شن أعضاء في الكونغرس الأمريكي هجوماً لاذعاً على الرئيس دونالد ترامب، عقب جلسة مغلقة عُقدت مساء أمس الاثنين، متهمين إياه بالتقاعس عن تحقيق العدالة في قضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي. وعبَّر المشرعون الأمريكيون عن خيبة أملهم من جراء ما تقوم به إدارة ترامب من تحقيقات في قضية خاشقجي، حيث كانوا يتوقعون تقريراً مفصلاً يجيب عن تساؤلاتهم.
وقدَّم مسؤولو وزارتي الخارجية والخزانة، مساء أمس، شروحاً لأعضاء لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ، بشأن التحقيقات في عملية الاغتيال التي طالب بها الأعضاء، لكن السيناتور ليندسي غراهام وصف الجلسة في ختامها بأنها كانت "مضيعة للوقت"، مضيفاً في تصريح صحفي أن "الوقت قد حان لاتخاذ مزيد من الإجراءات".
أما السيناتور ماركو روبيو، فأكد للصحفيين أنه لم يسمع أي معلومة جديدة تغير موقفه من القضية، وقال إنه "سيتعين على مجلس الشيوخ في نهاية المطاف اتخاذ عقوبات بمبادرة خاصة".
من جهته، قال السيناتور الجمهوري البارز ميت رومني إن "معظم أعضاء لجنة الشؤون الخارجية شعروا بالإحباط، وإنهم لم يحصلوا على معلومات إضافية".
كما قال بوب مينينديز، وهو أكبر عضو ديمقراطي في اللجنة: إن "ثمة حاجة لفرض عقوبات جديدة"، وتابع قائلاً: "أعتقد أن على مجلس الشيوخ أن يتحرك ما لم يكن مستعداً لتقبُّل مقتل صحفي مقيم بالولايات المتحدة كعمل مقبول بسبب علاقة أوسع .. أنا لا أقبل ذلك".
بدوره، وجَّه النائب في الكونغرس "تيد لو"، في تغريدة له على "تويتر"، سؤالاً إلى كل من السفارة السعودية في واشنطن ووزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، قائلاً: "هل أحرقت السعودية فعلاً جثة جمال خاشقجي؟"، مطالباً السلطات السعودية بتسليم جثة خاشقجي إلى عائلته إن لم تكن قد أُحرقت.
وأضاف "لو" مخاطباً السعوديين: "كفاكم كذباً على الكونغرس وعلى الشعب الأمريكي، كثيرون منا سيبقون هنا عندما يغادر مستشار وصهر ترامب جاريد كوشنر".
وتخلفت إدارة ترامب عن موعد نهائي في فبراير الماضي، لتقديم تقرير إلى الكونغرس بشأن المسؤول عن مقتل خاشقجي.
وقدَّم خمسة مشرعين ديمقراطيين في مجلس الشيوخ، الأسبوع الماضي، مشروع قانون يطلب من أجهزة الاستخبارات تسليم تقرير إلى الكونغرس يحدد أسماء مَن أمر ومن نفذ الاغتيال، خلال موعد أقصاه ثلاثون يوماً.
جدير بالذكر أنه منذ اغتيال خاشقجي، تشير جميع الأدلة في مسرح الجريمة والتحقيقات التركية، وعدد من أجهزة الاستخبارات الدولية ومن ضمنها الأمريكية، إلى تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومسؤولين كبار بالدولة في الجريمة.
وفي منتصف فبراير الماضي، كشف تقرير للأمن التركي عن وجود بئري ماء، وفرن من الطين يمكن إشعاله بالحطب والغاز، وذلك في إشارة إلى إمكانية حرق جثة خاشقجي، حسب وكالة "الأناضول" التركية.
ووفق "الأناضول"، يمكن رفع حرارة الفرن إلى 1000 درجة، في حال استخدام الحطب والغاز معاً لإشعاله، وهكذا يتم إخفاء آثار الحمض النووي (DNA) تماماً.
العملية تمت بمشاركة خبير الطب الشرعي السعودي، صلاح محمد الطبيقي (47 عاماً)، وهو أحد أفراد فريق الاغتيال الذي دخل مبنى القنصلية يوم الجريمة، ويتمتع بقدرات علمية تمكّنه من كشف آثار الحمض النووي في العظام المحروقة والمتعفنة.
وفي شهر نوفمبر 2018، كشفت أبحاث السلطات التركية أن جثة خاشقجي أُذيبت في برميل من حمض الهيدروكلوريك، وتم تصريف ما تبقّى منها في منظومة الصرف الصحي، حيث وجدت الشرطة آثار الحمض في قنوات الصرف المتفرعة عن منزل القنصل السعودي في إسطنبول، حيث تم التخلص من الجثة بعد نقلها مقطَّعة في حقائب سوداء من القنصلية.
تزامن ذلك مع إعلان النائب العام السعودي أن جثة خاشقجي تم تقطيعها، بعد قتله خلال شجار وحقنه بمادة قاتلة، وأن 5 متهمين أخرجوا جثته من القنصلية بعد تجزئتها.