تحتضن قاعة المكي مغارة بمدينة تطوان وعلى مدى شهر يناير الجاري معرضا للفنان التشكيلي يوسف الحداد تحت عنوان " انزياحات اللون ". وهو معرض يجلي فيها يوسف الحداد خريج مدرسة الفنون الجميلة بتطوان سنة 1988، معالم فنية تميز تحربته التي يقيمها على البحث في قوالب تشكيلية تختلط فيها الألوان والأشكال بالأصوات والنغم وتستدرج المتلقي على نحو فني ماكر إلى استعمال كل حواسه للاستمتاع بالتشكيل. يقول " مصطفى الشرفي " في تقديم المعرض " يوسف الحداد لا ينطلق من حدود الواقع ولكن يسير نحوه، " نحو الذي يجب أن يكون، فضرباته التي تعدو بين السريعة والبذيئة خاضعة لمنطق الصدفة والارتجال". ويضيف الشرفي مبرزا بخصوص الألوان وانزياحاتها قائلا: " إن " الألوان لا تستقر على حال، رمزيتها ودلالتها تتبدل من حقل ثقافي لأخر، كما داخل الحقل الواحد، بانزياحاتها وهجراتها وتداولها : الأزرق مثلا ينوب عن الأبيض وأحيانا أخرى كما الأسود عن الأخضر وهكذا ". يشير الشرفي إلى أن " القراءة في مستويات اللون داخل أعمال يوسف الحداد لا تتحقق إلا نسبية وافتراضية " القصد منها ليس تحديد الألوان الأساسية : تواجدها أو عدمه، صفاؤها أو هجنتها، دلالاتها الظاهرة والخفية، بل ظلالها، لونياتها، هويتها، حينما تترادف وتتناغم أو تتضاد وتتنافر.. إن الألوان محققة بهذه الكيفية تشكل هارمونية متنوعة دون هيمنة أي لون ودون احتجاب بعضها في الظلام والعماء، لأن الإطار يوحدها والوعاء الشفاف يعطيها إمكانية الإضاءة الذاتية النابعة في خصوصية كل لون. يوسف الحداد عاشق الموسيقى وعازف القيثارة، ترجم رناتهه الموسيقية إلى ألوان تسيح في بحر مقامات " الصمت والمساحة والزمن " لتتشكل منها " انزياحات اللون ". وتجربة يوسف الحداد تنطق بكثير من فورة التجريب المتمرد على الحدود التقليدية، والتي تتجرأ على افاقات تشكيلية مفتوحة على مكونات تعبيرية متباينة تخدم بلاغة الأداء التشكيلي في لوحاته. وعلى متسوى اخر تظهر لوحات الحداد ان بها مسا من التمرد على المسارات التقليدية، تمرد على الفضاء، وعلى شكل الخطوط، وعلى المساحات الفارغة، وعلى التناغم التقليدي بين الالوان، فيجد المشاهد في اللوحات ان ثمة عالما مغايرا بديلا يتشكل بملامح لا تبيح نفسها في التامل الاول بل تستدرجه إلى مستويات خلفية حيث تكمن المقاصد التخاطبية والقيمية للوحة.