يتداول في الآونة الأخيرة بين السياسيين والاقتصاديين ورجال الإعلام مصطلح جديد في قاموس السياسة المغربية: “الزلزال السياسي”. مصطلح تم استعماله أيضا في خطاب الملك بمناسبة الدورة البرلمانية الجديدة. وكما يعلم الجميع، فهذا الخطاب الموجه من قبة البرلمان يرسم خارطة الطريق واستراتيجية الدولة لمواجهة المعوقات والتحديات التي تواجه البلاد والعباد. في هذا الخطاب تم استعمال مصطلح قوي: “الزلزال السياسي”؛ أثار تحليلات ونقاشات بين أهل السياسة وأهل المصالح وكذلك بين كثير من الناس… نقاش صِبْغَتُه التخوف أمام تغول الدولة وتوحش مؤسسات سمتها البارزة اليوم إعمال القوة في مواجهة الاحتجاجات السلمية والوقفات المنددة بالحيف الاجتماعي. يتم هذا في فترة يعرف فيها المغرب مشاكل حقيقية في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وهي مشاكل عرفت تراكما منذ عقود، استعصى استيعابها بالحلول الترقيعية، وطلاء الواجهة ببياض يخفي تعفن البيت الداخلي. المغرب بلد رائد في تنزيل التدابير الاستباقية، وله من الخبراء من يخططون لتوجيه سيول طوفان الأنهار نحو البحار عندما تهب عواصف الخريف، وتبريد صهارة البراكين المشتعلة هنا أو هناك. لا يستعصي على مهندسي السياسة ومسطري الدستور أن يبدعوا أساليب جديدة لإعادة بناء البيت الداخلي. وما تم مع الحراك الشعبي ربيع 2011 خير برهان؛ حيث تم إدخال المشاكسين من أهل اليمين واليسار إلى “بيت الطاعة” لينفذوا أجندة خماسية برأت العفاريت والتماسيح، ولطخت سيرتهم السياسية. بل ألقي ببطل هذه المسرحية بعد أن قضى النظام منه مصلحته، وجيء بخلفه بعد أن أمسكه الطعم الشهي لانتخابات هزلية صاغتها رغبة النظام في وجه آخر. خبراء الجيولوجيا يرجعون سبب البراكين إلى بؤر زلزالية، ويصنفون البراكين إلى صنفين: بركان انسكابي؛ وهو الذي يقذف بحممه في البحر وتدفُّقُه لطيف وبطيء، وبركان انفجاري؛ وهو الذي يقذف بحممه في الهواء وتدفُّقُه عنيف محرق وسريع. لعل من اقتبس مصطلح الزلزال في اللعبة السياسية يقصد الأول وليس الثاني، حتى يتسنى لأهل المصالح درأ المفاسد ولأهل الدهاء الإيقاع بأهل السذاجة خدمة لمصالحهم وضمانا لاستمرار جذورهم. خاصة وأن المغرب بدأ يعرف من جديد طوفان خريف قادم، وبؤر موجات زلزالية تهتز فوق السطح… فلابد من إحداث “زلزال سياسي استباقي” متحكم فيه تنسكب معه حمم الغضب إلى مصب لا قعر له، بدل “زلزال سياسي حقيقي” تنفجر معه الأوضاع الاجتماعية وتنكشف به اللعبة السياسية.