ثمة نظرة ما عند الفنان التشكيلي يوسف الحداد لرسم هذا البورتريه بفرشاته. نحن نعرف بداهة أن الفنان التشكيلي يركز على رسم البورتريه، كما أنه اشتغل على أشكال وألوان وتقنيات متنوعة، كما هو حال الموسيقى والوجوه المشوهة، أو مايسميه مصطفى الشرفي “توجهن”، إلى غير ذلك من الأعمال الفنية والتشكيلية التي أنجزها طوال مسيرته الفنية/ الإبداعية والتشكيليةالمثمرة. في هذه اللوحة/ البورتريه نرى أن يوسف الحداد يرسم بورتريه مختلف للفنان حسن البلدي، المعروف بأعماله المسرحية الكوميدية بتطوان، من خلال نظرته لحسن البلدي كفنان وإنسان من خلال استعماله لألوان مائية زاهية أمنحت اللوحة بريقا، وأضفت عليها جمالية نوعية. ليس في اللوحة ما يستتر، كل شيء واضح، لكنه مركب، أيضا. إن يوسف الحداد في هذا البورتريه يعتمد أسلوبا سهلا ممتنعا، وبذكائه، يضللنا، بل ويوهمنا بأنه يرسم ملامح حسن، كما نعرفه، لكنه، في حقيقة الأمر يقدمه لنا من خلال نظرته هو، وهذه هي إبداعية الفنان، إنه يستخدم إحساسه، وأدواته، بل ومنتوج خياله في رسم اللوحة، بل والأهم من ذلك كله نظرته لحسن. المشاهد عندما سينظر إلى اللوحة، سيقول بمرح: “هذا هو حسن البلدي، إنني أعرفه”، لكن ثمة شيء لايفهمه الجميع هو أن الفنان لايحاكي، وإنما يحور. واللوحة الفنية التشكيلية ليست مطلقة، وإنما هي نسبية، وكل مشاهد يؤولها حسب هواه. إن الفنان يوسف الحداد من خلال خطوط هذا البورتريه التي وضعت على القماش تغير ملامح حسن من زوايا متعددة، ومن بينها مضمونه وشكله ووجهه وهويته، حيث يضحى حسن مختلفا. وبطبيعة الحال، يكمن هذا الإختلاف في فتح العين اليسرى لحسن التي تحدق فينا بسخرية، وإغماض العين اليمنى التي تخفي أمرا ما لانعلمه. في هذا المنحى، تكمن نظرة الفنان. نظرة ساخرة من مجتمع غير مفهوم، مجتمع جاحد بكل سلطويته. غير أن هذه النظرة ترغمنا على الدخول إلى اللوحة وفتح العين اليمنى لحسن، وهذا هو عجزنا. ثمة ظل ونور في البورتريه نلامسه عن كثب، لايتحدد في الألوان المائية الزاهية، ولكن في العين الداخلية، المستورة. ثمة في هذا البورتريه عين نيرة محدقة في الفراغ وساخرة، وعين مستترة كنجمة.