انطلق الموسم الرياضي اتحاد طنجة لكرة القدم، بعدد من التقلبات والمتغيرات الجذرية التي جعلت نتائجه متناقضة بين مرحلتي الذهاب والإياب، والتي جعلته ينجز "ريمونطادا" تاريخية ضمنت له البقاء مع أندية الصفوة في البطولة الوطنية لكرة القدم، بعد أن بدا ذلك مستحيلا في فترة من فترات الموسم. فترة تحضيرية كارثية للموسم وتخبطات لا حصر لها دخل فارس البوغاز موسمه الجديد وسط حالة من الارتباك والغموض، بعد تعاقد المكتب السابق برئاسة أحكان مع الإطار الوطني بادو الزاكي لقيادة الفريق، وما عرفه الفريق من تغييرات عميقة على تشكيلة لاعبيه، والتي عرفت رحيل العديد من الأسماء الكبيرة، في مقدمتها نجمه السابق أحمد حمودان ومحمد علي بامعمر وهشام المجهد وهدافه أكسيل مايي، سياسة قادها رئيسه السابق أحكان، مبررا ذلك بالوضع المالي الكارثي الذي يعيشه الفريق، والذي يمنعه من التمسك بهذه الأسماء وغيرها، وأفرغته تقريبا من عناصر الخبرة القادرة على قيادة الفريق في موسم طويل وصعب. في المقابل منحت إدارة الفريق صلاحية التعاقدات لبادو الزاكي في حدود الإمكانيات المالية الضعيفة المتوفرة في خزينة الفريق، وهو ما جعله يتجه للتعاقد وإغراق الفريق بالعديد من الأسماء المغمورة، بعضها قادم من أقسام الهواة. نتائج كارثية ومحبطة في مرحلة الذهاب في الوقت الذي كان يمني الجمهور الطنجي النفس في تحقيق المعجزة تحت قيادة الزاكي وأسمائه الشابة الجديدة على القسم الأول، فإن المنطق فرض نفسه، وكانت نتائج الفريق في مرحلة الذهاب، متناسقة مع وضعية قبل بداية البطولة. وشهدت مرحلة الذهاب أسوأ بداية لأي فريق في تاريخ البطولة، حيث أنهى اتحاد طنجة هذه المرحلة نقطتين فقط، جمعهما من تعادلين أمام أولمبيك خريبكة، وآخر أمام الوداد البيضاوي، و13 هزيمة وبمستويات كارثية وأداء لا يمت بصلة لآداء الفرق المنافسة ضمن قسم الصفوة. وجعلت هذه النتائج والأداء المقدم من اللاعبين كل ساكنة والفاعلين في الفريق يؤمنون بأن مصير الفريق سيكون النزول بشكل حتمي للقسم الثاني. استقالة المكتب المسير وقدوم الشرقاوي كرئيس جديد للفريق مع البداية الكارثية للفريق الطنجي في مرحلة الذهاب، ومع مرور 8 جولات فقط سيقدم المكتب المسير للفريق برئاسة آحكان استقالته، وبالضبط في نهاية شهر نونبر وبداية دجنبر خلال التوقف الدولي لكأس العالم، ورغم أن البطولة لم تنطلق إلا بعد شهر من هذا التاريخ، فإن اتحاد طنجة لم يجد إسما يملؤ الفراغ الموجود على مستوى رئاسة الفريق، رغم تردد إسم أبرشان كمرشح للعودة لرئاسة الفريق. وانعكس هذا الوضع على الجمع العام الاستثنائي للفريق، الذي تأخر عقده مرارا وتكرارا، وحتى بعد انعقاده بتاريخ 11 يناير الماضي، فقد شابه الكثير من الصراعات والمشاحنات التي طغت على منخرطي الفريق، والتي كادت أن تؤدي لتفجير الوضع وترك النادي في حالة فراغ قاتل، قبل تدارك الوضع تلك الليلة واختيار مكتب مسير مؤقت لغاية استكمال الجمع العام، وهو ما تم بتاريخ 15 يناير، حيث تقدم محمد الشرقاوي كمرشح وحيد لرئاسة الفريق وحضي ترشيحه بإجماع المنخرطين. الشرقاوي وعند انتخابه لم يخرج بدوره عن النغمة السائدة داخل مدينة طنجة التي ترجح سقوط الفريق للقسم الثاني، لكنه كان أكثر تفاؤلا وإصرارا على العمل بكل ما في وسعه من أجل إنقاذ الفريق من النزول. وقال الشرقاوي حينها أنه لا يعد ببقاء الفريق ضمن أندية القسم الأول، لكنه استدرك حين أكد أنه سيبذل قصارى جهده من أجل إنقاذ الفريق من الوضع، قائلا أنه "سينتحر من أجل بقاء الفريق ضمن القسم الأول". ثورة الشرقاوي أحدثت الفريق وجعلت المستحيل ممكن حتى مع قدوم الشرقاوي والأمل في تحقيق الإعجاز، فإن الشك بقدرة الفريق على تحقيق ظل كبيرا، كرسته الهزيمة في أول أربع مباريات الشرقاوي مع الفريق، وبمستويات كارثية جاءت ذروتها أمام الجيش الملكي الذي ألحق أكبر الهزائم بالفريق الطنجي هذا الموسم وبرباعية. لكن الشرقاوي ظل مؤمنا بأنه قادر على تغيير الوضع من المستحيل للممكن، لذلك فقط بدأ الرجل ثورة كبيرة داخل الفريق، جعلته يتعاقد في البداية مع هلال الطير القادم من الإدارة التقنية للرجاء البيضاوي ليتولى مهمة تدريب الفريق، ومعه العديد من الأسماء التي رحلت عن الفريق وأخرى تم التعاقد معها، وتمتلك خبرة كبيرة في مقدمتها محسن متولي نجم الرجاء السابق، وسفيان المودن ويوسوفا كوناتي والحارس غايا. ومع هذه الثورة، بدأ شعاع الضوء يلوح في نهاية النفق الذي اعتقد جميع الطنجيين أنه مغلق، بانتصار أول على حساب غريمه وجاره المغرب التطواني، أتبعه الفريق بتحقيق 8 انتصارات و3 تعادلات وهزيمتين فقط، إلى حدود الجولة التاسعة والعشرين. وظهر الفريق خلال هذه المرحلة بروح معنوية عالية لم تؤثر فيها الهزائم المبكرة التي تعرض لها أمام كل من الوداد وأكادير، والتي كانت كفيلة بتدمير أحلام الفريق، بل استمر الفريق عازما على تحقيق حلم البقاء. وتجلى ذلك في مباريات الفريق خصوصا ضد المنافسين المباشرين له على مراكز البقاء، حيث أسقط كل من أولمبيك خريبكة والدفاع الجديدي والمغرب التطواني، وحقق "ريمونطادا" كبيرة أمام نهضة بركان. وجاءت مباراة شباب المحمدية لتعلن عن تحقيق المعجزة وبقاء اتحاد طنجة ضمن القسم الوطني الأول مستغلا تعثر المنافسين له على مقاعد البقاء أولمبيك خريبكة والدفاع الجديدي، في نهاية موسم سترفع من طموحات الفريق ومكتبه المسير عاليا من أجل البناء على ما تحقق، والتخطيط الجيد للموسم المقبل. وبعد ضمان الفريق الطنجي لمكانه ضمن قسم الصفوة، سيكون الفريق على موعد يوم الجمعة 23 يونيو مع آخر مباراة في الموسم الحالي أمام الجيش الملكي المتصدر، حيث سيحدد في هذه المقابلة الفائز بالبطولة الوطنية، بعد أن كان مهدد بالنزول للقسم الثاني.