اعتاد الناس عموما على المستوى المحلي الربط بين الممارسة السياسية والحزبية وتدبير الشأن المحلي. ولذلك تتركز الأنظار عموما على المجالس المنتخبة من خلال برامجها وإنجازاتها التنموية ونخبها وخطابها. واستنادا إلى هذه العناصر يستطيع الناخب المحلي المقارنة بين التجارب الحزبية في تدبير الشأن المحلي، وبالتالي تكوين مواقف سياسية تمكنه من التمييز والمفاضلة بين الأحزاب السياسية وبرامجها التنموية ونخبها الحاملة لتلك المشاريع والبرامج…. وهكذا تتجه المواقف نحو المعقولية والموضوعية استنادا إلى البرامج والإنجازات والنخب الحزبية. والمتتبع في الآونة الأخيرة لدينامية الفعل السياسي بمدينة القصر الكبير، سيلاحظ لا محالة أن هناك تحريفا متعمدا – في الغالب- للخطاب السياسي وبالتالي للممارسة السياسية من خلال الخرجات المتكررة لرئاسة المجلس البلدي في اتجاهات مختلفة، وجنوحا من طرف هذه المؤسسة نحو افتعال معارك وهمية قد يكون من مراميها شغل الرأي العام المحلي عن الانتظارات التنموية الحقيقية للمدينة والتغطية على حقيقة الافتقار إلى منهجية واضحة في تدبير الشأن المحلي سواء في خلق التجانس المطلوب داخل الائتلاف او في متابعة وتنزيل المشاريع والاتفاقيات والبرامج التنموية للمدينة. ولعل القاسم المشترك بين هذه الخرجات الرئاسية افتقادها إلى حسن التقدير وللرصانة المطلوبة في مؤسسة الرئاسة اعتبارا لرمزيتها ومكانتها الاعتبارية. وهكذا، يقف المتتبع للشأن المحلي بالقصر الكبير حائرا أمام نزعة الرئاسة نحو الهيمنة على المجتمع المدني المحلي بالترغيب والترهيب موظفا سلاح الدعم المالي، ومصادرة حق الاخرين من أحزاب وفعاليات منتخبة في الوجود السياسي باعتباره هو الوحيد المخول له الحديث باسم المدينة. فمن الترويج السافر "للعجز المالي" لخزينة البلدية ، إلى الدعوة إلى مصادرة حق أحد البرلمانيين في الحديث عن مشروع عمالة إقليمالقصر الكبير، إلى مصادرة حق أحد أعضاء المجلس الإقليمي في الدعوة إلى تظافر الجهود من اجل مشروع المنطقة الصناعية للمدينة، إلى التهديد بإغلاق ملعب كرة القدم بالمدينة وقطع منح النادي الرياضي القصري من البلدية و من الجماعات الترابية الأخرى…وصولا إلى اتهام مباشر لموظف جماعي بسرقة أرشيف البلدية… فإلى أين تتجه الممارسة السياسية المرتيطة بتدبير الشأن المحلي بالقصر الكبير ياترى؟ إن التحديات التنموية التي تواجه مدينة القصر الكبير تفرض على مؤسسة رئاسة المجلس البلدي القطع مع أسلوب التيه السياسي في مقاربة قضايا الشأن المحلي والاعتراف بالفضل لأهله والعمل الجاد من اجل إبداع برامج تنموية تخدم مصلحة المدينة. وأول خطوة في هذا الاتجاه تمكين الشركاء في التحالف المسير من الحق في التسيير عوض الاستمرار في التحجير عليهم. وثانيها الاعتراف أمام الرأي العام المحلي بالتراكم الإيجابي لتدبير شؤون المدينة بناء على حصيلة المشاريع المنجزة أو التي في طور الإنجاز كما تبرهن عليها المرافق السوسيو ثقافية والرياضية والبنى التحية المنجزة بالمدينة والمشاريع والاتفاقيات المصادق عليها والتي تشكل خارطة طريق واضحة للتأهيل الحضري للمدينة. وثالثها الانفتاح بروح وطنية عالية على مختلف الفاعلين والمؤسسات للتعاون من أجل مستقبل أفضل للمدينة. وحتى لا يقال بان الخطاب موجه فقط لمؤسسة الرئاسة، فإن باقي الفاعلين من المجتمع المدني والسياسي في المدينة – وربما في مقدمتهم المعارضة بالمجلس – الاضطلاع بالدور الاقتراحي والرقابي بكل إنصاف وموضوعية والإسهام الفعال في المسار التنموي للمدينة بغض النظر عن التموقع السياسي. وهو مسعى حميد يعبر عن الروح الوطنية العالية وعن غيرة حقيقية على مدينة القصر الكبير تاريخا وحاضرا ومستقبلا. إن مدينة القصر الكبير باعتبارها مدينة العلم والعلماء، مدينة النضال والمناضلين، مدينة تتميز بمجتمعها المدني الفاعل والنشيط على جميع المستويات الرياضية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والتربوية…تستحق ممارسة سياسية راقية وتنافسا شريفا بين الأفكار والبرامج والمشاريع وليس للشعبوية والمزايدات السياسوية. بعبارة أوجز تستحق المعقول خطابا وممارسة. فهل من مجيب؟ والله ولي التوفيق