منذ عودة الحياة إلى شرايين الفعل الثقافي بمدينة تطوان خلال السنة والنصف الاخيرة، وأصوات تعلوا وتخفت هنا وهناك مؤلبة الرأي العام ضد كل بصيص ثقافة لتنوير المجتمع وتهديب الذوق العام وتحرير مساحات للفرح والسعادة لفائدة ساكنة الحمامة البيضاء. تطوان التي شكلت منذ تأسيسها منارة للرقي الحضاري والثقافي على المستوى الوطني بل وفي حوض المتوسط، لم تسمح في فترة من تاريخها لأصوات الظلام والسواد بتصفية وقمع الفكر والثقافة والفن والفرح عن ساكنتها، حتى والمدينة تحت نير الاستعمار الاسباني حافظت على طابعها العريق ثقافيا وتصدت لكل محاولة لسلب وتقويض مكامن الحضارة والرقي فيها. عودة الفعل الثقافي للمدينة بعد سنوات من التراجع ومراوحة الفعل الفني لمكانه، يواجه مؤخرا بمحاولات بئيسة لتصوير الأمر كأنه ترف وبذخ وهدر للمال العام بل هناك من يعتبر الأمر تضييع للوقت، متناسين أو محاولين إخفاء حقيقة حاجة الجمهور لاستنشاق الفن والرياضة والسينما والموسيقى والرسم والمسرح… كحاجته لاستنشاق الأكسجين وحاجته للديمقراطية والتنمية، وأن الأمم لا تُبنى إلا من خلال ما راكمته من ثقافات وانتاجات ابداعية على كافة المستويات الفنية والحياتية. الجماعة الترابية لتطوان كانت موفقة ومقصرة قليلا في نفس الوقت وهي تدعم الفعل الثقافي بالنزر اليسير من ميزانيتها في وقت كان مطلوبا منها تخصصيص دعم أكبر للملتقيات الفكرية والمهرجانات الفنية والأنشطة الثقافية وتعويض الفراغ الذي أحدثته السنوات العجاف لغياب شمس الثقافة عن المدينة لإرواء عطش الساكنة الفني والثقافي. إرواء بالتأكيد يعييه جيدا رئيس جماعة الترابية "مصطفى البكوري" وقبله عامل الإقليم "يونس التازي" المعروف عنه شغفه وحبه لكل ما يبعث ويقوي وينمي الفعل الثقافي ويسهم في البناء الحضاري لمدينة تطوان وضمان استمرار تفردها ورقيها الذي تميزت به عبر تاريخها العريق. تخصيص الجماعة الترابية ميزانية حوالي 300 مليون سنتيم فقط للفعل الثقافي أمر يجب تطويره مستقبلا وإن كان فيه اكراهات ومجرد بداية لأن الساكنة رفعت دائما شعار تطوان الحضارة.. تطوان حاضنة مهرجان العود ومهرجان أصوات نسائية ومهرجان سينما البحر الأبيض المتوسط والملتقى الوطني للمسرح ومهرجان الفيلم الأمازيغي ومهرجان الطفل وملتقى الرسوم المتحركة وغيرها من المهرجانات والملتقيات والندوات والأوراش والأنشطة المختلفة التي ترفع الذوق والأخلاق وتبني الحضارة وتساهم في تطور الوطن وتخليق المواطن. أوراش كثيرة انطلقت بالمدينة لإعادة الاعتبار لمكانتها ورمزيتها، ولا يمكن إغفال الثقافة بين هذه الأوراش لأنها هي القلب النابض للمجتمع، وهي المحرك الأساسي لأي تطور، كما أن تحريك عجلة الاقتصاد لا يستقيم بدون تحرك ثقافي. تم نسخ الرابط