مجددا تفشل وزارة الداخلية التي يرأسها " محمد حصاد " في تعيين والي جديد على ولاية تطوان رغم شغور المنصب منذ مدة طويلة ومصادقة المجلس الوزاري مؤخرا على اقتراحاته لتعيين ولاة وعمال جدد، وهو الأمر الذي أصبح معه جل متتبعي الشأن المحلي يطرحون أكثر من تساؤل وعلامات استفهام. فهل للتأجيل علاقة بالتقسييم الجهوي الجديد وإلغاء جهة الحسيمة – تاونات ومحاولة ضم إقليمالحسيمة لجهة – طنجةتطوان؟ أم أن وزارة الداخلية تريد إبقاء الحال كما هو عليه في تطوان من خلال النفوذ الكبير الذي أضحى " محمد اليعقوبي " والي جهة طنجةتطوان وعامل عمالة طنجةأصيلة ووالي تطوان بالنيابة، يتمتع به في حالة غير مسبوقة في تدبير شؤون الادارة الترابية بوزارة الداخلية ؟ أم أنها عاجزة عن ملئ هذا المنصب ومترددة في إعلان تقهقر مكانة ولاية تطوان إلى عمالة ؟. لقد تقبل التطوانيون منذ بداية العهد الجديد بكل فخر واعتزاز ما اصطلح عليه بالمصالحة بين العرش وسكان الشمال، وتناسوا سلوك الدولة مع منطقتهم ووصفهم بأبشع النعوت، وطبقوا مقولة " عفا الله عما سلف " .لكن البعض من الذين تداولوا على الادارة الترابية ساروا في اتجاه معاكس لعقارب الزمن بل عملوا على تهميش تاريخ تطوان والنفخ في تنمية عاصمة الجهة " طنجة " عبر إصدار حزمة من الاعفاءات الضريبة وخلق فرص الاستثمار وتهميش اقاليم تطوان، شفشاون، العرائش. بل اقتطاع اجزاء من هذه الاقاليم وتأسيس أقاليم أخرى بحجة تقريب الإدارة من المواطنين مناقضة بذلك إعلان الدولة نفسها عن انطلاق برامج فارغة كمشروع تطوان الكبرى في الوقت الذي اقتطعت جزء كبير من ترابها لفائدة ميناء طنجة المتوسط والمنطقة الحرة بالفحص أنجرة ومدينة " الشرفات " وحتى المتنفس البحري التاريخي مرتيل لفائدة عمالة المضيق – الفنيدق و… من حق ساكنة تطوان أن تتساءل عن من يتخذ مثل هذه القرارات ؟ وهل لممثلي الإقليم بالبرلمان علم ومساهمة في صياغة هذه الاجراءات ام انهم مغيبون ؟ للإجابة عن هذه التساؤلات وجب الوقوف للحظة على القرارات التي اتخذتها وزارة الداخلية منذ سنة 2005 إلى الآن وهو تاريخ اقتطاع أجزاء مهمة من المجال الترابي لتطوان وضمه إلى مدينة طنجة وتأسيس إقليم جديد على انقاض ولاية تطوان التي ظلت لسنوات الاستثناء الوحيدة بين عواصم ولايات جهات المملكة المغربية، ولاية داخل ولاية جهة طنجة. أشارت بعض المصادر العالمة بخبايا ولاية تطوان على أن والي الجهة الحالي " محمد اليعقوبي " لم يكن ينصاع لقرارات والي ولاية تطوان آنذاك " إدريس خزاني " حيث كان يعترف فقط باختصاص والي الجهة " محمد حصاد " وزير الداخلية الحالي، في الوقت الذي أضحي فيه " اليعقوبي " يمارس الوصاية على عامل المضيقالفنيدق الذي شغل منصب باشا تطوان تحت قيادته. وهو ما يؤكده الزيارات المتكررة للعمالة لتفقد الأوراش بل حتى مراقبة البناء وكأن عامل الإقليم رقي في الدرجة الإدارية دونما تعيين في الاختصاص. لأن عامل العمالة أو الإقليم يمثل الحكومة والدولة ووالي الجهة علاوة على اختصاص عامل الإقليم مقر الجهة فإنه يقوم بالمصادقة على مقررات تقوق أو تعادل 2 مليون درهم إضافة إلى التوقيع على بعض قرارات الموظفين الملحقين بمختلف الإدارات الترابية للجهة . فمن هو " محمد اليعقوبي " الذي يشغل عدة مناصب بالجهة ؟ الوالي " محمد اليعقوبي " المزداد بتاريخ 30 شتنبر 1969 بمدينة بركان، بعد حصوله على دبلوم مهندس دولة في الهندسة المدنية عين رئيسا لمصلحة تهيئة مرافئ ميناء أكادير ابتداء من شتنبر 1992 ثم منصب رئيس إدارة استغلال ميناء أكادير ابتداء من 1993 ليشغل بعد ذلك منصب مدير استغلال لميناء طانطان سنة 1995، ثم مدير استغلال لميناء العيون ابتداء من شتنبر 1998. وفي نونبر 2001 عين مدير استغلال ميناء الجرف الأصفر قبل أن يعين مديرا للمركز الجهوي للاستثمار لجهة دكالة عبدة ابتداء من يونيو 2002، وهو المنصب الذي يتولاه أيضا بجهة طنجة – تطوان. وفي يونيو 2005 عينه جلالة الملك عاملا على عمالة المضيق – الفنيدق ثم واليا على ولاية تطوان وعامل إقليمتطوان في أكتوبر 2010، ثم واليا على جهة طنجة- تطوان في 23 يناير 2014 وعامل عمالة طنجة – اصيلة مع الابقاء عليه واليا بالنيابة على تطوان . فما الذي تحقق في عهد هذا المسؤول طيلة تواجده ممثلا للدولة والحكومة بولاية تطوان ؟ يختلف اثنان على تقييم أداء هذا المسؤول على الإدارة الترابية لتطوان : فالرأي الأول يعتبر أن ما قام به من شق للطرق وتهيئتها بالإنارة والمساحات الخضراء إجراءات لتلميع صورته أمام السلطات العليا للبلاد لنيل رضاها اثناء إقامتها بتطوان، والدليل على ذلك هو اهتمامه بالمحاور التي يمر منها الموكب الملكي واقتراحه لتدشين مشاريع بالأحياء الشعبية غير ذي تأثير على النسيج الاجتماعي للساكنة وتندرج في اطار تسويق سياسة الدولة للمصالحة دون جبر حقيقي للضرر، إذ أن ساكنة هذه الأحياء لازالوا يمارسون اقتصاد التهريب من مدينة سبتة السليبة. ولم تغير تلك المشاريع من مستوى عيشهم بل إن تهيئة أحيائهم زاد عليهم عبئ الزيادة في فواتير الماء والكهرباء والواد الحار. وإغراق ميزانية البلدية بقروض ترهنها لسنوات في أداء أقساطها وشل حركتها التنموية وهو الأمر الذي سقطت فيه كل من بلدية المضيق وبلدية الفنيدق ومارتيل حيث وصل عجز ميزانية هذه المجالس لمستويات خطيرة، وهي أقاليم أشرف والي الجهة الحالي على التدبير المباشر لشؤونها بصفته عاملا وواليا. اما العالم القروي فلم يشهد أية تنمية حقيقية اذ ظلت معظم الدواوير خارج اهتمامات العامل الوالي باستثناء تهيئة بعض مداخل مراكز بعض الجماعات القروية والتي تعتبر معبرا للموكب الملكي في اتجاه طنجةوشفشاون . تأسيسا على ما سبق، يرى الرأي الثاني أن ليس هناك فرص حقيقية للتنمية : كل ما في الأمر تمت ترقية السيد " محمد اليعقوبي " في زمن قياسي من عامل سنة 2005 الى والي تطوان سنة 2010 ثم والي للجهة سنة 2104 على حساب ماضي وحاضر ومستقبل منطقة الشمال. فتطوان بدون هوية، لا هي صناعية ولا تجارية ولا سياحية ولا ثقافية، فقط مجرد مرتع للوبيات العقار "قرية كبيرة " كما هي في مخيلة محمد ادعمار برلماني تطوان ورئيس بلديتها. من هنا يحق لنا ان نتسائل : كيف سيكون وضع وهوية تطوان في ظل التقسيم الجهوي الجديد؟ ومن سيمثل ساكنتها في المجالس والهيئات؟ وما هي الأخطاء التي ارتكبت في حقها ؟ وكيف السبيل إلى تداركها ؟ أسئلة سنحاول تسليط الضوء عليها والمساهمة في الإجابة عنها عسى أن يعقبه نقاش عمومي لرسم معالم مستقبل الشمال عموما وتطوان خصوصا. يتبع بالجزء الثاني