في حوار مع شمال بوست حلل الخبير في العلاقات المغربية الاسبانية عبد الحميد البجوقي قيمة نتائج الانتخابات الجهوية والمحلية وأسباب تقديم الانتخابات التشريعية وكذا انعكاس هذه النتائج على العلاقات مع المغرب… فيما يلي نص الحوار القصير، في انتظار لقاء بالصوت والصورة مع شمال بوست للتفصيل بشكل أكثر توضيحات لتداعيات هذه النتائج. هل انهزم الحزب العمالي الاشتراكي الاسباني ؟ الحزب الاشتراكي يقود تحالف حكومي مع شريكه اليساري بوديموس بدعم من حركات يسارية جهوية في جهة الباسك وكاطالونيا وفالنسيا، وبالتالي الهزيمة يتحملها معنويا الحزب الاشتراكي العمالي مقابل صعود قوي للحزب الشعبي اليميني والحزب اليميني المتطرف فوكس، هذا الأخير حصل في هذه الانتخابات الجهوية والمحلية على مليون صوت إضافي. لكن الأرقام والنتائج النهائية تؤكد أن الخاسر الرئيسي في هذه الانتخابات هو تحالف اليسار وبالخصوص بوديموس الذي عرف تراجعا مدويا في أغلب الجهات وفي بعضها حصل على صفر مقعد منها مدريد التي عرفت ولادته. تراجع تحالف اليسار حليف الحزب الاشتراكي وتقدم فوكس أعطى للحزب الشعبي فرصة تشكيل الحكومات الجهوية بدعم من اليمين المتطرف ويحول دون استمرار حكومات اشتراكية في ست جهات والعديد من البلديات، بعضها كانت معقل تاريخي للاشتراكيين ولتحالف اليسار. الخلاصة أن الهزيمة بالدرجة الأولى كانت من نصيب تحالف اليسار لكن نتائجها طالت الحزب الاشتراكي الذي سيفقد أغلب الحكومات والبلديات المهمة باستثناء برشلونة التي تقدم فيها بشكل ملحوظ ، كما تقدم في بعض الجهات والبلديات وحافظ في أخرى على نتائجه السابقة. اذن لماذا اعلن سانشيز عن تقديم موعد الانتخابات ؟ هل هذا الامر إقرار بالهزيمة ؟ رغم أن تراجع الحزب الاشتراكي كان طفيفا، ورغم حصوله على تقدم في بعض الجهات والبلديات، انهيار حليفه في أغلب الجهات يعني فقدان الحزب للعديد من الحكومات ويعتبر انهزاما للتحالف الذي يقوده الحزب الاشتراكي الاسباني، وكان من الطبيعي أن يدعو ذلك زعيم التحالف ورئيس الحكومة الائتلافية بيدرو صانشيص إلى حل البرلمان والتعجيل بالانتخابات التشريعية. المفاجئ أنه أعلن عليها في أجل قريب 23 يوليوز القادم أربك خصومه في اليمين، وإرباك الخصوم كان من أسباب التعجيل بالانتخابات التشريعية إضافة إلى كون هذه الانتخابات الجهوية كانت بطعم وطني شارك فيها شخصيا ووضع فيها كل ثقله السياسي ما جعل الهزيمة بمثابة هزيمته شخصيا وللحزب الاشتراكي، إضافة إلى هذا الشرط الأخلاقي الذي جاء في تصريحه مباشرة بعد إعلان النتائج والاحتكام الديموقراطي للناخبين، هناك عناصر أخرى تتعلق باستراتيجية مدروسة تهدف تفادي استمرار النزيف والحديث عن الهزيمة إلى تحويل النقاش العمومي إلى انتخابات تشريعية لم تكن منتظرة من طرف اليمين ولم يكن مهيأ لها، كما أنها توافق توليه لرئاسة الاتحاد الأوروبي ابتداء من يونيو الجاري، ما يعطيه هامش كبير من التأثير، إضافة إلى استغلال تشكيل الحكومات الجهوية التي يحتاج فيها الحزب الشعبي إلى التحالف مع اليمين المتطرف وتأكيد ما يردده اليسار أن الحزب الشعبي رهينة في يد اليمين المتطرف، ما يعني نوع من قلب الطاولة والمرور إلى الهجوم كوسيلة للدفاع. ربما حظوظ الاشتراكيين في الفوز وتشكيل حكومة ائتلافية مع تحالف اليسار أصبحت ضعيفة، وتتوقف على استعادة تحالف اليسار إلى عافيته ووحدته، وقدرة بيدرو صانشيص على تحفيز الناخب الاسباني واستمالة المترددين والممتنعين عن التصويت، لكن عناصر المفاجأة قائمة وميزت دائما تاريخ الزعيم الاشتراكي، خصوصا وأنه بهذه المبادرة المفاجئة بانتخابات سابقة لأوانها وفي ظل الشروط السابقة الذكر وخلال العطلة الصيفية جعلت منها نوع من الاستفتاء على شخص بيدرو صانشيص، وليست فقط انتخابات تشريعية عادية أساسها البرامج الانتخابية للمتبارين. هل يؤثر صعود اليمين الى الحكم على ما تحقق من تقدم في العلاقات بين اسبانيا والمغرب ؟ فيما يتعلق بالتداعيات المحتملة لنتائج هذه الانتخابات على العلاقات بين الرباطومدريد، هي أولا رهينة بالفوز المحتمل للحزب الشعبي في الانتخابات المقبلة، وفي حالة فوزه لن يكون بأغلبية مطلقة ما يفتح المجال أمام احتمال تشكيل حكومة يمينية ائتلافية يقودها الحزب الشعبي اليميني المعتدل، وكل المؤشرات تؤكد أن العلاقات بين الرباطومدريد لن تتأثر فيما يتعلق بما هو استراتيجي والالتزامات المشتركة بين البلدين، وأن القرارات المتعلقة بملف الصحراء والموقف الاسباني الجديد الداعم للمغرب لن يتغير، بل ربما ستعرف العلاقات بين البلدين دفعة أقوى في مجالات التعاون الاقتصادي والعلاقات التجارية بالإضافة إلى الملفات التقليدية الثابتة كالأمن وملف محاربة الهجرة غير النظامية والإرهاب. تم نسخ الرابط