في محاولة للحكومة الإسبانية المركزية في مدريد وقف الاستفتاء على استقلال إقليم كطالونيا والمزمع عقده في الأول من أكتوبر، صادرت يوم أمس الأربعاء، قوات الحرس المدني (شرطة شبه عسكرية) ملايين أوراق الاستفتاء، وألقت القبض على 14 مسؤولا في الحكومة الكطالانية والمكلفين بالجانب التنظيمي واللوجيستي لاستفتاء تقرير المصير. وجعلت هذه الإجراءات إسبانيا تعيش توترا واحتقانا قد يكون الأخطر من نوعه منذ المحاولة الإنقلابية العسكرية الفاشلة التي وقعت خلال فبراير 1981، حيث تسرعت المواجهة بين كتالونيا والدولة الإسبانية، مما قد يدفع الكتالان إلى اعتبار الوجود الإسباني استعمارا. شمال بوست اتصلت بالناشط الحقوقي والخبير بالشؤون الاسبانية الاستاذ عبد الحميد البجوقي الذي علق على الوضع قائلا : ” الوضع في كطالونيا متوتر وساخن، لا أعتقد أن الحکومة الجهوية ستستطيع تحقيق هدفها بتنظيم استفتاء حقيقي، لکن التداعيات علي المدي القريب ستکون مجلجلة والشعور الکطلاني العام أصبح انفصاليا “.. مضيفا عن موضوع الاعتقالات “إنها من الناحية الدستورية قانونية، والقوانين الانتقالية التي صادق عليها البرلمان الکطلاني استأنفتها الحکومة المرکزية وألغتها المحکمة الدستورية، لکن الوضعية الحاليه في کطالونيا ونزول الشعب للشارع واتساع رقعه التذمر حتي بين الرافضين للانفصال من الکطلانيين يتطلب حسب بعض الفاعلين (بوديموس) والمحللين البحث عن حل سياسي يقوم علي الحوار والتوافق، وأن الشرعيه لم تعد فقط قانونيه”. عبد الحميد البجوقي وعن الاحتمالات التي يمكن أن تحدث قال البجوقي لشمال بوست “من الممكن أن يقدم الحزب الاشتراکي بدعم بوديموس والأحزاب الجهوية وضع ملتمس سحب الثقه من حکومة “راخوي” المركزية والتوافق علي صيغه بديلة عن الانفصال تقوم علي الاستقلال في ظل نظام فدرالي، هذا الاحتمال المتداول في کواليس الفاعلين الأساسيين لن يستقيم إلا بعد موعد الاستفتاء الذي قررته حکومة کاطالونيا وبرلمانها الجهوي ليوم 1 أکتوبر المقبل.. هذا والساحة لا تزال إلي غايه فاتح أکتوبر مجالا للکر والفر بين الحکومتين المرکزيه والجهويه”. وحول خطورة إقدام الحكومة المركزية بزعامة “راخوي” على شن حملة اعتقالات و مصادرة المواد المتعلقة بالبروبغندا الخاصة بالإستفتاء في إقليمكاطالونيا، علق البجوقي “الحکومة المرکزية لم ترتکب الخطأ الآن، بل منذ سنوات وبالضبط الحزب الشعبي الذي استأنف أمام المحکمة الدستورية مشروع قانون الجهة (دستور الجهة) الذي توافق عليه الکطلانيين مع حکومه ساباطيرو الاشتراکيه، وکان حکم المحکمة الدستورية آنذاک (أغلبية أعضائها من اليمين) بإلغاء أهم الفصول المتوافق عليها دور کبير في تحالف اليمين الکطلاني مع اليسار الجمهوري الکطلاني وبداية التطرف الوطني وتأجيج الخلافات الإديولوجية أو ما يسمي بالصعود إلي الجبل لکن في إطار السلمية”. وعاشت برشلونة أمس توترا غير مسبوق بعد نزول عشرات الآلاف من ساكنة المدينة وباقي مدن كتالونيا إلى الشارع للتنديد بما يعتبرونه اعتداء على حقوقهم السياسية، حيث قال رئيس حكومة الحكم الذاتي في كتالونيا “كارليس بيغديمونت” أمام الصحافة "الدولة الإسبانية أعلنت حالة الاستثناء في كتالونيا، لقد تعرضت حكومة كتالونيا لاعتداء يرمي إلى منع شعب كتالونيا التصويت يوم فاتح أكتوبر في استفتاء تقرير المصير.. ما تتعرض له كتالونيا لا يحدث في أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي.. مشددا على تنظيم استفتاء تقرير المصير يوم فاتح أكتوبر”. ويطالب إقليم كتالونيا في إسبانيا بالانفصال، وهو الإقليم الذي يبلغ عدد سكانه 7.5 ملايين نسمة، وله أوسع تدابير للحكم الذاتي بين أقاليم إسبانيا، ويأتي ترتيبه السابع من بين 17 إقليمًا تتمتع بحكم ذاتي في البلاد، وتبلغ مساحته 32.1 ألف كلم2، ويضم 947 بلدية موزعة على أربع مقاطعات هي : برشلونة وجرندة ولاردة وطرغونة.