ولد الفنان الشاب محمد آل الشيخ العلوي بالرشيدية في الثامن من غشت من سنة 1992، وقد حصل على دبلوم المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان، وهو يشتغل في فروع متعددة من الفن معتمدا على عدة وسائط، مثل: الصباغة، النحت، وأشكال أكثر معاصرة من قبيل التركيب الفني، الأداء والفيديو. محمد آل الشيخ العلوي وقد شارك في بعض التظاهرات الفنية، من بينها : إقامة فنية ببينالي مراكش من 25 فبراير إلى 17 مارس 2016، الفوز بالمرتبة الأولى في المهرجان الوطني للثقافة بالحصول على الجائزة الأولى بالرباط من 25 أبريل إلى 30 أبريل 2016، ورشة التدريب-المصاحبة مع فريق من المكونين بشراكة بين المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان ومؤسسة “التبادل الثقافي في المتوسط ” بمرسيليا،معرض جماعي “مسارات فنية” بطنجة 3-4 سبتمبر 2016، معرض جماعي “الفعل البيئي”بفيلا الفنون بالرباط من 01 إلى 30 نوفمبر من نفس السنة، الفوز بالجائزة الأولى في المهرجان الوطني للثقافة من 03 إلى 05 مايو 2017، معرض “العقل المدبر 6” برواق فينوس بالدار البيضاء من 03 أبريل إلى نهاية يوليو 2017، إقامة فنية في مدينة الفنون بباريس من 01 إلى 28 ديسمبر 2017 ومعرض “الورشة المفتوحة”في نهاية الإقامة، ورشة عمل LA FALTANTE كجزء من معرض “المدينة العالمية (Cosmopolite N1)”في مركز جورج بومبيدو الوطني للفنون والثقافات في باريس بتاريخ 9 نوفمبر من السنة نفسها، مهرجان فن الأرض”فلاتا”بطنجة من 21 يونيو إلى 3 يوليو 2019، معرض فردي بدعم وزارة الثقافة وإشراف مديريتها الجهوية درعة- تافيلالت ما بين 5 و15 يناير بقاعة المعارض بالمركز الاجتماعي الثقافي بالرشيدية،وينتمي مساره إلى حركة الفن المفهومي. من الناحية النظرية، هناك طريقتان لفهم الفن المفهومي: فمن جهة أولى ، هناك الاتجاه التاريخي، ومن جهة أخرى المقاربة المفهومية، فمن وجهة نظر تاريخية، يحيل المصطلح حصرا إلى الحركة الفنية التي نمت ما بين 1969 و1972، ووفق هذا المنظور وحدها الأعمال المنتجة في هذه الفترة، مع بعض الأعمال الفنية الاستثنائية القائمة على نفس التفكير تسمى بشكل مناسب بالمفهومية، أما بالنسبة لوجهة النظر الثانية، تعتبر أعمال مارسيل دوشان Marcel Duchant مثل” النافورة “(1917)، أو أعمال جوزيف كوزوث Josef Kosuth” واحد أو ثلاثة كراسي”(1965)، أو أيضا الأداء اللامرئي لجيري كوفاندا Jiri Kovanda(2000) كأعمال تنتسب إلى هذا الفن، رغم كونها لا تنتمي إلى نفس الحقبة التاريخية المشار إليها أعلاه. وبالفعل، فإن هذه الأعمال السالفة لها قواسم مشتركة تتمثل على الأقل في ثلاث خاصيات : 1-محاولة الابتعاد عن التركيز التقليدي حول المتعة الحسية والجمال، لصالح الأفكار وتجريد الشيء الفني من ماديته. وقد دافع عن ذلك سول لويت Sol Lewitt في “فقرات حول الفن المفهومي”، منتدى الفن،صيف 1967، فما يعطي قيمة للفن المفهومي هو المفهوم والفكرة. 2-السعي إلى تجاوز حدود هوية وطبيعة الفن،بحيث يصبح الفنان على هذا النحو بمثابة الناقد أو المنظر للفن من خلال تعزيز التصور ضد الاستهلاكي وضد المؤسسي. 3-رفض الوسائط الفنية التقليدية، وبالخصوص الفنون التشكيلية باعتماد وسائل جديدة للإنتاج من قبيل : الفوتوغرافيا، الفيلم، الأداء، الأجساد، الملابس الجاهزة… ويحظى الفن المفهومي باهتمام أكبر عندنا بفضل تلاؤمه مع الخصوصيات الثقافية للعوالم غير الغربية، ومن وجهة نظر أنثروبولوجية تعد الرؤية الجمالية للأشياء الفنية لا تصدق إلا بصورة ناقصة على المستوى النظري على أعمال المفهوميين، لأن الإستطيقا لا تتوفر على المعلمات التي تسمح بوصف ومقارنة وجود الظواهر الفنية بشكل فعال في التقاليد غير الغربية. وفي هذا الصدد يذهب ألفريد جيل إلى فهم عمل الفن انطلاقا من العلاقة التي يقيمها بين ما هو قصدي وما هو فني، ومن ثم تدعو نظريته إلى الفهم القصدي لعمل الفن. ويمكن القول بأن فناننا الشاب محمد آل الشيخ العلوي فنان مفهومي طبقا للمعيار الثاني المذكور أعلاه. وتتمحور أعماله حول عنف الإيديولوجيات، محرضة المشاهد على التساؤل حول نمط عيشه،ولكن أيضا حول مجموع الرموز التي تحكم المجتمع الاستهلاكي الذي يعيش فيه. أما فيما يخص تصوره المفهومي فهو يتطابق مع شكلين هندسيين هما : الدائرة والمربع، وهو اختيار ذو بعد رمزي في الفن والديانات والثقافات، فالدائرة تحيل إلى الكمال واللامتناهي والاستمرارية، وبالتالي يعتبر العمل عند هذا الفنان بهذا المعنى كرؤية للإنتاج والقوة الرأسمالية الصناعية التي ينظر إليها من وجهة نظر نيوليبرالية باعتبارها تمثل قمة التقدم التاريخي للمجتمع البشري كما لو أنها هي نهاية التاريخ. أما المربع بأبعاده الرمزية والسيميوطيقية المعاصرة فهو متعلق بالمتناهي وبالحرمان والنقص، إذ يرمز إلى الجمهور المستهلك الذي تعود على الاستهلاك السلبي للرموز والعلامات الثقافية بدون أي حس نقدي. غير أن الاختيار المفهومي للتكرار يرمز إلى السواد المعظم من الجمهور، ويخص فائض الإنتاج اختيار الاستهلاك الجاهز. ويفترض هنا، في هذا السياق بالذات، بأن هذا العمل، ككل عمل مفهومي في الفن المعاصر، ينطوي على معرفة في خطابه المضمر.وهذه المعرفة متعددة الفروع، فلسفية، سوسيولوجية ونفسية اجتماعية، مادام أنها تكشف عن كيفية استلاب العقل في المجتمع، سواء بواسطة الدين، أو حتى بواسطة إشهار منتج كوكاكولا، وهذا التحكم في وعي الإنسان يتجلى أيضا عبر صور متكررة على غرار مشهد تعليب الأدمغة البشرية، حيث ينتقد آل الشيخ العلوي الأجهزة الإيديولوجية التي تعيد إنتاج نفس علاقات الإنتاج الرأسمالية ونمط السلطة الذي تفرزه،أو عبر الدعوة إلى الحفاظ على الوسط الإيكولوجي الذي يعيش فيه الإنسان، من خلال البصمة البيضاء على مساحة معشوشبة باستخدام مواد صديقة للبيئة في التشكيل. غير أن المفارقة التي تبرز هنا تتجلى في الشك الذي يحوم حول الدور المعرفي المسند إلى هذا الفن، أو المفترض فيه. فهل يكفي أن نضع في مركز الفن الفكرة والدلالة لضمان حمولته الإبستيمية ؟ وفضلا عن ذلك، ألا يؤدي تجريد ما هو مادي في العمل الفني ووضع التجربة الجمالية بين قوسين إلى فرملة التشارك المعرفي للفن؟وبدقة أكبر، هل يصنع المحتوى المقترح للفن المفهومي فنا معرفيا بامتياز؟ ألن يكون هذا بمثابة تغييب لخصوصية المصادر الإبستيمية للفن وللتجربة الإستطيقية؟ يمكن التمييز بين ثلاث فرضيات في الإجابة عن هذه الأسئلة : 1-الفن المفهومي هو الفن الأكثر إفادة من كل الفنون. وهي فرضية تفاؤلية. 2-الفن المفهومي مجرد من كل حمولة إبستيمية، وهي فرضية شكية جذرية. 3-الفن المفهومي ليس فنا معرفيا بامتياز،وهذه فرضية شكية فيها نوع من الاعتدال. يمكن الاعتراض بكون الفن كيفما كان، مفهوميا أو كلاسيكيا، فهو مجرد من كل قيمة معرفية. وبالتالي الفصل التام بين الفن والمعرفة، وبين الإستطيقا والمنطق. ومع ذلك، فإن التحول المعرفي الذي طرأ في الإستطيقا ، والذي بدأ مع نيلسون غودمان، جاء بثلاثة مفترضات، وهي : 1-يمكن أن يحتوي الفن على حمولة معرفية. 2-لاوجود لأي تعارض ضروري بين الفن والمعرفة. 3-أعمال الفن يمكن أن تكون طريقة لفهم العالم. إن الأطروحة التي يدافع عنها غودمان حول الفن تدعو إلى النظر لهذا الأخير كترميز، وغالبا ما تتحدد الرموز في تمظهرها الفني ككيانات موضوعية بمساعدة من التمثلات، الصور، أو أشياء محددة. وما يميزها هو كونها واقع لا ينتسب إلى أي نظام مادي .