طاف أرجاء البلاد وجالس الهمة والمنصوري والحموشي واضريص وبناني ونقل تقارير عن كل شيء نصيب المغرب من كرنفال "وكيليكس" الذي عرى حقائق مثيرة لسياسيين ومسؤولين ورؤساء ومسؤولين ورؤساء دول وحكومات، كان وافرا، عبر مئات الوثائق التي أرسلتها سفارة وقنصلية الولاياتالمتحدةالأمريكية بالمغرب إلى واشنطن. لكن بطلا واحدا استأثر بالقسط الأكبر من تلك الوثائق والتقارير والمراسلات، اسمه طوماس رايلي، وهو السفير الأمريكي السابق في الرباط. الرجل الذي لم يكن يكف عن توزيع ابتساماته كما يوزع تبرعات بلاده، ودأب على حضور الأنشطة الإحسانية والخيرية التي تقوم بها بعض الجمعيات الأمريكية. والعداء الشعبي الكبير تجاه أمريكا حينها، لم يمنع الدبلوماسي الأمريكي من إحصاء أنفاس الجنود والعسكريين والسياسيين المغاربة، من أدناهم مرتبة إلى قادتهم الجنرالات؛ وأعد تقارير مفصلة عن الصحراء والقدرات العسكرية وحالة السجون وعلاقات المغرب الخارجية... كشفتها "تسريبات" موقع وكيليكس الشهير. تسريبات رأى خليفة ريلي، السفير الحالي صامويل كابلان، أنها جزء من الماضي الذي يجب نسيانه. خلف صورة الدبلوماسيين الأمريكيين المعتنين بأناقتهم ووسامتهم والمحتفظين بلباقتهم في الحديث والبروتوكول الرسمي في اللقاء والتواصل، توجد صورة بعض "الجواسيس" المنتحلين لصفة السفراء، فلا يكتفون باللقاءات والمراسلات الرسمية، بل يعملون على توثيق وتسجيل كل كبيرة وصغيرة، من كبريات الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، إلى أحاديث الممرات والسهرات محفلات الاستقبال، يلتقي السفير أو القنصل أو الموظف في السفارة الأجنبية بالمسؤول السياسي أو الإعلامي أو رجل الأعمال، يتبادلان التحية ويخوضان في دردشة قصيرة، ثم يذهب كل منهما إلى حال سبيله. يعتقد الشخص الذي التقى بالدبلوماسي أن تلك اللحظة وما دار فيها ذهب أدراج الرياح، ليأتيه الخبر اليقين من موقع "وكيليكس الذي شغل الناس وملأ الدنيا، ليخبره بأن الدبلوماسي الأمريكي قد كتب كل كلمة تفوه بها أمامه، وأرسلها في برقية عاجلة إلى رؤسائه في واشنطن. نصيب المغرب من كرنفال "وكيليكس" الذي عرى حقائق مثيرة لسياسيين ومسؤولين ورؤساء ودول وحكومات، كان وافرا، عبر مئات الوثائق التي أرسلتها سفارة وقنصلية الولاياتالمتحدةالأمريكية بالمغرب إلى واشنطن. لكن بطلا واحدا استأثر بالقسط الأكبر من تلك الوثائق والتقارير والمراسلات، اسمه طوماس رايلي، وهو السفير الأمريكي السابق في الرباط... هو الذي قيل عنه إنه كان ينتظر تعيينه في منصب دبلوماسي على أحر من الجمر، مكثرا من تأمل خريطة العالم والبحث فيها عن الدول الصغيرة التي تلائم خبرته كمبتدئ، لكنه كان يبحث أيضا عن بلد مهم لمصالح أمريكا بناتج داخلي محترم، وحيث يمكنه التواصل بسهولة إما بالإنجليزية أو الفرنسية، وكانت النتيجة: المغرب. السفير الأمريكي يتعقب خطوات ساركوزي بالمغرب على مدى السنوات الأربع التي قضاها رايلي في المغرب، راكم آلاف المعلومات والوثائق حول مؤسسات الدولة المغربية، من حكومة بمختلف وزاراتها والجيش ومكوناته وأسلحته وقياداته، والاقتصاد وثوابته ومتغيراته، وحتى المجتمع المغربي وطريقة تفكيره تجاه الدين والسياسة والعلاقات الخارجية... فخلال سنوات الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، كان الخيار الأمريكي يعتبر بديلا ناجعا ومقبولا للتخلص من سيطرة القوى الاستعمارية الأوربية، ولم يكون أسلاف طوماس يحتاجون إلى أكثر من "شوينكوم" لكسب تعاطف المغاربة. بينما أظهرت دراسة أنجزت شهر دجنبر من العام 2007 من طرف المعهد العربي الأمريكي بطلب من البيت الأبيض، أن 61 % من المغاربة لهم صورة سلبية عن الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأن 62 % لا يثقون فيها، و84 % لا يعتقدون أنها تريد فعلا إقامة الديمقراطية في العالم العربي، و 88 % يعادون أمريكا بسبب سياستها في الشرق الأوسط، بل إن 58 % لا يعتقدون أن رحيل رامسفيلد، وزير الدفاع حينها، وسيطرة الديمقراطيين على الكونغرس سيغير شيئا في سياسة واشنطن. معطيات قد تبرر كيف أصبح طوماس في سفارته كقائد قاعدة عسكرية أو "منطقة خضراء" يصعب الاقتراب منها، حتى أن العدد الكبير لحراس الأمن المسلحين الذين يحيطون به في مقر إقامته بالرباط يشعره ببعض المضايقة، فالرجل كان معتادا على ممارسة الرياضة بكل حرية، واستعمال الدارجة العادية للذهاب إلى العمل في بعض الأحيان. فماذا كان يخبئ رايلي داخل قلعته المحصنة، السفارة الأمريكية بالمغرب؟ وماذا نقل إلى مسؤوليه الأمريكيين عن المغرب والقضايا المغربية من الصحراء إلى الإرهاب؟ ماذا قال له المسؤولون المغاربة الذين اجتمع بهم يرا وعلانية وماذا قال لهم؟ بعض من أجوبة هذه الأسئلة جاد بع موقع "وكيليكس" دونما حاجة لانتظار مرور أربعين أو خمسين سنة، المدة القانونية لرفع السرية عن الوثائق السرية في أمريكا. ولتلك الأجوبة عناوين رئيسية: الصحراء والجيش والاقتصاد والإرهاب والعلاقات والإرهاب والعلاقات الخارجية للملكة. وتجسد العنوان الأخير في إحدى الوثائق الأكثر تداولا منذ أيام، وهي تلك التي كتبها طوماس رايلي حول زيارة الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، إلى المغرب شهر أكتوبر 2007. وأول ما استرعى انتباه السفير الأمريكي السابق في تلك الزيارة، هو سعي الرئيس الفرنسي إلى إقناع المغرب باقتناء طائرات "رافال" العسكرية وعدم تغييرها بطائرات "إف 16" الأمريكية. وفيما نقل رايلي بارتياح خبر تسليم ساركوزي بتفوق العرض الأمريكي باعتباره عرضا "مغريا"، سجلت مراسلة السفارة الأمريكية أن الرباط وباريس وقعا على مسودة اتفاق لإقامة خط للنقل السككي فائق السرعة، يربط بين مدينتي الدارالبيضاء وطنجة، على أن شطرا أولا بمسافة 200 كيلومتر، سيكلف 2 مليار دولار. "ووقعت عقود عسكرية أخرى خلال هذه الزيارة، شملت بين فرقاطة فرنسية، و25 طائرة هيليكوبتر، و140 عربة مدرعة...". رايلي يحمي أنفاس الجنود المغاربة الجانب العسكري وجمع المعلومات المتعلقة بالجيش المغربي، استنزف الكثير من وقت وجهد السفير الأمريكي السابق، بينما كانت تحركاته العلنية تثير غضب المغاربة، فيوم فاتح فبراير 2008، فوجئت السلطت المحلية ببوعرفة، أقصى شمال المغرب، بمسيرة تلقائية مضادة لزيارة السفير الأمريكي للمدينة، رغم أن طوماس رايلي حل بالمدينة وقد حمل طائرته الخاصة بتبرعات لصالح جمعية "أمل تيندرارة". إلا أن نشطاء ينتمون إلى كل من جمعية دعم العراق وفلسطين والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، استطاعوا تعبئة أزيد من 400 شخص لإعلان الدبلوماسي الأمريكي شخصا غير مرغوب فيه. عداء شعبي لم يمنع الدبلوماسي الأمريكي من إحصاء أنفاس الجنود والعسكريين المغاربة، من أدناهم مرتبة إلى قادتهم الجنرالات. فتقول إحدى رسائل رايلي إن الجيش المغربي يتألف من أكثر من 200 ألف عنصر، مما يجعلهم يتفوقون على معظم الجيوش الإفريقية، "لكنه (الجيش) يتطلب عملية تطوير كبيرة، إلى جانب التصدي للشيخوخة التي باتت تتهدده". وتضيف رسالة رايلي أن ما بين 20 و70 بالمائة من قوات الجيش المغربي منتشرة في الصحراء، والتي تبلغ مساحتها ما يقارب ثلثي ولاية كاليفورنيا، بتعبير رايلي. فيما يؤكد أن جبهة البوليساريو، وإن كان الجدار الرملي قد حد من قدرتها على التحرك وضرب العسكريين، إلا أنها تحتفظ بمجموعات مسلحة في المنطقة الواقعة خلف الجدار. ورغم أن الحدود المغربية الجزائرية مغلقة والعلاقات "باردة"، إلا أن الجزائر لا تشكل تهديدا عسكريا حقيقيا للمغرب، دون أن يمنع ذلك من الجيش المغربي، حب رايلي، من الحفاظ على مواقع تبعد ببعض مئات من الكيلومترات من الحدود الجزائرية، وهو مستعد للانتشار في حالة وقوع أي تحرك عسكري جزائري، "لكنني أرجح أن أي مواجهة بين البلدين، ستتم عبر جبهة البوليساريو المستفيدة من الدعم الجزائري" يقول رايلي، الذي أوضح للإدارة الأمريكية أن الملك محمد السادس، ورث جيشا في حاجة إلى الكثير من الاحتراف، ورغم أنه قام بالكثير، فإن تطويرات أخرى يجب القيام بها، لتجاوز ما وصفه رايلي بالبيروقراطية التي تعيق الجيش، وضعف المؤسسة المدنية المكلفة بالدفاع التي وصفها ب"الإدارة الصغيرة"، أي إدارة الدفاع الوطني، فيما قدم السفير السابق إحصاءات وأرقام دقيقة عن مختلف الأجهزة العسكرية وشبه العسكرية، من جيش ودرك ملكي وحرس ملكي وقوات مساعدة... مع تركيز خاص على قوات الجنرال حسني بنسليمان، أي الدرك، والذي قال برايمر إن الملك المغربي حرص على إبقائه مستقلا عن الجيش منذ انقلاب عام 1972. "المغرب دعم المعارض "تسفانغيراي" في زيمبابوي بالمال" فرغم أن الرجل لك يكن يكف عن توزيع ابتساماته كما يوزع تبرعات بلاده، وحضوره الأنشطة الإحسانية والخيرية التي تقوم بها بعض الجمعيات الأمريكية، مع حرصه على اعتراض عدسات التلفزيون بمناسبة وبدونها، ورغم أنه رمى بذلته الرسمية وتناول أدوات الحفر والبناء رفقة بعض الأمريكيين الذين حاولوا مساعدة أهل الحسيمة بعيد زلزالها الشهير، مرددا عبارات المجاملة والصداقة بفرنسية سليمة قد يكون استلهمها من زوجته نانسي المتخصصة في اللغات، والتي تزوجها سنة 1977. بالإضافة إلى أن بلاده كانت وراء "منتدى المستقبل" الذي اعتقده البعض دبابة أمريكية يسهل ركوبها وإطلاق قذائف الحرية والديمقراطية، خاصة أن المنتدى شهد مؤتمرا موازيا للمجتمع المدني. فإن مهمة سرية للرجل كان يضطلع بها بكل حيوية ودقة، تتمثل في تسجيل كل كبيرة وصغيرة عن المغرب والمغاربة، وتوثيقها ثم إرسالها إلى واشنطن. ولم يكن الأمر يقتصر على تقارير مفصلة حول ما قيل له أو ما صادفه في أنشطته الرسمية، بل إن جل مراسلاته كانت تنتهي، بعد المقدمة الملخصة والمعطيات المفصلة، بتعليق خاص من السفير. أحد تلك التعاليق التي تحمل معلومات حصل عليه السفير بطرقه الخاصة، نجده في وثيقة أرسلها رايلي إلى واشنطن حول زيارة الزعيم النقابي المعارض في زيمبابوي، مورغان تسفانغيراي للمغرب. فبعدما أخبر السفير رؤساءه بأن الزعيم الإفريقي المثير للجدل، قد حظي بحفاوة كبيرة في الاستقبال نونبر 2008، ضمن ملتقى "ميدايز" الأول الذي نظمه معهد "أماديوس" الذي يرأسه ابن وزير الخارجية، كما حرص السفير على التأكيد، وإجرائه مباحثات مع الطيب الفاسي الفهري الذي عبر له عن دعم المغرب لحركة التغيير الديمقراطي في زيمبابوي؛ قال طوماس رايلي تحت عنوان "تعليق"، ضمن الوثيقة المؤرخة في 12 دجنبر 2008، إن المغرب "قدم دعما ماليا سريا لتسفانغيراي، ومن المرجح أنه تسلمه خلال هذه الزيارة. فالمغرب يرحب برحيل الرئيس موغابي الذي يعارض المغرب في قضية الصحراء الغربية". حقائقه عن علاقة المغرب بإيران والسعودية وإسرائيل الوثائق الدبلوماسية السرية التي كشفها موقع وكيليكس، عرت بعض الحقائق التي كان يفترض أن تظل طي الكتمان ولا يكشفها إلا المؤرخون بعد عقود. من قبيل الأسباب الحقيقية لقرار المغرب قطع علاقاته مع إيران. حيث تفيد إحدى تلك الوثائق، أن القرار تم بإيعاز من المملكة العربية السعودية، بعدما أصبحت إيران في استعمال سفارتها لدى المغرب، كمنصة لإطلاق دعايتها الشيعية في الغرب الإفريقي. وأوضحت الوثيقة أن القصر الملكي المغربي، كان على اتصال يومي وثيق مع الرياض، ليفاجأ الكل، بما فيه الحكومة المغربية، بقرار قطع العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وطهران. ومقابل هذا التعاون المغربي، تعهدت المملكة العربية السعودية بضمان استمرار تدفق النفط المدعوم، وملأ الفراغ الذي يخلفه انسحاب بعض المستثمرين الخليجيين من الأوراش الكبرى للمملكة. فيما نقل رايلي لرؤسائه في واشنطن، تفاصيل الحديث الذي دار بين الكاتب العام لوزارة الخارجية المغربية، يوسف العمراني، ومديرة قسم المغرب العربي وسوريا ولبنان في الخارجية الإسرائيلية، حيث قالت هذه الأخيرة للسفير الأمريكي بالمغرب، إن العمراني عبر لها عن استعداد الرباط لاستقبالها من أجل المشاركة في مؤتمر لمكافحة الإرهاب النووي، احتضنه المغرب في يونيو 2009. وبمناسبة زيارة أحد المسؤولين العسكريين الأمريكيين للمغرب، أخبر السفير طوماس رايلي رؤساءه في واشنطن، بكون المسؤولين المغاربة منزعجون من فكرة إقامة القاعدة العسكرية الأمريكية، المسماة "أفريكوم" فوق ترابه. لكنه نبه إلى أنهم، أي المسؤولون المغاربة، عبروا عن استعدادهم إرسال عناصر عسكرية مغربية إلى القاعدة الموجودة في ألمانيا، من أجل ضمان التنسيق والاتصال، وضمان التعاون والدعم اللوجستيكي في حال الحاجة إليه. الهمة ل"طوماس رايلي": هذا رأيي في الأمن والمذهب المالكي والتعنت الجزائري لأول مرة، وفي آخر وثائق موقع ويكيليكس التي تهم المغرب والتي تم تسريبها لصحيفة الأخبار اللبنانية، ظهر اسم فؤاد علي الهمة، القيادي البارز بحزب الأصالة والمعاصرة مع تصريحات أدلى بها خلال الزيارة التي قام بها إلى المغرب في يوليوز 2007، فرانسيس فراغوس تاونسند، مساعد الرئيس جورج بوش لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب. وصرح الهمة، الذي كان حينها وزيرا منتدبا بوزارة الداخلية، أن العلاقة بين الأجهزة الأمنية والمواطنين تكتسي أهمية بالغة وتستحق الاهتمام المستمر، كما أن تثقيف عموم المواطنين حول طبيعة التهديد وتجنيدهم بجعلهم بذلك حلفاء يكتسي هو كذلك أهمية كبرى. ودافع الهمة، حسب الوثيقة المسربة، عن المذهب المالكي ضد التيارات الأخرى المتعصبة والمتدفقة من الشرق الأوسط مؤكدا على أن الشعب المغربي "متدين ومحافظ ولكنه ليس متشدد. "مذهبنا يعارض بشكل كلي التيارات الراديكالية". واستشهد الهمة بالجهود لإصلاح وتطوير نظام التعليم الديني في البلد، والمدعومة تقليديا من قبل النظام الملكي. الهمة صرح خلال اللقاء أيضا أن الحكومة المغربية تعمل جاهدة من أجل تحقيق توازن بين الأصالة والحداثة المغربية، ساعية إلى جمع أفضل ما يوجد في كل منهما. كما أشار الهمة أيضا إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها الملك محمد السادس سنة 2005، معتبرا إياها جزءا مهما من خريطة مكافحة التطرف والإرهاب. وأكد الهمة أن الحكومة المغربية تسعى جاهدة للعمل كوحدة واحدة متكاملة، كما أشاد بتعاون أمني قوي يتمتع به المغرب مع دول مثل الولاياتالمتحدة وإسبانيا. "ولكن طموحنا هو أعلى من ذلك"، يتابع الهمة. وتحدث الهمة، خلال اللقاء مع المسؤول الأمريكي، أيضا عن العلاقات المغربية الجزائرية منطلقا من كونه كان المبعوث الشخصي للملك إلى الجزائر، قائلا إنه تم رفض الجهود المغربية المتكررة من أجل مد جسر دبلوماسي لتقليص الهوة بين البلدين. وأضاف الهمة أنه أبلغ الجزائريين أن المغرب على استعداد لإعادة فتح حدوده واتخاذ أي عدد آخر من التدابير لبناء الثقة، "ولكن الجزائريين لم يقولوا لنا ما يريدون". وعزا ما وصفه ب"التعنت الجزائري" إلى وجود "فجوة عقليات" بين قيادتي البلدين. طوماس رايلي... السفير الذي أهدته الأقدار أحداث 16 ماي الإرهابية ازداد طوماس رايلي في أدرتوم والده يمتلك إحدى الشركات في سان فرانسيسكو. وحصل على الإجازة في الهندسة الصناعية من جامعة ستانفورد سنة 1972. وبدأ حياته المهنية كمهندس في شركة بوينغ حيث قضى سنة واحدة قبل أن يلتحق بمعهد هارفد للتجارة، هناك حيث أصبح لطوماس صديق اسمه جورج دابليو بوش، يدرسان معا، يلعبان معا في نادي هارفارد لكرة القدم، ويقضيان معظم الوقت معا، بل يقتسمان نفس الغرفة. وأحيانا، كان بوش الصغير يدعو صديقه طوماس للاستماع لتصريحات بوش الأب الذي كان كان مبعوثا خاصا إلى الصين. فتخرج طوماس سنة 1975 بدبلوم المعهد وصداقة رئيس الولاياتالمتحدة في المستقبل. بمرور الأعوام، ظل الرجلان على اتصال، وأصبح طوماس رجل أعمال بقدر لا بأس به من المعرفة التجارية والعلاقات، لكن صداقة بوش ظلت قائمة، وكان كل سنة يرسل إليه بطاقة تهنئة خاصة بعيد ميلاده، رغم أن بوش الصغير انهمك في شركات النفط بينما طوماس رحل رفقة شركة TRW المتمركزة في إيرلندا الشمالية وبريطانيا وفرنسا، واستطاع طوماس في ظرف أربع سنوات أن يصبح ممسكا بزمام هذه الشركة في أوربا. لكنه سرعان ما عاد إلى كاليفورنيا ليؤسس رفقة عدد من الشركاء شركة متخصصة في توزيع بعض التجهيزات خاصة منها تجهيزات البناء على دول إفريقية مثل كينيا والصومال والسودان. وله تجربة أخرى في ميدان التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية وتصنيع بعض الآليات الرقمية وتصديرها. يتذكر طوماس رايلي دائما يوم 15 ماي 2003، حين رن هاتفه بينما كان منهمكا في مشاريعه الخاصة، لكن المتصل كان مسؤولة العاملين في البيت الأبيض دينا باول. "لدي أخبار سارة" قالت دينا، لقد قرر الرئيس تعيينك سفيرا في المغرب أضافت المسؤولة الأمريكية. لكن توجيهها لتحذير صارم من إخبار أي كان بنبأ التعيين، دفع الرجل إلى إظهار لا مبالاته وعاد فورا إلى أجواء عمله الذي كان مشتغلا به، مواصلا حديثه عن تطوير أحد الأجهزة التي ينتجها. بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من هذه المكالمة، كان على طوماس أن يستمر أمام شاشة CNN لمتابعة ما يجري في الدارالبيضاء من تفجيرات أدخلت المغرب عمليا في سياق ما بعد 11 شتنبر الأمريكي. وكأنما هي "الأقدار" أبت إلا أن تهيئ لمبعوث بوش أجواء عمل مواتية لتخصص لأمريكيين المفضل: محاربة الإرهاب. كل ذلك وطوماس يصلي لألا يغير بوش رأيه في تعيينه سفيرا لدى المملكة الشريفة. قيل حينها عن طوماس رايلي إنه كان ينتظر تعيينه في منصب ديبلوماسي على أحر من الجمر، مكثرا من تأمل خريطة العالم والبحث فيها عن الدول الصغيرة التي تلائم خبرته كمبتدئ، لكنه كان يبحث أيضا عن بله مهم لمصالح أمريكا بناتج داخلي محترم، وحيث يمكنه التواصل بسهولة إما بالإنجليزية أو الفرنسية، وكانت النتيجة: المغرب. وبعد أسابيع من الدروس المكثفة والتزود بمراجع ودلائل ضرورية لممارسة العمل الديبلوماسي، حل طوماس رسميا كسفير بالرباط شهر فبراير 2004. وثائق مبشرين أمريكيين تعترف بدعمه المادي والمعنوي عندما كانت حرب المغرب ضد البعثات التبشيرية في أوجها مستهل العام الحالي، إثر طرد السلطات الأمنية المغربية مجموعة من المبشرين الذين كانوا يشرفون على ملاجئ للأيتام بقرية عين اللوح، كان أحد المعطيات القوية التي ترددت على أكثر من لسان، هو قصة تلك الزيارات المتعددة للسفير الأمريكي السابق طوماس رايلي إلى القرية، "راه كان ما كايخرجش من هنا، ديما جاي وراكب فطوموبيلة ديال (...) مول فندق (...)"، يقول ناشط جمعوي محلي. لكن ماذا كان يفعل طوماس رايلي هناك؟ وفي أي إطار كان يصل إلى محيط "قرية الأمل"؟، "راه ميريكان كعاهوم، راه الكنيسة الأنكليكانية هي من يتولى تمويلهم" يجيب ذات المصدر. لكن بحثنا الذي قمنا به بعد ذلك، أوصلنا إلى إحدى "رسائل" القرية التي هي بمثابة تقارير دورية ترصد أنشطتها، وتكتب بأقلام أحد مسيريها، تعود إلى سنة 2005، وتصف بالتفاصيل، إحدى زيارات السفير الأمريكي للقرية، وتتحدث عن سخائه ودعمه المادي له، يقول المبشر جاك وولد كاتب الرسالة-التقرير: "قمت بزيارات عديدة إلى "قرية الأمل" في السنوات الخمس الأخيرة، لكن السفر الأخير كان مختلفا عن سابقيه... السفير الأمريكي رفقة زوجته قاما بزيارة ملجأ الأيتام في آزرو و"قرية الأمل" يوم الجمعة 3 يونيو. انطلقنا في الصباح الباكر على متن سيارة ذات زجاج مقاوم للرصاص وغير قابل للنزول، لذلك كان السائق يفتح الباب من أجل أخذ تذكرة الطريق السيار... كانت تتبعنا سيارة كبيرة تقل حراسا شخصيين بالإضافة إلى الحراس الذين كانوا برفقتنا في السيارة... وبمجرد ما بدأ السير في الازدحام، شغلت الصافرات حتى نتمكن من المرور، وعندما وصلنا إلى آزرو، قامت عناصر من الشرطة بخفرنا، بينما خفرتنا عناصر أمنية أخرى إلى غاية "قرية الأمل"... رايلي وزوجته نانسي كانا جد حميمين زرائعين ومتشوقين لمشاهدة الأعمال الخيرية التي نقوم بها في البلاد... تلقينا هذه السنة دعما ماليا من السفارة لبناء مطبخ وقاعة للأكل يرتقب الانتهاء منها شهر شتنبر المقبل، وقال السفير إنه سيعود من أجل هذا التبرع... اليومية التي سنقوم بإصدارها في 2006 تحمل صورة السفير وزوجته رفقة أطفال الملجأ وهي الآن في طور الطباعة... فنحن نطبع يومياتنا مبكرا حتى نستطيع توزيعها على جميع الدول وبيعها هناك... كان الرب معكم... جاك وولد".