آثارت تصريحات وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق حول علمانية الدولة المغربية، جدلا في الأوساط الدينية والسياسية بالمغرب، الأمر الذي جعل الوزير التوفيق للخروج برسالة موجهة للأمين العام لحزب العدالة والتنمية. بنكيران يرفض التصريحات وهاجم عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية والرئيس الأسبق للحكومة المغربية، وزير الأوقاف، معتبرا أن المغرب يظل دولة إسلامية، مستبعدًا أي توجه نحو العلمانية. جاء ذلك خلال لقاء مفتوح نظمه الحزب مساء الأحد مع ساكنة أولاد برحيل والنواحي بإقليم تارودانت، في إطار سلسلة لقاءات تواصلية مع أنصار الحزب ومواطني المناطق المختلفة. وفي كلمته، شدد بنكيران على أن المغاربة عبر التاريخ كانوا وما زالوا متمسكين بدينهم وهويتهم الإسلامية، مشيرًا إلى أن الإسلام يشكل العمود الفقري للدولة المغربية، ويحكمها أمير المؤمنين الذي يمثل القيادة الروحية والسياسية في آن واحد. وأوضح أن ارتباط المغاربة بالدين ليس مجرد توجه فردي بل هو جوهر متأصل في مؤسسات الدولة ونسيجها الاجتماعي. في تلميح لتصريحات أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أشار بنكيران إلى أن المغرب لم يكن يومًا دولة علمانية. وقال: "المغاربة مسلمون ومتمسكون بدولتهم الإسلامية، وليس بالعلمانية. ملكهم أمير المؤمنين، وهي صفة تعود لقرون عديدة". وأكد أن المغرب، عبر تاريخه، اعتمد على المدارس القرآنية التي تطورت لاحقًا إلى المدارس العتيقة، معتبرًا أن هذه المؤسسات التعليمية تمثل إرثًا حضاريًا يتعرض أحيانًا لمكائد، لكنه متأكد من بقائها واستمراريتها. من جهة أخرى، دعا بنكيران إلى ضرورة تعزيز الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، بما في ذلك الأحزاب السياسية، معتبرًا أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تجديد الالتزام بالقيم الإسلامية والوطنية التي ميزت المغرب عبر تاريخه. بنكيران اختتم كلمته بتأكيد أن المغاربة اختاروا طريق الإسلام كهوية ودين للدولة، مشيرًا إلى أن هذه الهوية ليست محل جدل أو نقاش، بل هي ثابت تاريخي يُجمع عليه المغاربة منذ قرون. وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يرد على بنكيران وجه أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، رسالة مفتوحة إلى عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، تحمل عنوان "شكوى إلى الله"، وذلك ردًا على تصريحات بنكيران التي فُهم منها أنه نسب إلى التوفيق القول بأن المغرب دولة علمانية. التوفيق استهل رسالته بالتعبير عن أسفه مما اعتبره سوء فهم وتشويهًا لما قاله، مؤكدًا أن المغرب يحكمه نظام إمارة المؤمنين، وهو نظام يقوم على حماية الدين والثوابت الإسلامية. في رسالته، أوضح التوفيق أنه لم يذكر الدولة في حديثه، مشددًا على أن الدولة المغربية دولة إمارة المؤمنين، وأنه كوزير للأوقاف يعمل في خدمة تدبير الشأن الديني منذ أكثر من عقدين. وأشار إلى أن نسبته إلى مفهوم العلمانية في المغرب جاءت نتيجة لتسرع بنكيران في الحكم وعدم التواصل المباشر معه لفهم ما قصده في حديثه. التوفيق استغل الرسالة لتوضيح مفهوم العلمانية، مشيرًا إلى اختلاف تطبيقاتها بين الدول الغربية نفسها. واستشهد بنماذج متعددة، مثل العلمانية الفرنسية التي نشأت في سياق تاريخي متوتر بين الكنيسة والدولة، والعلمانية الألمانية التي تأخذ احتياجات الناس الدينية بعين الاعتبار، مشيرًا إلى أن الدولة الألمانية تجمع رسومًا مخصصة للإنفاق على الشأن الديني. وفي انتقاد ضمني لتوظيف الدين في الخطاب السياسي، أكد التوفيق أن الدين في المغرب محمي بنظام إمارة المؤمنين، وأن استخدام الدين لأغراض سياسية قد يضعف قيمته أمام الناس. ودعا إلى التركيز على النزاهة والإنجازات بدل تحويل الدين إلى شعارات للاستقطاب السياسي. واختتم التوفيق رسالته بدعوة إلى توحيد الجهود لبناء نموذج مغربي قادر على تقديم حلول فكرية للأمة الإسلامية في علاقتها بين الدين والسياسة. وأكد أن الله هو الشاهد على هذه الشكوى، داعيًا إلى تجنب الأنانية والعمل بروح أخلاقية تعزز القيم الإسلامية.