قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم: "إنّ السلطات الجزائرية اعتقلت مؤخرًا عددا من النشطاء السلميين في خطوة تشكّل صفعة قاسية لحرية التعبير في الجزائر". وذكر المرصد الأورومتوسطي، ومقرّه جنيف، في بيان أنه وثق حالات اعتقال طالت أشخاصًا لمجرد رفعهم راية أو لافتة احتجاج، أو معارضتهم علنًا سياسات السلطة التي تولت مقاليد الحكم عقب استقالة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل الماضي.
ووفق المرصد فإن رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع قايد صالح يُعدّ أقوى رجل في الجزائر حالياً، إذ رفض في 26 غشت الماضي، مطالب المحتجين بمرحلة انتقالية، وحثّ السلطات على تنظيم انتخابات رئاسية "في أقرب وقت ممكن".
وترفض الحركة الاحتجاجية التي تشهدها الجزائر منذ 22 فبراير الماضي، إجراء الانتخابات في ظل بقاء حكومة نور الدين بدوي والرئيس عبد القادر بن صالح باعتبارهما جزءاً من النظام الموروث منذ 20 سنة من حكم بوتفليقة.
ووفق معلومات رصدها المرصد الحقوقي الدولي فإن عنصريْ أمن يرتديان ملابس مدنية اعتقلا زعيم "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" كريم طابو من بيته في الدويرة، الضاحية الغربية للجزائر العاصمة ليلة الأربعاء 11 شتنبر الجاري.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى عملية اعتقال السلطات الجزائرية للناشط حمزة جعودي، الذي يعمل ربانا في البحرية التجارية، يوم 24 غشت الماضي، ووضعه في سجن الحراش.
وبيّن أنّ جعودي (30 عامًا)، اعتاد على المشاركة في مسيرات الحراك، وكان قد دعا قبل اعتقاله زملاءه إلى العصيان المدني اعتبارًا من بداية سبتمبر الجاري.
وأوضح أن عددًا من مسؤولي الأحزاب السياسية المحسوبة على نظام بوتفليقة أيضاً، رهن الحبس المؤقت لاتهامهم في قضايا فساد. كما سجن آخرون بتهمة "التآمر على سلطة الدولة وسلطة الجيش" منهم لويزة حنون، زعيمة حزب العمال اليساري، واللواء علي غديري، المرشح للانتخابات الرئاسية التي تم إلغاؤها.
وقال المرصد الأورومتوسطي: "إن الاعتقالات واسعة النطاق بدأت منذ 21 يونيو الماضي، ولا تزال متواصلة وتستهدف الملوّحين بالرايات والراغبين في الانضمام إلى المسيرات وقادة الأحزاب السياسية وكل من يعارض سياسات السلطة الحاكمة".
ونبّه المرصد الحقوقي الدولي إلى أن السلطات الجزائرية منعت اجتماعات لمجموعات سياسية وأخرى غير حكومية، وحجبت موقعًا إخباريًا معروفًا، وطردت صحافيين مخضرمين بينهم مراسل إحدى وكالات الأنباء العالمية وعددًا من الصحفيين الأجانب من الأراضي الجزائرية.
وقالت مسؤولة الاتصال والإعلام لدى المرصد الأورومتوسطي "سيلين يشار"، إنه مع استمرار الاحتجاجات الكبيرة كل يوم جُمعة، تنتشر قوات الشرطة بكثافة في شوارع العاصمة الرئيسية وساحاتها وعند نقاط التفتيش لتقلل فعليا من عدد الأشخاص القادرين على الوصول إلى المسيرة، وتسيطر بإحكام على المشاركين فيها، في خطوة تشكل صفعة قاسية لحرية التعبير والحق في التجمع السلمي.
وأضافت يشار: "المثير للقلق أن يعتقل النشطاء السلميين وزعماء الأحزاب السياسية وتوجه لهم التهم لمجرد التعبير السلمي عن آرائهم السياسية، في خرق واضح للدستور الجزائري والتزامات الجزائر الدولية".
وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات الحاكمة باحترام "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادقت عليه الجزائر في العام 1989، و"الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب"، عند تعاملها مع المحتجين السلميين خلال حملهم الشعارات في التظاهرات الأسبوعية.
وأكّد المرصد الحقوقي الدولي أنّ عمليات الاحتجاز والاعتقالات التعسفية لن تساعد الجزائر في التغلب على الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، وأنّ على السلطات الحاكة الإنصات لمطالب مئات الآلاف من المحتجين السلميين من أجل انتقال ديمقراطي يحمي جميع الجزائريين ويحفظ كرامتهم الإنسانية، وفق ذات البيان.