قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني إنه بالرغم من الحصيلة الإيجابية لاتفاقيات التبادل الحر، فإن الميزان التجاري لبلادنا يعاني من عجز هيكلي لا يمكن الجزم بكونه مرتبط بهذه الاتفاقيات، بل بعوامل أخرى تتعلق أساسا بالحجم الكبير لواردات بلادنا وبنيتها التي تتكون أساسا من مواد التجهيز والمواد نصف المصنعة ارتباطا بالاستثمارات في إطار الأوراش التي تعرفها بلادنا، وكذا الطاقة والحبوب التي لا يمكن الاستغناء عنها، وهي معرضة لتقلبات الأسعار في السوق الدولية. وأضاف العثماني، خلال جلسة الأسئلة الشهرية الموجهة له بمجلس المستشارين، قائلا،" إننا واعون أن هناك نقاط ضعف يجب معالجتها. كما ندرك أن المخاطر، رغم انخفاضها، إلا أنها تظل كبيرة، ومن جملتها ضعف النمو في منطقة اليورو، ارتفاع أسعار الطاقة العالمية الناتجة عن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وتقلب الأسواق المالية العالمية، والتي من شأنها أن تؤدي مباشرة إلى زيادة في أسعار الفائدة وتكلفة التمويل وإلى انخفاض غير مباشر في الطلب الخارجي والاستثمار الأجنبي المباشر. كل هذا يحتم علينا أن نبقى يقظين وحريصين على تتبع الوضعية وإعداد الحلول الملائمة لتقلبات السوق الدولية".
واستطرد رئيس الحكومة بالقول "من الدروس الأساسية التي ينبغي استخلاصها انطلاقا من تقييم اتفاقيات التبادل الحر أن هذه الأخيرة لوحدها لا تكفي لتطوير الاقتصاد الوطني، وإنما يبقى من الضروري اعتماد رؤية متكاملة للنهوض بالتجارة الخارجية تترجم على أرض الواقع من خلال سياسات قطاعية مندمجة تهم تطوير وتنويع العرض التصديري والرفع من القيمة المضافة لمنتجاتنا، وتنويع الأسواق الخارجية وتبني خطة مندمجة ومتقدمة لترويج العرض التصديري الوطني".
أما فيما يخص التدابير المتخذة لتفادي انعكاسات اتفاقيات التبادل الحر على النسيج الاقتصادي والمقاولاتي وعلى المنتوج الوطني تعمل الحكومة حسب العثماني على اتخاذ جملة من التدابير ذات الطابع العام المثمثلة في وضع آليات جديدة لتتبع تطبيق هذه الاتفاقيات والتقييم المستمر لنتائجهاومواصلة الجهود والتعاون مع البلدان المعنية من خلال اللجان الثنائية المشتركة ولجان تتبع الاتفاقيات التجارية، لرفع الحواجز غير الجمركية والعوائق التقنية في وجه صادرات المقاولات المغربية وتكثيف وسائل دعم ومواكبة عرض وتنافسية المنتوج الوطني القابل للتصدير من خلال دعم المقاولات في تنمية أنشطة التصدير، وكذا الرفع من وتيرة الجهود الرامية لترويج المنتجات المغربية في أهم الأسواق الدولية؛
كما أنه من بين هذه الإجراءات تحسين جاذبية بلادنا للاستثمارات الأجنبية عبر تسريع مختلف السياسات القطاعية بما فيها السياسة الصناعية والسياسة الطاقية والسياسة الفلاحية، وكذا العمل على الرفع من درجة استفادة النسيج الاقتصادي الوطني من هذه الاستثمارات عبر تشجيع تحويل التكنولوجيا المرتبطة بها واندماج النسيج الإنتاجي الوطني و تحسيس الفاعلين حول مزايا اتفاقيات التبادل الحر وفرص التصدير التي توفرها، خاصة أن التقييمات المنجزة أبانت بأن الهوامش التفضيلية المتضمنة في هذه الاتفاقيات لا يتم استغلاها إلا بصفة جزئية.