سلط المشاركون في ندوة جهوية حول “الإعلام ودوره في التعريف بالتراث الثقافي والمعماري”، أمس الجمعة بالحسيمة، الضوء على دور الإعلام في التعريف بمكونات التراث بمختلف تجلياته وإبرازه للعموم والتحسيس بأهمية الحفاظ عليه وترويجه سياحيا. وتوقف المتدخلون في الندوة، المنظمة من قبل جمعية “ألتبريس” للإعلام البديل بتعاون مع قطاع الثقافة، عند الدور الكبير للإعلام في تفعيل التنمية الثقافية، من خلال الاستغلال الأمثل للمواقع الأثرية الموجودة في المغرب، مبرزين “التطور الملحوظ” في اهتمام وسائل الإعلام بالتراث الثقافي والمعماري والتحسيس بالحفاظ عليه. في هذا السياق، اعتبر المحافظ الجهوي للتراث الثقافي بطنجة – تطوان – الحسيمة، العربي المصباحي، أن عملية توظيف واستغلال التراث المادي واللامادي في التنمية مرتبط بالتعرف عليه وإحصاء مكوناته، وبالتثمين الثقافي والمعرفي له، إضافة إلى صيانة المعالم التاريخية وترميمها لرد الاعتبار لها، مستدركا بالقول أن “ذلك لن يتم في غياب سياسة إعلامية واضحة ووجود إعلام متخصص في الثقافة”. من جانبها، أعربت الإعلامية فاطمة قبابي عن الأسف ل “غياب الثقافة التراثية في وسائل الإعلام”، داعية إلى تأسيس أرضية صلبة لإعطاء انطلاقة حقيقية لإعلام متخصص في التراث، من خلال تكوين إعلاميين متخصصين وإطلاق برامج تعنى بالحفاظ على التراث وتوعية الأجيال الناشئة وإقامة معارض وتنظيم رحلات استكشافية للمواقع الأثرية. بدوره، الأستاذ الجامعي والباحث رضوان الطاهري سجل أهمية التراث كورش ثقافي مفتوح في مواجهة العولمة السلبية ولما له من دور في تحريك عجلة التقدم، مطالبا كافة المتدخلين بالانخراط في مشروع تأهيل المباني التاريخية وتمويل المشاريع المرتبطة بالحفاظ على التراث الثقافي والمعماري وتأهيله لجعله رافعة للتنمية. أما الحسين البوجدادي، منسق مجموعة “ثاوسنا” لتوثيق الموروث الشفاهي بالريف الشرقي، فقد حذر من “الأخطار المحدقة بالتراث الثقافي في المغرب” لاسيما التدمير والتخريب والإهمال والسرقة والتهريب، مؤكدا على أن دور الإعلام “لا ينبغي أن يقتصر على رصد المعالم التاريخية ووصفها، بل يجب أن يتجاوز ذلك نحو التحسيس بأهمية التراث وتنميته والتنديد بما يطوله من إهمال وتخريب وسرقة”. من جهته شدد الإعلامي محجوب بنسعلي على أهمية البرامج التلفزية في تثمين وتسويق الموروث الحضاري والثقافي، مضيفا أن قوة البرامج التلفزية تكمن في قدرتها على الوصول إلى أكبر عدد من المشاهدين من مختلف الشرائح المجتمعية، وبالتالي فتثمين الموروث الحضاري يمر عبر برامج تجعل من المادة الثقافية عنصرا رئيسيا. بالنسبة لمصطفى الشيخي، مدير الإذاعة الجهوية للحسيمة، تقوم وسائل الإعلام بدورها الكامل في رصد المعالم الأثرية ووصفها والتحسيس بأهميتها وكذا بالأخطار التي تهددها، معتبرا أن الإكراه الكبير الذي تواجهه المواقع الأثرية يتمثل في الإهمال. ومن جانبه أوضح خالد الزيتوني رئيس جمعية “ألتبريس” للإعلام البديل، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن اللقاء يأتي في إطار الاهتمام بالتراث الثقافي والمعماري ولإبراز دور الإعلام في التعريف بالمكونات المجالية الثقافية، نظرا لدورها في ترسيخ القيم الهوياتية ورصد مختلف التغيرات الاجتماعية والثقافية، مضيفا أن الندوة تروم “تشكيل رؤية عمل يتكامل فيها الإعلام بمختلف مكونات الثقافة لضمان تسويق جيد للتراث الثقافي المغربي الغني والمتنوع”. إلى جانب فعاليات الندوة، نظم معرض بالفضاء الخارجي للمركب السوسيو – ثقافي لمجموعة من الأدوات التراثية وقطع من اللباس وكذا عرض نموذج مصغر من مكونات السكن التقليدي بالريف، إلى جانب أدوات من الحياة اليومية لساكنة الريف بالبوادي والتي تهم الفلاحة وحرف الحدادة والمنتجات النباتية.