ستكون الدورات الخمسة عشر المتبقية من البطولة الوطنية لكرة القدم، مثيرة للانتباه حين ستسلط الأضواء على الرئيس الجديد لفارس البوغاز محمد الشرقاوي، وسط ظرفية صعبة قرر خلالها دخول مغامرة رئاسة الفريق الطنجي. ويبدو لافتا إقدام الشرقاوي على هذه الخطوة، مع قلة الضمانات والأرضية التي تسمح له بالنجاح في تجربته، فضلا عن العقبات الواضحة التي تفترش طريقه، وهو ما يفرض الحديث عن الأسباب ... التي تحسب للشرقاوي في خوضه لهذه المغامرة. مغامرة الرجل بسمعته السياسية وخلال الجمع الاستثنائي الذي انتخب فيه الشرقاوي رئيسا للفريق، اعتبر الرجل بكلمات واضحة، أنه بهذه الخطوة يغامر بسمعته ومستقبله السياسي الذي بدأ يتشكل منذ فترة ليست بالطويلة. ويترأس الشرقاوي خلال هذه الولاية مقاطعة طنجةالمدينة، وسيكون لحضوره داخل أروقة فريق اتحاد طنجة، الصدى المؤكد داخل الشارع الطنجي، والتأثير المباشر على الحياة السياسية للرئيس الشاب، بما يمكن أن ينسف طموحات الرجل في عالم السياسة في حالة الفشل الكبير في تدبير الفريق في المستقبل. ويحسب للشرقاوي شجاعته من أجل دخول هذا الغمار، في الوقت الذي تهرب الجميع من تحمل هذه المسؤولية الصعبة، الأمر الذي يحتم على جميع فعاليات المدينة في مقدمتهم والي جهة طنجةتطوانالحسيمة، الدعم الكلي للنادي في هذه الفترة الحساسة لإنجاح مهمة الشرقاوي. وضوح غير مسبوق لم يسبق لأي رئيس سابق للفريق الطنجي أن كان أكثر وضوحا من الشرقاوي حين أكد أنه سينتحر من أجل الفريق لضمان بقاءه هذا الموسم. وأثناء كلمته في الجمع العام الذي انتخب فيه، أكد الرجل أنه سيفعل المستحيل من أجل استمرار الفريق في القسم الممتاز، لكنه أردف قائلا أنه مع ذلك لا يمكنه ضمان بقاء الفريق ضمن قسم الصفوة في إطار الظروف التي يعيشها. غير أن الرجل استدرك قائلا أنه حتى في حالة سقوط الفريق للقسم الوطني الثاني، فإن سيجهز خلال السنة المقبلة فريقا قادرا على العودة للقسم الممتاز بأسرع وقت. تجربة أحكان الفاشلة التي جاءت في نفس الظروف تقريبا تعد أولى الأسباب التي ترفع من أسهم الشرقاوي أنه أخذ زمام أمور الفريق في ظرفية مالية صعبة جدا، متشابهة إلى حد ما مع بداية تجربة المكتب السابق برآسة أحكان. فالرجلان دخلا النادي وهو يعيش أزمة مالية خانقة، وديون متراكمة، وملفات نزاعات على طاولة الجامعة مع العديد من اللاعبين السابقين. وكان الفشل حليف أحكان خلال فترة رئاسته للفريق، حيث لم يعرف تاريخ النادي الطنجي، أو حتى تاريخ القسم الوطني الأول، مثل النتائج الكارثية التي سجلها الفريق الأزرق خلال بداية الموسم، وهو وضع يطرح تساؤلات مشروعة عن مدى قوة مشروع الشرقاوي في تقديم وجه مشرف للفريق، وقدرته على تفادي تكرار نفس السيناريو. فريق على حافة السقوط وإن كان الوضع المالي الخانق هو الذي يجمع تجربة كل من أحكان والشرقاوي، فإن الوضع الرياضي مختلف تماما، فالأول ورث فريقا يعاني للبقاء ضمن أندية الصفوة، لكنه كان لا يزال محافظا على ثباته. أما الثاني فمن الواضح أنه ورث فريقا لا يمتلك أدنى مقومات التنافس، ويعيش حالة مزرية غير مسبوقة على المستوى الوطني، ما يجعل تجربة الشرقاوي أكثر تعقيدا مما كانت عليه تجربة أحكان على المستوى الرياضي، إذ يحتاج الفريق لإعادة البناء من الصفر من أجل البقاء ضمن القسم الأول. هل بمقدور الشرقاوي إنقاذ فارس البوغاز من السقوط؟ على الورق تبدو مهمة الشرقاوي صعبة من أجل تفادي نزول الفريق للقسم الثاني، فكما سبق الذكر، لم يسبق أن عاش أي فريق نفس الظروف الرياضية التي يعيشها اتحاد طنجة، حيث يتحتم على الفريق أن يضمن الفوز في 11 مقابلة أو الفوز ب9 مبارايات والتعادل في المباريات الستة الأخرى لضمان البقاء ضمن قسم الصفوة، وهو أمر لبي بالمستحيل إذا تم التحضير للمباريات ال15 المتبقية من البطولة أفضل تحضير بعد تعزيز الفريق بأسماء جديدة يمكن أن تساهم في البقاء. في حين تبدو مهمة إنقاذ الفريق من شبح النزول محفوفة بالمخاطر، حيث ليس مضمونا أن تساهم الأموال التي يخطط الشرقاوي لضخها بالفريق في خروجه من مأزق النزول، بل قد تزيد الصفقات الجديدة للفريق من الأعباء المالية التي يعاني منها النادي. ويبدو من الأنسب أن يركز الشرقاوي على إعداد فريق تنافسي من الآن، وتهيئة الظروف للمرحلة المقبلة، من أجل إنجاح رهان الصعود من جديد للقسم الأول، خصوصا وأنه لن يكون في مرمى النيران في حالة نزول الفريق للقسم الثاني، وسيكون قادرا على العمل بأريحية وبناء الفريق من جديد.