عيّن الملك محمد السادس ثلاثة أعضاء جدد بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ويتعلق الأمر بكل من محمد زاوك، المدير السابق للموارد البشرية في عهد الوزير عمر عزيمان، وخالد العريشي، المدير المالي والإداري للجامعة الدولية المتعددة الاختصاصات ببنجرير، إضافة إلى محمد ناصر، المفتش العام لوزارة العدل. بالنسبة لمحمد زاوك، فهو ينحدر من منطقة سوس، عمل قاضيا بمحاكم الدارالبيضاء ثم رئيسا لقسم القضاة بوزارة العدل، فمديرا للموارد البشرية ، عرف بصرامته وموضوعيته، وبعد اختلافه مع الوزير السابق محمد بوزوبع حول أسلوب تسيير الموارد البشرية في الوزارة، قدم استقالته من القضاء وفضل الاشتغال في المحاماة ليلتحق بعد ذلك مستشار بمحكمة النقض بإمارة أبو ظبي. أما خالد العريشي، فهو ينحدر من مدينة مكناس من أسرة مشهود لها بالعلم والفضيلة، وهو خريح المدرسة المركزية بباريس، عمل كاتبا عاما لمؤسسة "سي.دي.جي" ثم مديرا للتجهيز والميزانية، ثم كاتبا عاما للهيأة الوطنية للوقاية من الرشوة، وبدوره انسحب من وزارة العدل بعد خلافه مع الوزير بوزوبع حول أسلوب تسيير الصفقات العمومية. وينحدر محمد الناصر، ثالث عضو حديث التعيين في المجلس الأعلى للسلطة القضائية من مدينة تطوان، وهو خريج المدرسة الوطنية للإدارة بفرنسا (فوج إيمي سيزار)، حاصل على ماستر من جامعة برشلونة بإسبانيا، وعلى دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد من جامعة محمد الخامس الرباط، قاضي في المجلس الجهوي للحسابات بمراكش وبالمجلس الأعلى للحسابات، أوفده ادريس جطو إلى وزارة العدل في مهمة مراقبة تحصيل الغرامات والادانات النقدية بالمحاكم، ليظل بها بعد تعيينه مستشارا ومدير ديوان لوزير العدل مصطفى الرميد ثم حافظ على نفس المنصب في عهد الوزير أوجار الذي عينه فيما بعد مفتشا عاما للوزارة. وبعد قراءة سريعة في بروفايلات الأعضاء الجدد، لاحظ عدد من المتتبعين للشأن القضائي الوطني تميزهم بالنزاهة والصرامة، وبالعودة لمهامهم السابقة، لوحظ تخصصهم في مجالات التفتيش وحماية المال العام ومحاربة الفساد، وخبرتهم في التدبير الإداري والمالي. وخلص ذات المتتبعون لجريدة المساء إلى أن الملك محمد السادس أرسل، بهذه التعيينات النوعية، رسالة خاصة إلى القضاة لدعمهم في مسار استقلاليتهم وتقوية صلاحياتهم، وكذا حثهم بالتحلي بالمزيد من النزاهة والعفة والمسؤولية. وتتقاطع هذه التوجهات الملكية الجديدة مع أهم محاور الرسالة الملكية الموجهة للمؤتمر الأول للعدالة الذي انعقد بمراكش سنة 2018، والتي اعتبرها محمد أوجار وزير العدل آنذاك "وثيقة مرجعية وتاريخية"، حيث تركزت في تعزيز الثقة في القضاء، دعم فعالية وشفافية الإدارة القضائية، الرفع من أداء العدالة، وتطوير الإدارة القضائية، كما وجه فيها جلالته دعوة مباشرة للقضاة ب"التحلي بالاستقلالية والنزاهة تفاديا للمساءلة الجنائية.".