في واقعة تكشف ربما عن سلوكه وسياساته غير المدروسة، فجرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية قنبلة من العيار الثقيل بعد كشفها عن السجل الطبي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي أكد أنه عولج من "الصرع" في ألمانيا وهو في سن المراهقة، بالإضافة لمعاناته من اضطرابات نفسية. وقالت الصحيفة البريطانية إن هذا التاريخ الطبي ل"ابن سلمان" ربما يكون وراء تقرير غريب صدر في العام 2015 من جهاز الاستخبارات البريطانية m16 حذر فيه من تغيير أجيال القيادة السعودية، كما حذر التقرير من تركز السلطة بيد محمد بن سلمان، الذي كان وزيراً للدفاع آنداك ونائباً وولياً لولي العهد ثم ولياً للعهد في طريقه للصعود إلى عرش المملكة، مؤكدة في الوقت ذاته أنه سيكون زعيماً على غرار الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، في حال أصبح ملكاً للسعودية، على حد تعبير التقرير.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذا التقرير والتحذير كان غريباً لما تتمتع به بريطانيا من علاقات تجارية قوية مع السعودية، والتي تعتبر أحد أهم مشتري السلاح البريطاني، ولكن يبدو أن وكالة الاستخبارات البريطانية كانت لديها أدلة على ما تقول.
وأوضحت، أن أحد المصادر في الخليج أبلغها أن المخابرات البريطانية كانت قد حصلت على تقرير طبي لمحمد بن سلمان، حيث عولج من الصرع في ألمانيا أيام مراهقته، وأن هناك قلق بشأن حالته الذهنية، وهو ما دفع المانيا أيضا لإصدار تحذير مماثل.
وقالت الصحيفة إن المخابرات الألمانية كانت قد حذرت هي الأخرى من طموحات بن سلمان في تقرير سري لها، وأنه يطمح للوصول إلى عرش المملكة، خاصة في ظل إصابة والده، الملك سلمان، بمرض الزهايمر.
وبحسب الصحيفة، فإن كل هذه الأسباب جعلت الدول الغربية تنظر بحذر لمحمد بن سلمان، بل إن المخابرات الأمريكية حذرت من شن ولي العهد السعودي مقامرة عسكرية.
وشددت الصحيفة على أن شخصية "ابن سلمان" أثارت القلق في الكويت، موضحة أن البعض يطلق عليه لقب "صدام الصغير"، في إشارة إلى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي قام بغزو الكويت عام 1990، حيث أن هناك خشية حقيقة لدى قطاع كبير داخل الكويت من أن يكرر بن سلمان ما فعله صدام حسين ويقوم بغزو الكويت.
واعتبرت الصحيفة أن قلق دوائر الاستخبارات الغربية من وصول "ابن سلمان" إلى السلطة في السعودية كان حقيقاً، فلقد شن بن سلمان حرباً في اليمن، مازالت مستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات أدت إلى مقتل قرابة 10 آلاف شخص بينما هناك نحو 11 مليون يمني يعانون من الجوع.
وفي نونبر الماضي قام محمد بن سلمان باحتجاز رئيس وزراء لبنان سعد الحريري، كما قام بحملة اعتقالات شملت العشرات من رجال الأعمال والأمراء، كما خطط لغزو قطر المجاورة، قبل أن يضطر لمحاصرتها فقط، في وقت تعلن فيه وسائل الإعلام السعودية عن نيتهم لعزل قطر وجعلها جزيرة.
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن قرار ولي العهد السعودي بحصار قطر أدى لانقسام كبير في دول مجلس التعاون الخليجي، فبينما تؤيد الإمارات والبحرين هذا الحصار وتشارك فيه، فإن الكويت وعُمان تعارضانه.
ولفتت الصحيفة النظر إلى أن جمال خاشقجي الصحفي السعودي الذي قُتل في القنصلية السعودية بإسطنبول، كان من معارضي حصار قطر، كما شكك بإصلاحات محمد بن سلمان وبرنامجه الاقتصادي.
ووصفت الصحيفة العواقب الدبلوماسية التي تعرضت لها السعودية جراء سياسة "ابن سلمان"، وخاصة عملية قتل خاشقجي داخل القنصلية، بالوخيمة، مبينة أن الأنظار تتجه نحو الولاياتالمتحدةالأمريكية لمعرفة ما الذي يمكن أن تتخذه تجاه السعودية وولي العهد محمد بن سلمان، خاصة بعد أن بات بحكم المؤكد أن الصحفي السعودي قتل داخل القنصلية، وربما فعلاً، بحسب التسريبات التركية، وتسريبات وكالة الاستخبارات الأمريكية، يكون محمد بن سلمان نفسه ضالعاً بالعملية من خلال إعطائه أوامر مباشرة بتصفيته.
من جهته، قال الكاتب والمؤرخ البريطاني مايكل بيرني في مقال نشرته "ميل أون صانداي"، إن طريقة وفاة الصحفي السعودي جمال خاشقجي تعكس سياسة بن سلمان تجاه معارضيه. وتفيد التقارير الصادرة عن وسائل الإعلام التركية أن فريق القتلة الذي أرسله ابن سلمان إلى قنصلية السعودية في تركيا، عمل على قطع أوصال خاشقجي حيا. وعلى الرغم من طليها حديثا، تُظهر جدران القنصلية آثارا لدماء الصحفي المُغتال.
وأضاف بيرلي، الذي يشغل منصب أستاذ جامعي في عدد من الجامعات الإنجليزية، إنه من المرجح أن يؤدي بحث رئيسي إلى الكشف عن وجود رفات خاشقجي في غابة اسطنبول.
وفي شأن ذي صلة، صرح رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني السابق، جون سويرز، أنه:" لا يوجد سبب قادر على تبرير الوحشية التي تم اعتمادها في جريمة القتل. لقد كان هذا الاغتيال أمرا صادرا عن ولي العهد والحاكم الفعلي للمملكة، محمد بن سلمان".
وأفاد الكاتب مايكل بيرني أن خاشقجي كان يدير نظام رسائل مشفرة على الإنترنت يدعى "جيش النحل"، الذي كان يضم ثلة من المفكرين والمعارضين من داخل المملكة وخارجها، كما كان الصحفي السعودي ينشر مقالاته في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية. نتيجة لهذا النشاط الإلكتروني، اتخذ ابن سلمان قرارا بتصفية خاشقجي.