه المذكرة “تتطلب مرافقة من قبل الفعاليات والنشطاء الحقوقيين ليتم تنزيلها على ارض الواقع”.. ودعا هؤلاء الفعاليات الأمازيغية إلى “تنفيد مضمون المذكرة عبر مراسلة المؤسسات وقطاعات المرفق العمومي باللغة الأمازيغية” . وفي هذا الصدد يقول، الناشط الحقوقي أحمد ارحموش، إن البعض يقول إن المذكرة “مجرد منشور غير ملزم قانونا، او القول انها استعملت كلمة “أو”، وهو رأي صحيح لكن على الاقل هي مبادرة مهمة مرحب بها في انتظار المأسسة الحقيقية للامازيغية في مختلف مجالات الحياة العامة.” في انتظار ذلك، يضيف ارحموش في تدوينة على حسابه بالفيسبوك، على رئيس الحكومة ان “يمارس صلاحياته الدستورية في علاقته مع الادارات العومية؟ واخبارنا بما هي الاجراءات التي سيتخذها في حالة عدم الامتثال ؟” إلا أن هذا الرأي لا يشاطره العديد من نشطاء الحركة الأمازيغية، حيث أكد أحدهم أن هذا المنشور “يخدم العربية على حساب الأمازيغية لماذا؟ لأن اختيار استعمال العربية أو الأمازيغية يعطي الأسبقية للغة العربية لكون الادارة المغربية تتحكم فيها العقلية العربية المستعربة “، بالإضافة إلى الوضعية “غير العادلة وغير المنصفة للغة الأمازيغية نتيجة لسياسة الاقصاء والتهميش والاحتقار التي عانت منه لعقود، بينما كانت العربية هي لغة التقديس ولغة التعليم ولغة الاعلام..” كما اعتبر البعض الآخر، أن هذا المنشور “إقبار للامازيغية ..لأن الإحالة على المنشورين الوزيريين(1998و2008) إشارة إلى ان الامر يتعلق بإلزامية العربية لأن موظفي الإدارات والمؤسسات يجهلون الامازيغية وبالتالي سيفضلون الحديث والكتابة بالعربية”، وأضاف أحد النشطاء أن “الإشارة إلى الفصل الخامس من الدستور هي محاولة للتغليط، لأن الحكومة ومعها دعاة التعريب يركبون على رسمية الأمازيغية لضرب الفرنسية والامازيغية على حد سواء.. إذ قبل ترسيم الامازيغية لم يكن بمقدورهم ان يتصدوا للفرنسية بالنظر إلى قوتها المسنودة اقتصاديا وسياسيا، أما اليوم فقد وجدوا إلى جانبهم الامازيغية التي يستعملونها في صراعهم مع الفرنسية كوسيلة، وليس هدفهم تعميم الأمازيغية كما يرغب في ذلك نشطاء الحركة الامازيغية..” ويرى البعض أن قرار العثماني يرمي إلى إسكات الاصوات المنادية بتنزيل الفصل الخامس من الدستور، وذلك من خلال إخراج القانونين التنظيميين المتعلقين بترسيم الأمازيغية وبالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وهو ما يمكن فهمه من خلال قراءة للفقرة الأخيرة من منشور رئيس الحكومة الذي يذكر المسؤولين “بضرورة مراعاة أن القانون التنظيمي الذي سيحدد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية يوجد قيد الدراسة بالبرلمان..”.