حسم وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، النقاش الذي انطلق بعد تكليف الملك محمد السادس عبد الإله بنكيران بتشكيل الحكومة، حول منصب أعرق وأكبر الوزارات في المغرب، بالقول إن الحساسيات السياسية المغربية لا يمكنها بتاتاً أن تقتحم ما هو ديني في ممارستها وأن تحمل تسمية دينية داخل الحقل السياسي، مشددا على أن الحقل الديني يبقى محفوظا للملك محمد السادس، باعتباره أميرا للمؤمنين. وبرر التوفيق، في حوار صحافي أجرته معه صحيفة "جون أفريك" الناطقة بالفرنسية، موقفه من رفض تحمل سياسي مغربي لحقيبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وإبقاءها حكرا على الكفاءات "التكنوقراط"، بسرده أن النموذج المغربي يعتمد على إمارة المؤمنين؛ على أنها هي المؤسسة الوحيدة التي تضمن الخيارات الدينية للمغاربة، "أما الأحزاب السياسية فهي تدبر ما دون ذلك، مما هو مختلف عليه وقابل للتفاوض"، وفق تعبيره. وأضاف التوفيق، الذي عين على رأس الوزارة منذ عام 2002: "حين يخطب الواعظ في المسجد فهو يعتقد بأن المتلقين هم من حساسيات سياسية متنوعة، وبأن خطابه يجب أن يكون موجها للجميع"، معتبرا أن استثناء السياسيين من تقلد منصب "وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية" في الحكومة يبقى نضجا تطور داخل المحيط السياسي، وزاد: "يجب على هذا المستوى من النضج أن يترسخ بما يتناغم ويتوافق مع التقاليد ومع روح الدستور". "قلت يوما في البرلمان إن أولئك الذين يشعرون بالقلق من مدى قدرتهم على احترام قواعد الممارسة السياسية لا ينبغي عليهم أن يجنحوا للتلاعب السياسي بما هو ديني"، يقول التوفيق متحدثا عن صلة الأحزاب السياسية بالدين، مشيرا إلى أن ورش مأسسة الحقل الديني وتطويره بالمغرب سينجح بشكل أفضل إذا "ما استوعب الفاعلون السياسيون بشكل كبير العلاقة بين الدين والسياسة، ما يتطلب التحفظ والحذر من الإغراء السياسي للدينيّ". وفي حديثه حول الحريات الدينية والأقليات المتواجدة في المجتمع المغربي، قال الوزير المغربي: "في بعض الأحيان لا نحبذ أن نرى الممارسات الاستفزازية لبعض الأقليات الدينية المدعومة من الخارج"، دون أن يفصح عن هوية هذه الأقليات؛ فيما يبدو أنه يعني "الشيعة المغاربة"، لكنه أوضح في مقابل ذلك أن لكل مجتمع الحق الحفاظ على النظام العام وتدبير حرياته، "لكن في الوقت ذاته على كل أمة أن تنفتح دون التخوف من مطالب وحاجيات الأقليات؛ على ألا تضر هذه الأقليات بالمبادئ العامة للأمة". وفي حديثه عن حصيلة تكوين الأئمة والمرشدين الأجانب، خاصة الأفارقة، من خلال معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين، كشف أحمد التوفيق أن هناك 800 إمام مسجلون في المؤسسة الرسمية المذكورة، جاؤوا من فرنسا وخمس دول إفريقية، هي مالي والسنغال وساحل العاج وغينيا ونيجيريا، وزاد موضحا: "قبلنا هذه الدول بناء على طلبات منها. وهناك طلبات من دول أخرى قيد الدراسة"، فيما أورد أن برامج التكوين تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات تلك البلدان، إذ يتم مثلا تدريس العلمانية والفقه على المذاهب الأربعة. وفي أول تعليق رسمي له على الجدل الذي أثارته محتويات مجزوءة "الإيمان والفلسفة"، التي ضمها مقرر "المنار في التربية الإسلامية" لمستوى الأولى ثانوي، بدعوى تضمنها أوصافا "متزمتة تسيء إلى مادة الفلسفة والعلوم الإنسانية"، وفق مواقف أساتذة الفلسفة، فضل الوزير المغربي القول إن وزارته بمعية وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني "عملتا بشكل وثيق جدا على تطوير برامج جديدة"، مضيف أن المناهج الدراسية للمادة الدينية استندت إلى توجيهات ومبادئ "من المفترض أن تكون مناسبة للجميع".