أكد الباحث الجامعي المختص في العقار، الدكتور رشيد سملالي، أن الورش الملكي الرامي لتعبئة الأراضي الفلاحية البورية التابعة للجماعات السلالية من شأنه إدماج هذا النوع من العقار في منظومة التنمية التي يشهدها المغرب. وأضاف الباحث الجامعي، في حديث مع وكالة المغرب العربي للأنباء، أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس حرص في خطاب افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة على جعل تمليك الأراضي الجماعية البورية مرفوقا بشروط محددة تجمع بين الإنجاز الفعلي للمشاريع، والحد من التجزئة المفرطة للاستغلالات الفلاحية، وتوفير المواكبة التقنية والمالية المطلوبة.
وأوضح أن "الخطاب الملكي هو لبنة إضافية في تفعيل السياسة العقارية العامة التي تنهجها المملكة، والتي تقوم على الرسالة الملكية الموجهة في دجنبر 2015 إلى المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية، التي تعتبر وثيقة مرجعية، جاءت بحمولة قانونية وسياسة وازنة ومختصرة ودقيقة، شاملة ومتكاملة، تقترح توجهات كبرى وترسم منهجية عمل وتحدد وسائل الاشتغال".
وقال الباحث الجامعي إن الرسالة الملكية "أعطت أهمية كبيرة للعقار الجماعي الذي ساهم بشكل فعال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب"، معتبرا أن القرار الملكي الأخير يسير في هذا الاتجاه من خلال سعيه إلى إدماج هذا العقار "في منظومة التنمية، من خلال تمكين ذوي الحقوق المستفيدين من التمليك من المواكبة التقنية لضمان نجاح المشاريع، ما من شأنه تحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي لذوي الحقوق".
وبعد أن ذكر بأن ظهير 1969 كان قد فتح الباب أمام تمليك الأراضي الجماعية الواقعة ضمن دوائر الري، وهي العملية التي تسارعت بعد المرسوم الحكومي لعام 2016، الذي ذلل مجموعة من العراقيل، وكذا بفضل المساهمة الفعالة لوزارة الداخلية والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، اعتبر أن توسيع نطاق التمليك ليشمل الأراضي البورية يرجع بالأساس إلى الأهمية التي يكتسيها العقار الجماعي في المجال الفلاحي، بعدما ساهمت أراضي الجموع بشكل فعال في التنمية الاقتصادية ودعم النمو العمراني.
ونوه سملالي بأن "الخطاب الملكي لم يأت بقرار سياسي جاف فقط، بل تضمن أيضا مجموعة من الإجراءات، التي يمكن اعتبارها خارطة طريق لتفعيله بشكل سلس"، موضحا في هذا الصدد بأن جلالة الملك شدد على أنه "على غرار ما يتم بخصوص تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري، فإنه أصبح من الضروري إيجاد الآليات القانونية والإدارية الملائمة لتوسيع عملية التمليك لتشمل بعض الأراضي الفلاحية البورية لفائدة ذوي الحقوق".
بخصوص الإجراءات العملية لإنجاح عملية التمليك، أبرز أن السمة الغالبة على مختلف التعليمات السامية المتعلقة بالعقار تنص على ضرورة احترام الإطار القانوني إن كان موجودا، أو العمل على إيجاد إطار قانوني جديد يلائم التطورات التي شهدتها المملكة.
في هذا السياق، اعتبر أن الخطاب الملكي ينص صراحة على ضرورة إيجاد الإطار القانوني الكفيل بتفعيل الإجراء المتعلق بتمليك الأراضي البورية لفائدة ذوي الحقوق، وذلك من خلال تعديل ظهير 1919 الذي ينظم هذا النوع من الأراضي.
وشدد على أن المتتبعين والمتخصصين في العقار يأملون في أن يتجاوز "التعديل كل الإكراهات القانونية والعملية التي تعترض مسطرة تمليك الأراضي الجماعية في دوائر الري على سبيل المثال، خاصة ما يتعلق بالأداء"، معتبرا أن "إقرار مبدأ المجانية سيساهم في تقليص وتيسير مسطرة التمليك، ما سيضمن إنجاح هذا الورش".
ولحل إشكالية توفر الموارد البشرية المتخصصة في العقار، اقترح الباحث الجامعي، الدكتور رشيد سملالي، إحداث "أكاديمية للتكوين في المهن العقارية"، والتي من شأنها أن تعمل على تكوين أطر كفأة ومؤهلة في المجال، التي يمكن أن تشتغل بعدد من الوزارات والإدارات العمومية المكلفة بتدبير الملك العمومي (المياه والغابات، الأوقاف، الداخلية، المحافظة العقارية ..) أو في القطاع الخاص، إلى جانب دعم الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية لتبسيط المساطر.