لا يختلف اثنان أن المواقف الوطنية والمبادئ تظهر في أوقات الأزمات، هذا ما ينطبق على جميع الهيئات والمؤسسات والأشخاص المعنيين بالمساهمة في تخفيف وطئة فيروس كوفيد-19 وتبعاته بالمغرب، وبالأخص في القطاع الصحي الذي يعتبر من القطاعات الحساسة في هذه الأزمة، لما يتحمله من مخاطر وصعوبات جمة في منظومة صحية عمومية شبه مهترئة حيث يعاني القطاع من عجز يفوق 4000 ممرض، الأمر الذي يحتم على جميع المتدخلين من بينهم القطاع الخاص الصحي من أجل التضامن والوحدة مع زملائهم في القطاع العام من أجل ربح الرهان والخروج بأقل الأضرار، في جائحة عالمية غير مسبوقة. وحاولت « المساء » من خلال هذا الروبورتاج أن تقدم لمتابعيها استقصاء ميدانيا سيكشف عن تفاعل القطاع الخاص مع هذه الأزمة التي يمر منها المغرب، حيث استجوبت مسؤولين ومهنيين في القطاع الصحي وحقوقيين، لتوضحتفاصيل مساهمة القطاع الخاص الصحي من خلال نماذج أربع مدن مغربية. وسجل نور الدين مضيان، رئيس فريق حزب الاستقلال بمجلس النواب، ضعف مساهمة النسيج الاقتصادي بجميع تلاوينه في مقدمتهم القطاع الخاص الصحي في هذه الأزمة. وحول سؤال « للمساء » بخصوص الآليات لمتابعة الأطباء في القطاع الخاص عند تجاهل نداءات المساعدة الطبية، قال مضيان إن هذا الأمر يمكن أن يصل للمسألة القانونية في حالة مراسلة السلطات المحلية للمصحات والعيادات بشكل رسمي للانخراط في الأزمة وكان جوابها الرفض. وبخصوص ضعف الموارد البشرية لمواجهة هذا الفيروس، أشار مضيان أن عدم انضباط البعض هو هو راجع لغياب تحفيز الدولة لهم وكذا للميزانية المخصصة المرصودة للصحة العمومية في المغرب وكذا أجور الأطباء الزهيدة، حيث أعطى مثالا لحوالي 6000 طبيب مغربي يشتغل بفرنسا حاليا ويتجاوز مدخوله الشهري 5000 أورو، مما ضيع على المغرب لكفاءات معتبرة تم تكوينها و تصدريها للخارج من بينها بلجيكا وفرنسا وكندا، بسبب عدم اهتمام الدولة بهذه الفئة بشكل جيد. تردد غير مفهوم لمصحات طنجة ومهيدية يدعوهم لتحمل المسؤولية طنجةكانتدائماعبرالتاريخالسباقةللمبادراتفيوقتالأزمةوالرخاء،إلاأنالتفاعلالمحتشمللقطاعالخاصالصحيبعاصمةالبوغازمعأزمةكوفيد-19، أعطى صورة مغايرة لما كان مرتقبا من هذا القطاع الذي استفاد من طنجة الشيء الكثير. وقال مصدر مسؤول بوزارة الصحة بطنجة، إن تفاعل أطباء القطاع الخاص والمصحات الخاصة ما زال محتشما بمدينة طنجة، مضيفا أن القطاع الصحي الخاص لم ينفذ بعد محضر اجتماع رسمي تم الاتفاق حوله لأكثر من أسبوعين، مما يطرح العديد من التساؤلات حول هذا التأخر. وأضاف المصدر ذاته، أن « والي طنجة »، محمد مهيدية قد راسل جمعية المصحات المغربية بمدينة طنجة للإنخراط مع جهود القطاع العام في مواجهة فيروس كوفيد-19 المستجد، لتحمل مسؤوليتهم الوطنية، مطالبا إياهم بتنفيذ محضر الاجتماع الذي انعقد بولاية طنجة لتوفير الأطر الصحية للمستشفيات العمومية. وحسب المصدر ذاته، فإن « والي طنجة » وساكنة طنجة يتطلعان لتفاعل أكبر للقطاع الخاص الصحي بطنجة، للانضمام إلى زملائهم في القطاع العام الذي يواجه بشكل مباشر مخاطر هذا الفيروس لوحده لحد الساعة، مشيرا إلى أن الوالي مهيدية قد راسل المدير العام لصندوق الضمان الاجتماعي، حيث أعطى الأخير توجيهاته لمديرته الجهوية بالشمال لوضع مصحة الضمان الاجتماعي رهن إشارة السلطات المحلية بعد تردد المصحات الخاصة على الانخراط الجدي الأزمة. في حين أكد الدكتور مراد البقالي، رئيس الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة بجهة الشمال، « للمساء »، أن المصحات والعيادات متعبئة بجميع أطرها الطبية لمواجهة هذا الوباء من خلال تخفيف الضغط على مستشفيات الدولة واستقبال العديد من الحالات المرضية بالعيادات والمصحات بدون احتساب أي مقابل مادي في كثير من هذه الحالات، معبرا عن تجندهم في هذه الأزمة بكل الوسائل المتاحة. وأضاف البقالي، أن جمعية المصحات بالشمال أحدثت خلية أزمة يوم 15 مارس ووفرت للسلطات المحلية جميع أرقام الهواتف المتعلقة بالأطر الصحية، إلا أنه اشتكى من ضعف التواصل للمديرة الجهوية الجديدة لوزارة الصحة بجهة طنجةتطوانالحسيمة. تجند كبير لمصحات الدارالبيضاء للتغلب على كوفيد-19 وأبان القطاع الصحي الخاص بمدينة الدارالبيضاء على تجند كبير في هذه الأزمة العصيبة التي تمر منها البلاد، حيث أكد رئيس جمعية المصحات الخاصة بالمغرب الدكتور السملالي، أن الجمعية وفرت ثلاث مصحات بموادرها البشرية ومعداتها رهن إشارة الدولة لمواجهة فيروس كوفيد-19. وأضاف السملالي، في تصريح » للمساء »، أن الجمعية استطاعت وضع مصحتين رهن إشارة الجهات المعنية لتخفيف الضغط على المستشفيات العمومية في الجانب المتعلق بالاستشارات الطبية وذلك بدون مقابل مادي، مشيرا إلى أن الاتصالات ما زالت قائمة مع وزارة الصحة للتنسيق حول مواجهة هذا الوباء. من جانبها، أكدت نبيلة الرميلي، المديرة الجهوية للصحة بالدارالبيضاءسطات، كل ما جاء على لسان الدكتور السملالي رئيس جمعية المصحات الخاصة، بخصوص مساهمتهم لمواجهة كوفيد-19، مضيفة أن أطباء القطاع الخاص أحدثوا لائحة مشتركة للمداومة في المستشفيات مع أطباء القطاع العام للتجند جميعا من أجل إنجاح هذه الفترة. وأشارت المديرة الرميلي، أن القطاع الخاص الصحي بالدارالبيضاء تعاون مع المستشفيات العمومية من خلال توفير معدات طبية للإنعاش، مؤكدة أن مصحة الضمان الاجتماعي و المكتب الشريف للفوسفاط جهزوا بعض المستشفيات بالمعدات الطبية، معبرة عن شكرها وتقديرها الكبير لجميع الأطباء الذي تفاعلوا مع هذا النداء الوطني. تفاعل إيجابي للقطاع الخاص الصحي بمراكش ومطالبة بالمزيد وتفاعل أطباء القطاع الخاص ومصحات مدينة مراكش إيجابيا مع هذه الأزمة، حيث أكدت المديرة الإقليمية لوزارة الصحة، لمياء شاكيري، أن القطاع الخاص الصحي تعامل معهم إيجابيا حيث وضعوا لحد الساعة مصحة بمواردها البشرية ومعداتها رهن إشارة السلطات المحلية لمواجهة فيروس كوفيد-19، بالإضافة إلى توفير 50 جهاز تنفسي للإنعاش بالمستشفيات العمومية. وقالت شاكيري، في تصريح « للمساء »، أن المديرية الإقليمية طالبت من المصحات خلال اجتماعها الأخير معهم، بإجراء استشارات طبية والتكلف بالعلاجات العادية لتخفيف الضغط على المستشفيات العمومية. تحاليل طبية بالمجان وتطوع لأطباء القطاع الخاص بتطوان مبادرات قيمة عرفتها مدينة تطوان، حيث تسابق عدد من أطباء القطاع الخاص من تلقاء أنفسهم ودون أي دعوة للتطوع في جانب زملائهم في القطاع العام، بالإضافة إلى مبادرات أخرى للتخفيف عن المعوزين. في سياق متصل، تواصلت « المساء » مع مندوب وزارة الصحة الإقليمي بالنيابة بتطوان، الدكتور بولعيش، حيث استعرض جهود القطاع الخاص بتطوان، وذلك من خلال انخراط أطباء القطاع الخاص في الاستشارات الطبية وتوفير أجهزة ومعدات طبية. وأضاف المتحدث ذاته، أن بعض مختبرات التحاليل الطبية تطوعوا للقيام بتحاليل طبية مجانية للمعوزين، بالإضافة إلى تطوع عشرة أطباء من القطاع الخاص من تلقاء أنفسهم لمساعدة زملائهم في القطاع العام لمواجهة كوفيد-19 ، مشيرا إلى أن جميع المصحات الخاصة وضعت ومواردها البشرية ومعدتها الطبية رهن إشارة السلطات في وقت الاحتياج. في حين أكدت شهادات حقوقية استقتها « المساء » من عدد كبير من المهتمين بالقطاع الصحي بالمغرب، أن القطاع الخاص لم يدخل بعد في مواجهة كوفيد-19، باستثناء مبادرات نادرة لبعض المصحات والعيادات، والناذر لا حكم له، مشيرين إلى أن أطباء القطاع الخاص الصحي يتركون زملائهم في القطاع العام يجابهون هذا الوباء لوحدهم، الأمر الذي يضرب كل الشعارات التي يتم رفعها بينهم. أما البروفيسور بلال ركيك المسؤول السابق بنقابة للقطاع الخاص بالشمال فقد عبر « للمساء »، عن استعداده الكامل والتطوعي لمواجهة هذا الوباء وذلك من خلال وضع رهن الإشارة لجميع المصحات والعيادات الخاصة في المغرب لتقوية الجبهة الوطنية ضد انتشار الفيروس ولرعاية المرضى، حيث قال أثناء تصريحه للمساء، أنه يتواجد في عيادته لاستقبال المرضى وتقديم المساعدة للقطاع العام. وأكد الطبيب على ضرورة الإمداد العاجل للقطاع الصحي بالبلاد بوسائل وأدوات الحماية، التي لم تعد متوفرة في السوق، للحفاظ على حياة الأطباء و أسرهم ومساعديهم والمرضى الذين نقدم لهم الرعاية. وسبق للهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء مراسلة مستعجلة لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بخصوص وضعية المصحات الخاصة والعيادات الطبية في ظل جائحة كوفيد-19، وذلك باتخاذ إجراءات وتسهيلات ضريبية متعلقة بصندوق الضمان الإجتماعي، وتمكينها من كل إجراء متاح وذلك" بالرغم من الإبقاء عليها مفتوحة في وجه العموم نظرا للحاجة والمصلحة"، مشيرة إلى أن "طبيبات وأطباء القطاع الخاص وجدوا أنفسهم محاصرين بين الواجب والقانون الذي يحتم عليهم ابقاء مصحاتهم وعياداتهم مفتوحة في وجه العموم بالرغم من قلة ان لم نقل انعدام المترددين عليها، وبين شبح تعرضهم للإفلاس وخسائر مادية فادحة تهدد أمنهم الاقتصادي".