عندما نتأمل تاريخ الجبابرة ومن كانوا يمتلكون القوة والسطوة حتى جسدوا أنفسهم آلهة يعبدون من دون الله، فإنه لن يختلف اثنان على اسم " الفراعنة " الذين عرفوا بالقوة والطغيان على وجه البسيطة، حتى أراد أحد ملوكهم " رمسيس الثاني " أن يبلغ عنان السماء لعله يصل رب موسى، وكلما اعتقد البعض أن عصر الفراعنة والجبابرة قد ولى من غير رجعة بعدما أصبحوا مجرد ذكرى على مر التاريخ، حتى يبتلى الإنسان في عصره الحديث بفرعون جديد ربما يحمل طينة أخرى خير طينة البشر متجليا في صور أخرى. الفرعون " فيطاليس " ليس من سلالة الفراعنة، ولا واحد من جبابرة الإغريق، ولا أحد فرسان الرومان، بل هي فقط شركة نقل تمتلك عددا من الحافلات، قُدر لها أن تمتلك رقاب العباد بمدينة تطوان في صفقة ما زالت معالمها غير واضحة لحدود الساعة، ما دام على رأس الجماعة الحضرية لتطوان رئيس يتعامل مع المدينة وكأنها إحدى الضيعات التي ورثها عن أجداه السابقين. منذ دخول هذه الشركة للخدمة بتطوان والتي أحيطت بهالة دعائية كاذبة، والسخط الشعبي يزداد يوما بعد يوم، فالاكتظاظ يظل السمة الأبرز التي تطغى على عمل هذه الحافلات حتى يكاد الراكب يعجز عن التنفس داخل تلك الصناديق البيضاء وخاصة في ساعات الذروة، أما معاناة الطلبة مع سياسة الشركة فتكاد لا تنتهي من صراع حول تعريفة بطاقة الطالب، إلى البطائق الإلكترونية وإجراءات إعادة التفعيل الغير موجودة أصلا في شروط ملف الاستفادة من البطاقة ولا في البطائق نفسها، وما زاد الطين بلة هو الحادث الأخير الذي أودى بحياة تلميذ في مقتبل العمر، كان يستعد للالتحاق بمقعده في قسم الدراسة، فوجد نفسه في مقعد بقبره الأخير. الغريب في الأمر أن طغيان " الفرعون فيطاليس " وصل لحد لا يطاق أمام عجز أو بصريح العبارة تواطئ مكشوف من السلطات المنتخبة والمحلية على حد سواء يؤكده المثل الشعبي لإخواننا المصريين ( يا فرعون مين فرعنك قال ملقيتشي حد يوقفني ) وهو ما يظهر جليا على أرض الواقع، إذ أن الشركة لا يردعها رادع ولا يلجمها قانون، مستمرة في احتقارها للكبير والصغير من أبناء المدينة، مستخدمة "البلطجية" كمراقبين لتأكيد سطوتها وقوتها على كل محتج ومستنكر. ساكنة تطوان أصبحت تترقب السماء لعلها تجود بنبي يملك من القوة الإلهية ما يجعله يتحدى سطوة الفرعون " فيطاليس " بعد أن فقدت آمالها في منتخبيها ومسؤوليها الذين ولا شك " كرشهم عامرة عجينة " تثقل عليهم خطواتهم وحساباتهم لردع الفرعون عن الاستمرار في جبروته وتذكيره بأن لكل جبار نهاية.