مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    مؤتمر الطب العام بطنجة: تعزيز دور الطبيب العام في إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    السلطات البلجيكية ترحل عشرات المهاجرين إلى المغرب    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    طنجة.. ندوة تناقش قضية الوحدة الترابية بعيون صحراوية    وفاة رجل أعمال بقطاع النسيج بطنجة في حادث مأساوي خلال رحلة صيد بإقليم شفشاون    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    دعوات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين بالمدارس والجامعات والتصدي للتطبيع التربوي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب: خطوات جبارة على درب الإصلاح السياسي والإجتماعي والإقتصادي
نشر في شعب بريس يوم 23 - 07 - 2012


شعب بريس - خاص
نجح المغرب في إرساء آليات ديمقراطية مسؤولة وذلك بفضل الدستور الجديد يعتبر لبنة جديدة في سبيل تحقيق الديمقراطية التشاركية، وتثبيت التوجهات الكبرى في أجواء من الانفتاح، وقد شكلت التحولات السياسية العميقة التي عرفها المغرب مدعوما برغبة ملكية في ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان لبنة من لبنات ورش الإصلاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب والذي يعتبر مثالا يحتذى في دول الجوار.

المغرب يعيش الربيع الديمقراطي

يعيش المغرب ربيع الديمقراطية العربية بطريقته والتي جاءت على خلفية حراك اجتماعي ساهمت فيه جميع القوى الحية ولقي تجاوبا فوريا من قبل الملك محمد السادس الذي أطلق منذ اعتلائه عرش أسلافه ورش الإصلاح الذي تم استكماله بالمصادقة على دستور جديد متقدم ومنفتح على جميع القوى الحية، وقد تلي هذه الحركة الاجتماعية، خطاب ملكي وصف بالتاريخي وذلك في 9 مارس 2011، والذي شكل تفاعلا استباقيا وإراديا مع تحديات الربيع الديمقراطي العربي، قبل أن يتوج هذا المسار السياسي بالمراجعة الدستورية، التي شكلت الخطوة الأولى في تجسيد الخطاب الملكي. وبعدها الانتخابات البرلمانية ل25 نونبر الماضي التي أفرزت خارطة سياسية جديدة حملت حزب العدالة والتنمية إلى تدبير الشأن العام وفقا لمقتضيات الدستور.
والواقع أن التحولات السياسية التي عرفها المغرب عكست إرادة الإصلاح في إطار الاستقرار، كما تعزز مسار الإصلاحات الذي يقوم على أساس محاربة الفساد ومواجهة تحديات البطالة وتحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية ضمن إرادة سياسية مشتركة بين جميع المكونات السياسية من أحزاب وهيئات نقابية ومدنية.

نظام ديمقراطي تشاركي

يسير المغرب منذ التصويت على الدستور الجديد في اتجاه إرساء نظام ديمقراطي يربط المسؤولية بالمحاسبة، كما أن المراجعة الدستورية ليوم فاتح يوليوز أقرت مسألة دسترة مجلس الحكومة وأقرت مبدأ الحكومة المنتخبة وكون رئيس الحكومة يعين من الحزب الفائز بالانتخابات البرلمانية. وهو معطى سياسي غير مسبوق في تاريخ المغرب"، ومن هنا تم تنزيل روح ومبادئ الدستور بشكل ديمقراطي عندما تم تعيين الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة.
إن الإطار العام الذي حكم صياغة مشروع الدستور يختلف جذريا عما كان عليه الأمر بالنسبة للدساتير السابقة التي تحكمت فيها طبيعة الصراع السياسي، وقد نجح المغرب في خلق مناخ سياسي جديد يقوم على أساس التوافق التشاركي، مدعوما بحراك سياسي ومجتمعي مكن من القطع مع التجارب السابقة التي قامت على إقصاء الفاعلين السياسيين وتهميش مطالبهم، كما أنه أسس لتجربة جديدة تعتمد المقاربة التشاركية التي نوه بها الملك في خطابه الأخير، خصوصا أن المرحلة شهدت نقاشا سياسيا حقيقيا، وقد تمكن المغرب من خلال هذه المقاربة التشاركية، من الارتقاء بمراجعة الدستور الحالي، إلى وضع دستور جديد، يتفرد بثلاث مميزات، في منهجية إعداده، وفي شكله، وفي مضمونه.

ولعل أهم ما ميز الدستور الجديد أنه من صنع المغاربة، ولأجل جميع المغاربة، إذ ساهم في وضعه جل القوى السياسية والمنظمات الاجتماعية والمدنية والحركات الاجتماعية التي تأسست على خلفية الربيع العربي، مما أعطى الانطباع أن المغرب دخل مرحلة جديدة في سبيل بناء الدولة الحديثة، وقد عكست هذه المنهجية جو الثقة الذي أصبح يطبع العلاقة بين الملك والأحزاب، والتي تعتمد على مبدأ الثقة والانفتاح على كل الفاعلين الذين تقدموا باقتراحاتهم إلى اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور، وهو ما مكن من إخراج دستور مغربي خالص يعتمد على مقومات البنية السياسية المحلية ووفق إرادة مجتمعية جديدة تقوم على أساس فصل السلط ووفق منهجية ومقاربة تشاركية، وهو ما أعطى في نهاية المطاف دستورا متوافقا عليه كما أعاد الاعتبار للكفاءات الوطنية على اعتبار أن الإصلاح الحقيقي يكون ترجمة للإرادة الوطنية .


مقاربة تشاركية جديدة

إن المقاربة التشاركية التي اعتمدت في صياغة مشروع الدستور الجديد، مكنت من الانفتاح على مطالب ومقترحات كل الفاعلين والتي كانت محط تنويه الملك، كما أنها ساعدت على الحفاظ على التوازنات السياسية بين الأحزاب والجمعيات والتيارات، وكان من نتائج هذه المقاربة وضع حد لما يسمى التجاذبات الحزبية بين التيارات المحافظة والحداثية حول الهوية المغربية، حيث تم التنصيص على الهوية الإسلامية للدولة المغربية كالتالي"المملكة المغربية دولة إسلامية متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية الموحدة بانصهار كل مكوناتها العربية الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية".

وبالتأكيد فان الدستور الجديد يؤسس لتجربة سياسية أساسها التعاقد والتشارك وبالقدر الذي انفتح على مطالب واقتراحات الأطراف جميعها وعلى اختلاف مشاربها، بالقدر الذي استجاب لها في حدود ما يحافظ على الوحدة الوطنية وينأى بها عن الطائفية أو المذهبية أو العرقية، وفي نفس الوقت يراد لمشروع الدستور أن يؤسس للثقة بين الملك والأحزاب وبين الدولة والمجتمع في أفق الارتقاء بالممارسة الديمقراطية لتعم كل مناحي الحياة الفردية والجماعية، على اعتبار أن الديمقراطية ليست رهينة النصوص وإن كانت تدين لها في الوجود، بل هي سلوك وثقافة ينبعان من قناعة الفرد ويجسدهما في تصرفاته، لهذا سيؤسس مشروع الدستور لثورة هادئة وعميقة تمس قيم المجتمع وذهنيات أفراده خاصة فيما يتعلق بالمناصفة بين الذكور والإناث وإدماج المرأة في كل المجالات والمرافق العمومية وتدبير الشأن العام.

تأهيل المؤسسات وتقوية أدائها

أكد الملك محمد السادس في الخطاب الذي وجهه السنة الماضية بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لاعتلائه العرش، أن استكمال بناء الصرح المؤسساتي والتنموي للدستور الجديد، يظل رهينا بالعمل الجاد، من أجل التأهيل العميق والفعلي للمشهد السياسي وللمؤسسات، واستثمار مناخ الثقة لإعادة الاعتبار للعمل السياسي النبيل في بلادنا، ويشكل تحدي تأهيل المؤسسات واحدة من التحديات التي أطلقها المغرب على اعتبار أن المؤسسات تمثل مرتكزا أساسيا في بناء مقومات الدولة، وتمثل الأحزاب السياسية فاعلا محوريا في العملية الديمقراطية، من خلال انخراطها في تأهيل المؤسسات الحكومية وممارسة السلطة التنفيذية وفق مقاربة تشاركية جديدة ترتقي بالنقاش السياسي بين الأغلبية والمعارضة، خصوصا داخل المؤسسة البرلمانية التي تتوفر على السلطات التشريعية والرقابية الواسعة.

فالمنظومة الدستورية الجديدة، تتطلب من الفاعلين السياسيين التنافس الجاد في بلورة مشاريع مجتمعية متميزة وتجسيدها في برامج تنموية خلاقة وواقعية وكذا في اختيار النخب المؤهلة لحسن تدبير الشأن العام، وطنيا وجهويا ومحليا.

ومن هنا يعتبر تقوية المؤسسات الدستورية وتأهيل الحقل السياسي جوهر الإصلاح الدستوري في المغرب لذلك مكن مشروع الإصلاح الدستوري من تقوية مؤسسة الوزير الأول وتكريس القضاء كسلطة مستقلة وتعزيز المكتسبات الديمقراطية إلى جانب ترسيخ سلطة المؤسسات وتعزيز سيادة القانون ودمقرطة وتحديث أجهزة الدولة على كافة مستوياتها، إلى جانب إقامة مؤسسات مسؤولة تضطلع بكامل مهامها في إقرار التوجهات السياسية والاختيارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ورش إصلاح العدالة يبلغ مراحله الحاسمة

شكل تنصيب الهيئة العليا لإصلاح العدالة لبنة أساسية من لبنات إصلاح ورش العدالة الذي يعتبر واحدا من الملفات التي تبناها الملك محمد السادس وجعل منها أولوية وطنية، وينطلق مشروع إصلاح منظومة العدل من خلال معالجة فعالة وناجعة ووفق مقاربة شاملة متكاملة وتبعا لمنهجية تشاركية وإدماجية، ويكتسي الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة أهمية بالغة في سياق التحولات الكبرى التي يعرفها الميدان القضائي عقب صدور الدستور الجديد الذي ارتقى بالقضاء إلى سلطة قضائية مستقلة.

وقد انكب أعضاء الهيئة منذ تنصيبها على تشخيص وضعية العدالة من خلال إبراز التحديات التي يتعين العمل على رفعها والمتمثلة في الإسراع بتنزيل مقتضيات الدستور بشأن استقلال السلطة القضائية وبتحديث المنظومة القانونية سيما فيما يتعلق بالملاءمة مع الالتزامات الحقوقية الدولية للمغرب مع توفير الإطار القانوني والهياكل الإدارية اللازمة للمهام الحقوقية الجديدة لوزارة العدل والحريات وتعميم قانون قضاء القرب سواء من حيث إعداد البنايات والتجهيزات أو من حيث إعداد القضاة والموظفين الذين سيعملون بأقسام قضاء القرب إلى جانب العمل على تحقيق التوازن في توزيع الموارد البشرية عبر محاكم البلاد.
وبات من المؤكد أن إصلاح منظومة القضاء يحتل صدارة أوراش الإصلاح الكبرى التي يعرفها المغرب بالنظر إلى حجم المشاكل التي يعاني منها هذا القطاع والتي يتعين معالجتها عبر مستويات متعددة تتمثل في التنظيم القضائي والخريطة القضائية والنجاعة القضائية وفعالية العدالة الجنائية وتدبير الموارد البشرية والميزانية المخصصة للقطاع والبنية التحتية للعديد من المحاكم والولوج إلى القانون والعدالة' علاوة على المشاكل المتعلقة بالمهن القضائية ومساعدي القضاء.

وكان الملك محمد السادس نصب أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة التي تتكون من 40 شخصية حقوقية وقضاة ومحامين وإعلاميين والتي ستكون القاطرة لهيئة الحوار الوطني وهي هيئة موسعة يناهز عدد أعضائها 200 عضوا وستشارك في مختلف أطوار وأشغال الحوار الوطني الميداني وتتكون من ممثلي القطاعات الوزارية وممثلي مختلف الجمعيات المهنية ومكونات المجتمع المدني والفعاليات المهتمة.
المغرب يعيد ترتيب علاقاته الخارجية

انضم المغرب، ابتداء من فاتح يناير الماضي ، إلى مجلس الأمن الدولي، كعضو غير دائم لمدة سنتين، بعد انتخابه لهذه المهمة في أكتوبر من السنة الماضية، وجاء انضمام المغرب إلى مجلس الأمن بفضل الثقة، التي يحظى بها من قبل الدول العربية والإفريقية، التي رشحته لهذا المنصب، خاصة في الظروف الراهنة، التي تصاحبها تحولات سياسية واقتصادية على الصعيدين العربي والدولي.
وينطوي اختيار المغرب عضوا في مجلس الأمن على أهمية كبيرة، خاصة في الظروف الحالية، التي تتميز بالتحولات السياسية والديمقراطية في عدد من البلدان العربية، وما يفترض ذلك من تدخلات دولية في هذه الدول، مثل الحالة السورية، وغيرها من الحالات المتوقع حدوثها مستقبلا، إلى جانب الدور المغربي في الدفاع عن قضايا العالمين العربي والإسلامي والقارة الإفريقية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وقضايا البيئة والأمن الغذائي والحوار بين الشمال والجنوب والحوار جنوب جنوب، وهو ما سيمكن من عودة قوية للمغرب على مستوى السياسة الدولية والاضطلاع بدور دبلوماسي نشيط على الصعيدين الإقليمي والعالمي، خصوصا أن المغرب انخرط في نقاش دولي على كثير من القضايا كما ساهم في حل مجموعة من المشاكل المرتبطة بالصراع من قبيل الأزمة في مالي، وكذلك حضوره القوي في الأزمات الطبيعية من خلال مساعدات إنسانية سارع إلى إرسالها لعدد من بؤر الصراع خاصة في إفريقيا.

اقتصاد وطني فاعل

على المستوى الاقتصادي واصل المغرب سياسة البرامج المندمجة في مجال الطاقات المتجددة، وذلك من خلال إنجاح مخطط الطاقة الشمسية والريحية ومحطات تصفية المياه العادمة، كما اهتم المغرب بالمجال الصناعي اللوجيستيكي ودعم المشاريع البناءة والاستثمار العمومي رغم تداعيات الأزمة، ومن بين المشاريع الرائدة التي أطلقها المغرب، مركب الحديد والصلب ومنطقة العبور بميناء الدارالبيضاء وبناء أكبر مغسلة للفوسفاط في العالم، وذلك بأغلفة مالية جد مهمة، تعكس الإرادة القوية للمغرب في الانخراط في مشاريع ذات مردودية عالية، ويبقى مشروع الخط فائق السرعة الذي أعطى انطلاق أشغاله الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي واحدا من المشاريع العملاقة التي أطلقها المغرب في العهد الجديد والتي تعتبر ثورة حقيقية في مجال النقل السككي، كما واصل المغرب إنجاز الطرق السيارة لربط شمال المغرب بجنوبه، وشرقه بغربه، وهي المشاريع التي أنفق عليها المغرب ملايين الدراهم، وفي سياق دعم الصناعة قام المغرب بتهيئة المناطق الصناعية والخدماتية، ودعم مشاريع تنقيل الخدمات، مع العمل على ترسيخ مناخ الأعمال وترسيخ الاستقرار وهما عاملان أساسيان جعلا من المغرب أرضية ملائمة لاستقطاب الاستثمارات الخارجية، ودعم سوق الشغل.

وكان لابد أن يعمل المغرب على إعادة الثقة في المستثمر الأجنبي من خلال مجموعة من التحفيزات القانونية والمالية، إضافة إلى إصلاح منظومة القضاء التي تعتبر آلية أساسية لتشجيع الاستثمار الأجنبي، ومن هنا نجح المغرب في إقناع شركة رونو في فتح مصنع لها قرب طنحة المتوسط وهو المشروع الذي خلق المئات من مصانع الشغل، إضافة إلى مصنع بونغ فوسفور المغرب بالجرف الأصفر، وسلسلة فنادق بومبارديي بالبيضاء، وهي المشاريع التي توجت بإحداث مجموعة من الوحدات الفندقية آخرها فندق سوفيتيل بالبيضاء الذي يعتبر بحق جوهرة ستساهم في تشجيع القطاع السياحي.

مشاريع اجتماعية مندمجة

شكل انطلاق العمل بنظام المساعدة الطبية "الراميد" في مارس الماضي والذي اعتبر مشروعا ملكيا بامتياز نقطة أمل جديدة لتحسين الخدمات الصحية في المغرب، والرفع من حجم الولوج إلى خدمات التطبيب والاستشفاء بالنسبة إلى فقراء المغرب، وكان الملك محمد السادس ترأس مراسم انطلاق عملية تعميم نظام المساعدة الطبية (راميد)، الذي يستفيد منه نحو 8.5 ملايين نسمة من الفئات الاجتماعية المعوزة.
وينتظر أن يعمم نظام المساعدة الطبية للفئات المعوزة (راميد) قبل نهاية السنة الجارية، والذي سيهم ما لا يقل عن 8.5 ملايين من الأشخاص الذين يعانون الهشاشة الاقتصادية، وهو ما يمثل 28 في المائة من العدد الإجمالي للسكان، ويتوزع المستفيدون ما بين فئة السكان في وضعية الفقر (4 ملايين شخص)، وفئة السكان في وضعية الهشاشة (4.5 ملايين شخص)، كما يستفيد منه نحو 160 ألف شخص بحكم القانون، ويتعلق الأمر بنزلاء المؤسسات السجنية والأشخاص الذين لا يتوفرون على سكن قار ونزلاء المؤسسات الخيرية ودور الأيام والملاجئ.
ويستفيد المسجلون في إطار هذا النظام من تجهيزات خاصة بمستعجلات القرب، التي ستتعزز بإحداث 80 وحدة طبية مجهزة ومسلك العلاجات (2030 مركزا صحيا)، وقوافل طبية متخصصة بالأقاليم، وتنظيم استشارة طبية أسبوعية قارة لمرضى السكري وارتفاع الضغط الدموي، إلى جانب الرفع من عدد الوحدات الطبية المتنقلة ليصل إلى 602 وحدة متنقلة و19 وحدة متنقلة لطب الأسنان.
كما تشمل الخدمات الموفرة، دعم وحدات المساعدة الطبية للإنقاذ لفائدة النساء الواضعات والمواليد الجدد بالوسط القروي، وتوسيع القائمة الوطنية للأدوية، والرفع من الاعتمادات المالية المخصصة لاقتناء الأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية، كما تشمل الإجراءات والتدابير، التي جرى اتخاذها في إطار هذا النظام، أنسنة المرافق الصحية، من خلال إحداث شباك خاص لنظام المساعدة الطبية داخل المستشفيات، ونشر ميثاق المريض بالمستشفى، وتنظيم المواعيد الخاصة بالاستشارات الطبية المتخصصة، ودعم وحدات المساعدة الاجتماعية لتسهيل ولوج المستفيدين من نظام الخدمات الطبية.

من جهة أخرى أطلق المغرب المرحلة الثانية من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2011- 2015)، التي رصد لها غلاف مالي بقيمة 17 مليار درهم، والتي ترتكز على ثلاثة مبادئ رئيسية، تهم تعزيز تجذر فلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتلاؤم مع أسسها، والاحتفاظ بالبرامج الأربعة لمرحلة 2006- 2010، واعتماد برنامج طموح جديد مخصص ل"التأهيل الترابي" لفائدة سكان المناطق التي تعاني العزلة، وستمكن هذه المرحلة من توسيع مجال عمل المبادرة ليشمل 701 جماعة قروية، تطبيقا لعتبة 14 في المائة كمعدل للفقر بدل 30 في المائة، التي همت الجماعات ال 403، وتوسيع الاستهداف ليشمل 530 حيا حضريا مهمشا، تابعا للمدن والمراكز الحضرية، التي يتجاوز عدد سكانها 20 ألف نسمة، بدل 264 حيا تابعا لمدن يتجاوز سكانها 100 ألف نسمة، وإطلاق برنامج للتأهيل الترابي لفائدة 22 إقليما يعاني العزلة، وسيتم تخصيص 5 ملايير درهم من المبلغ الإجمالي لتمويل البرنامج الجديد الخاص ب"التأهيل الترابي"، الذي ينضاف إلى البرامج الأربعة الأخرى المعتمدة في المرحلة الأولى من المبادرة، كما تم تخصيص غلاف مالي بقيمة 3,1 ملايير درهم، لتمويل مشاريع برنامج مكافحة الفقر بالوسط القروي، والذي تستفيد منه 701 جماعة قروية مستهدفة، يروم الحفاظ على دينامية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وتحسين ظروف عيش سكان الوسط القروي، وتعزيز الولوج إلى التجهيزات الأساسية والخدمات الاجتماعية الأساسية.
مجهود كبير لمحاربة السكن غير اللائق

شكلت مشاريع إعادة إيواء قاطني دور الصفيح والسكن غير اللائق تحديا كبيرا رفعه المغرب، ورغم الإكراهات التي واجهها المشروع إلا أن المغرب انخرط في عملية محاربة البناء العشوائي مع الأخذ بعين الاعتبار المعطيات الاجتماعية التي تحكم المجال، وقد عمل المغرب على تبني المقاربة المجالية في عمليات محاربة السكن غير اللائق، وذلك بمراعاة حجم الفاعلين والمكونات التي تشكل المدينة بما فيها المكونات العمرانية، مثل التجزئات ، ومخططات التهيئة الحضرية ونظام التعمير، وكذا المكونات السوسيو مجالية والاقتصادية و المؤسساتية، ومن هنا لعبت مشاريع محاربة السكن غير اللائق دورا تحفيزيا في بلورة دينامية للتنمية الاجتماعية الحضرية التي تهدف إلى إدماج قاطني هذا النوع من السكن على المستوى الاجتماعي وكذا الاقتصادي إلى جانب الاهتمام بالأبعاد الاجتماعية في المشاريع من هذا النوع وهو ما يعد دافعا قويا لتثمين الجهود العمومية وتماشيها مع متطلبات المجال ومن تم برزت مفاهيم متعددة من قبيل الإشراف الاجتماعي على مشاريع إعادة إيواء قاطني دور الصفيح، وتدبير عملية القرب، والمواكبة الاجتماعية و كذا التنمية الحضرية المندمجة، والمساهمة في التحسين المستمر للوضعية المعيشية للمستفيدين وإدماجهم الحضري في الأحياء الجديدة التي تم فتحها في إطار مشاريع محاربة السكن غير اللائق، مع اعتماد الهندسة الاجتماعية للمشاريع بالمساهمة في العمل على ملائمة مكونات المشروع للانتظارات السوسيو اقتصادية للساكنة استشراف الآثار الاجتماعية للمشروع و التي ستنعكس على الساكنة و محيطها الحضري ، مع إعداد تصور مندمج للمشروع يأخذ بعين الاعتبار تداخل القطاعات المتعددة.

وقد عملت الدولة على تأهيل المدن العتيقة التي تعتبر أحد النقط السوداء على مستوى السكن غير اللائق، مع اعتماد مشاريع تهيئة المراكز الحضرية مثل خريبكة والحسيمة مع مواصلة برنامج محاربة السكن غير اللائق والسكن العشوائي من خلال مقاربة مندمجة تراعي وضعية الأسر ذات الدخل المحدود، والضرب بقوة في حق المضاربين والمسؤولين على حد سواء.

اهتمام متزايد بالجانب الديني

أحدثت مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.09.200 الصادر بتاريخ 8 ربيع الأول 1431ه/23 فبراير 2010م في إطار مواصلة الجهود الإصلاحية المرتبطة بالشأن الديني، ويتوخى منها أن تعمل على تحسين الأوضاع الاجتماعية للقيمين الدينيين وتنميتها وتطويرها بكيفية دائمة ومتجددة، باعتبارهم النواة الأساس لأي إصلاح يراد تحقيقه في هذا الشأن، وقد بدا ذلك واضحا في الحرص الملكي على تقوية أوجه العناية بهذه الشريحة الهامة من المجتمع، بموجب كون أمير المؤمنين هو الراعي الأول لشؤونهم، والكافل لجميع قضاياهم، والضامن لحقوقهم، وملاذهم في كل ما يهمهم ماديا ومعنويا، وتهدف المؤسسة إلى العناية بالقيمين الدينيين باعتبارهم حاجة آنية وضرورية للحفاظ على تماسك المجتمع وضمان سلامته وحصانته، ولم يقتصر الجانب الديني على الاهتمام بالقيمين، بل تعداه الأمر إلى تشجيع بناء المساجد وأماكن العبادة بأوروبا من طرف المحسنين خصوصا في البلدان حيث كثافة سكانية كبيرة للمهاجرين المغاربة، كما تم إعطاء الانطلاق لبرنامج تأهيل المساجد وهو البرنامج الذي شمل مجموعة من الأماكن الدينية بغلاف مالي مهم جدا، وهو ما يؤكد العناية التي يوليها الملك محمد السادس للمؤسسة الدينية، والتي تجسدت من خلال إطلاق قناة محمد السادس للقرآن الكريم التي تمكنت من تحقيق إشعاع كبير في المغرب واحتلت المرتبة الأولى على مستوى الاستماع.


المغرب رائد في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة

شكل ملف محاربة الإٍهاب والجريمة بكل أشكالها واحدا من الملفات المعقدة التي انخرط المغرب فيها على اعتبار أن حماية الأمن والحدود المغربية تشكل أهمية بالغة، سواء تعلق الأمر بمواجهة الخلايا النائمة، والتي تناسلت بشكل يدعو إلى التعبئة الدائمة والمتواصلة، أو من خلال الاتجار في الأشخاص وشبكات الهجرة السرية، وشبكات الاتجار في المخدرات حيث عمل المغرب على مواجهة العديد من الخلايا الإرهابية وكذلك تفكيك العشرات من شبكات ترويج المخدرات.

وتأتي هذه الحرب التي يخوضها المغرب ضد الإرهاب والجريمة لتعزز المكانة التي يحتلها بين الدول، وكذلك بالنظر إلى موقعه كملتقى بين إفريقيا وأوروبا، وهو ما يجعل مسؤوليته كبيرة في ضمان نوع من التوازن بين متطلبات المرحلة الراهنة، ومسؤولياته السياسية والأمنية، وقد اعتمد المغرب مجموعة من التدابير لمكافحة شبكات الجريمة المنظمة والخلايا الإرهابية التي جرى تفكيكها بشكل مكن المغرب من حيازة ثقة المجتمع الدولي، حيث عمل على سن مجموعة من القوانين الزجرية كما تبنى قانونانا جديدا لمكافحة الإرهاب.

كما عمل المغرب على تعزيز الإمكانيات البشرية وتوفير الوسائل المادية واللوجيستية للحيلولة دون استعمال المغرب كبلد للعبور أو كقاعدة لتهريب المهاجرين وتوافد شبكات الإرهابيين التي اعتقدت أن المغرب يمكن أن يكون بلدا آمنا إضافة إلى تعزيز الحضور الأمني لمختلف الأجهزة سواء في الموانئ أو المطارات وحتى على الحدود البرية مع دول الجوار.

وأكدت كل هذه الإجراءات أن المغرب، نجح إلى حد كبير في محاربة كل أشكال الجرائم المالية والاقتصادية وحتى المعلوماتية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.