نشر عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية المتهم بالمشاركة في قتل أيت الجيد بنعيسى، صورة، عبارة عن سيلفي، تجمعه بإيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، بعد إلقائه خطابا بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس مجلس أوروبا، الذي يضم كل دول أوروبا وأصبح متخصصا في مراقبة حقوق الإنسان، وأرفقها بكلمات ملتبسة من قبيل، انه قبل أخذ صورة معه بأريحية معتبرا المغاربة أصدقاء مادحا جلالة الملك. العلاقة بين رؤساء الدول لا يمكن أن يؤطرها العابرون في الزمان العابر، لكن لا يمكن أيضا استغلالها أبشع استغلال. فحامي الدين حاول اقتناص ضحية جديد داخل قصر الإليزي كي يغطي على هروبه المتواصل من العدالة. فهل يعلم ماكرون بجريمة هذا الهارب من العدالة؟ هل يعلم أن طالب السيلفي هو طالب جوار وحماية مفترضة؟ هل يعلم أن الماثل أمامه غاب عن المحاكمة ليحضر مجلس أوروبا وكان ممكنا أن يحضر شخص آخر مكانه؟
هذا السيلفي مقصود بشكل كبير. فحامي الدين يعتقد أن الصورة التي تجمعه بماكرون سيكون لها تأثير على القضاة. لكن المغاربة كلهم يعرفون أن الصورة التي تجمعك بشخصية مهمة لم تعد تجدي نفعا بعدما أصبح اللصوص يلتقطون صورا مع فنانين كبارا خلسة، إذ لا يوجد أحد يرفض أن يأخذ معك صورة.
هناك مثل مغربي يقول "خروج النفس لا يفك من الموت". صورة مع ماكرون أو مع رئيس كوريا الشمالية أو مع أردوغان، لن تغير من واقع الحال، لأن القاضي لا يعرف سوى ضميره ولا يدري أين يوجد من تصورت معهم، لأن القوانين صادق عليها البرلمانيون، وأنت منهم عنوة، والقاضي هو حامي القوانين ومنفذ لها.
لماذا اختار حامي الدين السيلفي مع ماكرون وليس مع غيره من رؤساء الدول الذين حضروا؟ لدى أولاد العدالة والتنمية فكرة متخلفة عن الحماية الفرنسية، وأن هذه الدولة يمكن أن تكون ملاذهم من القضاء بل حتى من الدولة نفسها، ونتذكر يوم راسل عبد العزيز أفتاتي، القيادي في ذات الحزب، السفير الفرنسي في الرباط طالبا منه التدخل لفائدة المستشار الجماعي والمحامي نورالدين بوبكر لأنه يحمل الجنسية الفرنسية، ضاربا بعرض الحائط جنسيته المغربية وانتماءه للمجلس الجماعي لوجدة.
ما قام به حامي الدين تمويه ومغالطة عن طريق الصورة، وهي القصة التي تعلموها في أركان مراكز التفكير الموجودة بأنقرة والدوحة، التي يشرف عليها عزمي بشارة المرشح السابق للرئاسة الإسرائيلية الذي تنازل في الأخير لصديقه شيمون بيريس، وكل تداريبهم منصبة على استغلال الصورة، التي تعطي صورة مخالفة للواقع، فحامي الدين يسعى من ورائها ليس مخاطبتنا نحن، الذين نعرف أنه متهم بالقتل، ولكن يخاطب القارئ بصيغة الجمع وخصوصا الناخب، الذي سيقول :"لو كان متهما ما التقط صورة مع ماكرون".